بقلم غالب قنديل

زاهر الخطيب مرشحا

غالب قنديل

يذكر معظم اللبنانيين محطة هامة في مسيرة زاهر الخطيب البرلمانية هي خطابه ضد اتفاق 17 أيار داخل مجلس النواب وصوته الصارخ ضد الاتفاق “باسم المقاومين ” مع رفيقه الشجاع نجاح واكيم وما لا يعرفه الناس على نطاق واسع ان زاهر الخطيب كان يومها يتحدى قبل دخول القاعة تهديدا بالاغتيال على درج قصر منصور المقر المؤقت للبرلمان حيث وقف لدقائق ودخن سيجارته كما قال للمسؤول الأمني الذي نقل إليه التهديد.

يذكر اللبنانيون قبل الحرب صور زاهر الخطيب في كفرشوبا وكفركلا وعيترون وبنت جبيل بعد الاعتداءات الصهيونية المتكررة داعيا الدولة لإقامة الملاجئ والتحصينات ولتسليح الجنوبيين للدفاع عن أرضهم مطالبا بسياسة دفاعية وطنية تحرك الجيش اللبناني إلى واجب التصدي للعدو كما يذكرونه مناصرا ومشاركا للطلاب وللعمال والمزارعين والمعلمين في تحركاتهم واعتصاماتهم وإضراباتهم وتظاهراتهم.

يذكر اللبنانيون عن زاهر الخطيب انه عارض حكومات الرئيس الراحل رفيق الحريري ولكن لا يعرفون ان الخطيب رفض بعد الطائف عروضا سعودية سخية للالتحاق بالحريرية ولاحقا رفض محاولات من عبد الحليم خدام في دمشق لإغرائه وثنيه عن مواقفه الاعتراضية التي قاوم بها المشروع الإعماري ونهج المديونية والمحاصصة الذي خرب البلد وقد لحق بالمسؤولين السوريين الذين استهدفوه غضب شديد من الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما قاد خدام مؤامرة ضد زاهر الخطيب استجابة لرغبة الحريري ووليد جنبلاط لإقصائه عن البرلمان في الانتخابات النيابية عامي 1992 و1996.

في جميع جلسات مناقشة الموازنات الحكومية كانت خطابات زاهر الخطيب تتضمن عرضا لتحليل رصين ونقد منهجي وعلمي مسند بالأرقام والوقائع ولم يستطع أي من اعضاء الحكومات ومحازبيها ان يرد عليه فعليا وهو حذر مبكرا من لعبة لحس المبرد عبر حلقة الديون ومن تبعات النهج الريعي المدمر ومن المحسوبية والمحاصصة والفساد والهدر ومن ظاهرة الرواتب الموازية التي أسست لفساد كبير في الإدارة العامة ورغم ما نعت به الحريريون مواقف الخطيب بالحدية والقسوة فالميزة التي لم ينكرها الرئيس الراحل الحريري نفسه هي نأي زاهر الخطيب عن الشتيمة والتشهير الشخصي ورقي تعبيره السياسي المهذب عن معارضته المبدئية.

لعل في الاختلاف السياسي مع الرئيس رفيق الحريري حول نهجه الاقتصادي الاجتماعي ما يفسر رغبة الحريري بمحاصرة زاهر الخطيب والسعي لإقصائه ومحاصرة جمهوره ومنطقته على صعيد الخدمات والتعيينات التي يعتبرها الخطيب حقا مشروعا بالتساوي لجميع المواطنين وفقا للدستور وللقوانين العامة اما عن تصميم وليد جنبلاط على محاربة زاهر الخطيب فلهذه المسألة ذاكرة قد لا تعرفها الأجيال الشابة في الشوف وعالية الدائرة التي يخوض فيها الخطيب حاليا منافسة قاسية.

الافتراق مع جنبلاط بدأ من سنوات غير قليلة وليس فحسب نتيجة للاختلاف مع الحريرية ومشروعها بل اولا واساسا كنتيجة للمذابح والتهجير ضد المواطنين المسيحيين في قرى وبلدات الجبل وهو نهج رفضه الخطيب وادانه وقاومته رابطة الشغيلة منذ حرب السنتين عندما أرسل زاهر الخطيب مرافقيه على رأس مجموعة من رفاقه في رابطة الشغيلة إلى كنيسة عين الحور لمنع مذبحة كانت توشك مجموعات حزبية على ارتكابها وقد استشهد يومها من الرابطة كل من المناضل احمد اليمن من حي الطمليس في بيروت وابن كفرمتى المناضل مروان الديب كما ادان الخطيب وبشدة مذبحة الدامور ورفض التبريرات التي عرضتها احزاب الحركة الوطنية وفصائل منظمة التحرير وقد كان الخطيب مع رفاقه على رأس الدعوة لضربة رادعة بأفق غير طائفي لإنهاء التقسيم واستشهد شقيقه ظافر مؤسس الرابطة خلال الإعداد لعملية كبرى في هذا الاتجاه مع مجموعة من القوى الوطنية الجذرية وكما رفض الخطيب الممارسات الطائفية رفض المساكنة مع الاحتلال الصهيوني ورفع شعار فتح الجبهات للقتال امام المقاومين ضد الاحتلال عندما كانت الترتيبات الأمنية ومواكبة دوريات العدو سارية في إقليم الخروب والجبل وهو دعا علنا لفتح جبهة باتر جزين امام المقاومين بينما نفذ رفاقه عددا من العمليات ضد العدو بالشراكة مع مقاومين آخرين داخل الإقليم وعلى طريق الساحل.

زاهر الخطيب ثابت في موقفه ضد الفساد والمحاصصة والخصخصة ولديه برنامج للإصلاح الإقتصادي والإداري والسياسي وهو من فرض باسم القوى الوطنية في مؤتمر الطائف البند الذي نص على إلغاء الطائفية السياسية والذي تحول إلى نص دستوري في المادة 95 من الدستور اللبناني وقد لخص لي رئيس حزب الكتائب الأسبق المرحوم جورج سعادة النقاشات حول هذا البند بالقول : “تحول المؤتمر إلى مناقشة صعبة بيني وبين الأستاذ زاهر ولما تفاهمنا على المبدأ قال معظم المشاركين إن المؤتمر انتهى وتنفسوا الصعداء”.

اليوم يخوض زاهر الخطيب معركته الانتخابية باسم المقاومين واللبنانيين جميعا باسم الوحدة الوطنية ومشروع بناء الدولة والمؤسسات وللتخلص من النظام الطائفي الريعي وباسم العودة الناجزة للمهجرين الذين كان على الدوام صوتهم ضد الفجور والاستباحة والتجيير السياسي وضد العصبيات الطائفية والمذهبية التي تمزق اللبنانيين فهو على الدوام صوت الوحدة الشعبية.

هي معركة تنتظر كل من ينتدب نفسه لأمل التغيير الذي كان الحاضر الدائم في مسيرة هذا المناضل منذ ان عرفته اجيال متلاحقة من شعبه وأعجبت بشجاعته وجرأته متظاهرا ومقاتلا وبرلمانيا زاهدا بالمناصب وبالثروات والمكاسب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى