مع سورية أمس واليوم وغدا
غالب قنديل
ثمانية أعوام مضت على حرب وحشية مدمرة ضد سورية حشد فيها حلف عالمي يضم عشرات الحكومات بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وشاركت بفاعلية وبجميع قدراتها المالية والسياسية والإعلامية والمخابراتية والعسكرية حكومات دول الناتو وخصوصا فرنسا وبريطانيا وحكومات إسرائيل وقطر والسعودية والهدف المركزي كان تدمير سورية والتخلص من دورها المحوري القومي التحرري وإسقاط فرص نمو هذا الدور وتعاظمه في جميع المجالات والميادين.
يعرف حلف العدوان طاقة السورية العظيمة اقتصاديا وعلميا وعسكريا وشبكة تحالفات سورية الواسعة مع قوى الشرق الصاعدة وثباتها الصلب على مبادئها ونجاحها في فضح خطط وأفخاخ المحور المعادي طيلة عقود وهو يستهدفها لذلك ولكونها كانت منذ أربعة عقود القوة الصامدة في وجه خطط الإخضاع الأميركية الصهيونية والدولة الحاضنة والمساندة لحركة المقاومة في لبنان وفلسطين التي أسقطت خرافة التفوق الصهيوني.
الحرب على سورية استهدفت تغيير البيئة الإقليمية التي جعلت حياة الكيان الصهيوني صعبة والتي حققت حجما نوعيا للمحور الإيراني السوري الفلسطيني اللبناني المقاوم في المعادلات والتوازنات والوسيلة التي تم اعتمادها هي تجنيد جماعات الإرهاب والتكفير والسعي لإغراق سورية والمنطقة في حمامات دم وحرائق لا حد لها تمهيدا لتحريك مبادرات سياسية تكرس الاستسلام للهيمنة الصهيونية وتصفية قضية فلسطين نهائيا.
ملحمة الصمود السوري أسقطت اوهام الحلفاء والأصدقاء الذي جرفتهم في البداية إيحاءات الضجيج الغربي عن الديمقراطية وجعلتهم يدركون حقيقة المخطط المعادي الذي يستهدفهم من خلال استهدافه لسورية وبعدما تحملت سورية وحيدة بدماء شعبها وجيشها كلفة التصدي للعدوان الذي ادارته غرف عمليات أقيمت في اسطنبول والرياض والدوحة وباريس بقيادة مدير المخابرات المركزية الأميركية بدأ الحلفاء والأصدقاء يكتشفون الوقائع ويطورون من مواقفهم التي تأخرت لمدة غير قصيرة من الزمن رفعت على سورية كلفة الصمود والمقاومة ضد عدوان عالمي حشدت فيه إمكانات خرافية ماليا وتقنيا وإعلاميا وعسكريا ومخابراتيا وكان التضليل والتلفيق الإعلامي غلافه التسويقي الخطير.
قدمت سورية بصمودها فرصة الوعي والمبادرة لحلفائها في روسيا والصين وإيران وجميع الدول والقوى المتمردة على الهيمنة الأميركية في العالم وقد شرع الحلفاء من المراحل الأولى يحصدون ثمار الصمود السوري وانعكاسه القوي والسريع على التوازن العالمي وهكذا طوروا مبادراتهم في الدعم والمساندة بما يناسب حجم التدخلات المعادية ورغم تأخرهم في ذلك لكنهم التقطوا فرص تعديل التوازنات الإقليمية والدولية وتوليد دينامية تغيير في البيئة الاستراتيجية.
نجح الرئيس بشار الأسد في بلورة معادلات شراكة اقتصادية واستراتيجية وسياسية مع الحلفاء انطلاقا من الميدان السوري وقد ادار العلاقة مع الحلفاء بصبر وبحكمة وصولا إلى الشروع الجدي في بلورة تكتل شرقي تحرري يتحلق حول سورية وصمودها وينهض انطلاقا منها وهو ما جعل القلعة السورية منطلق التغيير العالمي الوشيك.
نحن منحازون لهذه السورية شعبا وجيشا ودولة وطنية ورئيسا وإعلاما وبكل وضوح كما كنا معها بالأمس كقلعة مقاومة صلبة ترفع راية العروبة وحيدة وكما نحن معها اليوم بوصفها القلعة التي تصد أعتى عدوان استعماري صهيوني رجعي وترفع راية الاستقلال والتحرر والعروبة وفلسطين سنكون مع هذه السورية غدا من اجل نهضة قومية متجددة ومن اجل مسيرة الاستقلال والتحرر والقضاء على الهيمنة الأميركية في العالم بالشراكة مع قوى الشرق الجديد روسيا والصين وإيران وجميع الدول والشعوب التواقة للتخلص من الهيمنة الأميركية القبيحة التي تكبل العالم بأسره وتنهب الثروات وتسيطر على الأسواق وتنشر الحروب وعصابات الإرهاب في كل مكان.
سورية التي استهدفت بأبشع حصار دولي وإقليمي وفرضت على شعبها واقتصادها عقوبات أميركية غربية وعربية بغيضة وسورية التي غدرت بها دول عربية رجعية لم توجه إليها سورية أي طعنة في تاريخها بل كانت على الدوام تتلقى الطعنات وتسامح وتقدم اولوية التضامن في الجامعة العربية ومؤسساتها من اجل المشتركات الممكنة وخصوصا ما يتصل منها بقضية فلسطين التي تورطوا في خطة ذبحها بأوامر اميركية فأشهروا خناجرهم في وجه سورية وأرسلوا جيوش العملاء والمرتزقة وجمعوا أوباش التكفير من انحاء العالم ليخربوا سورية ويدمروا اقتصادها وليمنعوا نهضتها الواعدة.
حيث تستهدف سورية نفتش عن إسرائيل كما علمنا التاريخ وهذه المرة جاءت الوقائع تؤكد هذا القانون وتلك العبرة التي فضحتها الأحداث وكشفتها فصول العدوان فعصابات الأخوان المسلمين وزمر التكفيريين ومجموعات عملاء الغرب بأقنعة ليبرالية وديمقراطية كل هؤلاء ظهروا في الحضن الإسرائيلي يتلقون الدعم الإعلامي والعسكري والمخابراتي بل ويتقاضى بعضهم الموازنات والرواتب من جهات صهيونية عدا عن مساهمات مجموعات الضغط الصهيوني في بلدان الغرب الاستعماري في رعاية عشرات المؤتمرات والتحركات المعادية للدولة السورية.
الحكومات الرجعية العميلة المتآمرة على سورية تناغمت ونسقت مباشرة مع الكيان الصهيوني في العدوان على سورية وقد تولت الحكومة الأردنية دور حلقة الوصل بين تل أبيب وكل من الرياض والدوحة واسطنبول بمعونة واشنطن وباريس ولندن والهدف المشترك دائما هو النيل من سورية العروبة والمقاومة.
أحداث السنوات الثماني تزيدنا تمسكا بموقفنا القومي إلى جانب سورية المقاومة بقيادة الرئيس بشار الأسد الزعيم التحرري العروبي صاحب المشروع القومي الحضاري التقدمي ونقول بكل اقتناع وبحزم إن الموقف من العدوان على سورية هو حد الفرز والتمييز بين الوطنية الحقة وشبهة العمالة والرجعية والارتزاق ونقطة على السطر.