دموع التماسيح في المقاطعة: سمدار بيري
أحد لا يضغط حقاً على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كي ينشر شجباً لعملية الدهس التي وقعت في نهاية الاسبوع. ففي الطرف الاسرائيلي بات منذ زمن بعيد لا شريك وغير ذي صلة. وفي الطرف الفلسطيني، حيث يعتبر المخرب الداهس «بطلاً»، فإن خطوة كهذه لن تمر. فبعد كل شيء، لا يأتي التنسيق الأمني الفلسطيني ليقوم بعمل المخابرات الاسرائيلية .
وبينما يسكب أبو مازن، تلقينا أمس، في توقيت غريب، دموع التماسيح من صائب عريقات على الأزمة الإنسانية في غزة. فاليد اليمنى للرئيس لم ينتعش بعد من محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله في غزة. عريقات، مثل أبو مازن، يعرف ان قيادة حماس تستخف بمؤسسات الحكم في رام الله. ومع ذلك، فإنه يصر على المطالبة بالاعتذار عن أزمة الفقر والبطالة لسكان القطاع، وآثارها الخطيرة. وعريقات هو الآخر لا يلمس، عن قصد، تحريض حماس.
في حارتنا، لا يولد أي شيء صدفة: لا عملية الدهس ولا المزايدة الاخلاقية غير المقنعة من جانب عريقات. فالصورة أكثر تركيبا بكثير: بعد يومين سيسير ولي العهد السعودي على الابسطة الحمراء في واشنطن في الطريق إلى اللقاء مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض. وجاء الأمير محمد بن سلمان إليه جاهزاً. فهو يعرف ما ينتظرون منه، وعما سيتحدث بالضبط. فالطرفان يدعيان بإن العلاقات لم يسبق أن كانت أوثق مما هي بين الرياض وواشنطن.
لقد أعد سلمان فروضه المنزلية: سافر إلى مصر وربط الرئيس السيسي برؤياه الاقتصادية، بل وأخرج من الجيب مئات ملايين الدولارات. الرياض والقاهرة تتجاوزان أبو مازن في الانتظار للزعيم الذي سيأتي بعده. وكذا في حقيقة أنه قفز ـ عن قصد ـ عن الاردن يوجد قول ما: سلمان لن يسحب المحفظة إلى أن ينقطع الملك عبدالله عن أردوغان، يكف عن الغمز لإيران، ويتبنى «صفقة القرن» لحل النزاع في الحارة. وكما يبدو هذا في الايام الاخيرة، يرفض ملك الاردن الاعلان عن فك الارتباط عن التزامه بحل مكانة الاماكن المقدسة في القدس.
أما ترامب فليس واضحا أي مكان يحتل عنده الموضوع الفلسطيني. فحسب التقارير، استدعي رئيس أجهزة المخابرات في رام الله، ماجد فرج، على عجل إلى الرياض، وتلقى من رئيس أجهزة الاستخبارات السعودية المسودة غير النهائية لـ «صفقة القرن» الاقليمية التي يعدها الرئيس الأمريكي: 35 صفحة ترسم الدولة الفلسطينية المستقبلية في حدود مؤقتة على نصف أراضي الضفة، تؤجل النقاش في مكانة شرقي القدس إلى موعد غير محدد، تقترح حلولا موضعية وانسانية فقط في قضية حق العودة للاجئين. والأساس: تشدد الخطة على أن صفقة القرن لترامب ستنفذ مع أو بدون موافقة فلسطينية. معهم أو بدونهم. بالضبط مثلما قال الرئيس الأمريكي في أيامه الاولى في البيت الأبيض: لإذا أرادوا، فليأخذوا، وإذا لم يريدوا، فسنتدبر أمرنا بدونهم.
تسعى صفقة ترامب لخلق كتلة في الحارة معتدلة في مواجهة اردوغان، في مواجهة حماس وبالاساس في مواجهة إيران. فبعد أن أُزيل لغم تلرسون، تأخذ السعودية الخيوط، وعبدالله ملك الاردن بالذات يستعرض العضلات. السيسي فرغ لحظات باهظة من حملته الانتخابية للرئاسة، واستدعى اليه رئيس الوزراء الاردني، هاني الملكي. في أعقاب اللقاء، يبدأ قصر الملك بإعادة حساب المسار وبعد لحظة ستلغى اتفاقات التجارة الحرة مع تركيا.
كما يبدو، فإن اسرائيل توجد عميقا في الصورة: نتنياهو لن يتفاجأ من الاتفاقات، وبالاساس الاتفاقات التي لن تكشف، بين ترامب وولي العهد السعودي. ينبغي فقط لجمه في موضوع المخططات النووية. أيران ليست ذريعة. حين يكون العالم لم يقرر بعد سلمان نعم أم سلمان لا، فان العالم لا يمكنه أن يسمح لنفسه أن يدخل الملك التالي للسعودية في مغامرات خطيرة.
يديعوت