الصين: تعديل الدستور لمواجهة تحديات احتدام المواجهة مع الولايات المتحدة: حميدي العبدالله
قرّرت الصين تعديل دستورها الحالي للسماح لأيّ رئيس صيني أن يجدّد ولايته لأكثر من مرتين. الغرب وجد في هذا التوجه رغبة في إبقاء الرئيس الصيني لفترة طويلة، أو رئيساً مدى الحياة .
بديهي أنّ الغرب لا ينظر بارتياح إلى هذا الإجراء لأنه يتعارض مع تقاليد الديمقراطية الغربية، فالغرب يقيم علاقات طيبة مع دول ليس فيها دساتير ولا انتخابات وتتوارث السلطة أباً عن جدّ مثل بعض الأنظمة الملكية، ويرى أنّ هذه الأنظمة حليفة له، ولكنه لا يتحدث عن الاختلاف في القيم بين الغرب وهذه الأنظمة طالما أنها حليفة له، لكن أيّ إجراء في الصين أو أيّ دولة، ترفض سياسة التبعية للغرب، كان دائماً مثار تشكيك من قبل الحكومات الغربية، وتسعى دائماً للإساءة إلى هذا الإجراء ووصفه بأوصاف قد لا تكون هي الدافع لاعتماد هذا الإجراء.
على أية حال لا يمكن فصل هذه الخطوة من قبل الصين عن ما تشهده العلاقة بين الصين والولايات المتحدة. فاستراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي اعتمدت هذا العام، وضعت الصين وروسيا في المرتبة الأولى لجهة الخطر الذي يتهدد الولايات المتحدة والأمن القومي الأميركي، وأشارت هذه الاستراتيجية بصراحة إلى «التنافس» الذي تمثله الصين في مواجهة الولايات المتحدة، والمقصود بالتنافس بالدرجة الأولى التنافس التجاري والاقتصادي، على الرغم من أن الصين من أكبر شركاء الولايات المتحدة على هذا الصعيد. لكن الولايات المتحدة، سواء في ظل هذه الإدارة أو في ظل إدارة باراك أوباما، ترى أن الصين هي التهديد الأكبر للولايات المتحدة، لأن الولايات المتحدة لا تزال تسعى إلى الهيمنة على اقتصاد العالم وفرض علاقات تخدم المصالح الأميركية وتجاهل مصالح الشركاء الآخرين، ولعل عودة الولايات المتحدة من جديد للحمائية التجارية وعرقلة الاستثمارات الخارجية داخل الولايات المتحدة، ورفع شعار «أميركا أولاً» هي التي تفسر وجهة العلاقة بين بكين وواشنطن.
يتوقع أن يخرج الصراع بين الولايات المتحدة والصين من نطاق الحرب الكلامية إلى تبادل التحديات والإجراءات المضادة على صعيد كثيرة، اقتصادية وسياسية وحتى عسكرية في ضوء ما يجري في بحر الصين.
إنّ متطلبات الصراع بين الصين والولايات المتحدة تفرض ترتيبات صينية داخلية تختلف عن تلك التي كانت قائمة في ظلّ علاقات التعاون والتي قامت منذ عقد الثمانيات بين البلدين. والأرجح أن تعديل الدستور الصيني يأتي في هذا السياق لتلبية هذه المتطلبات.