الثامن من آذار: المرأة وسورية أسماء الأسد ونبيه بري: ناصر قنديل
– في هذا اليوم تحتفل سورية بذكرى ثورة البعث ويحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، وليست صدفة أن تكون سورية بين الدول العربية في المرتبة الأولى في الحرب والسلم، حيث للمرأة مكانتها القانونية والاجتماعية والعملية المميّزة، وحيث قضية التمييز ضدّ المرأة قد أسقطت قانونياً كواحدة من إنجازات ثورة الثامن من آذار، كما ليس صدفة أن تصل المرأة في سورية لمنصب نائب رئيس للجمهورية والوزارة والنيابة والإدارة ورئاسة الأحزاب، وأن تبرع طبيبة ومهندسة ومحامية وقاضية وأستاذة جامعية وضابطة في الجيش والشرطة، وأن ترتقي منهن شهيدات في ساحات القتال، وأن تقف أمهات الشهداء في الصف الأول لمدرسة البطولة بمواقف تدمع العين .
– الحقيقة التي تقولها مناسبة ثورة الثامن من آذار التي كان عنوانها محاربة الإقطاع والرأسمال الطفيلي والتركيز على قطاعات الاقتصاد المنتجة، وتعزيز وضع الفلاحين والعمال والمنتجين، وكانت قضيتها الاستقلال الوطني وعروبة سورية والتزامها بالقضية الفلسطينية، وبناء الجيش العقائدي، هي أنّ الزاد الثقافي الذي صنعته صورة الثامن من آذار لا يزال هو الرصيد الذي تستمدّ منه سورية صمودها وقوّتها وعزّتها وكرامتها، وأنّ ما فعلته الحركة التصحيحية هو أنّها قلبت هرم الثامن من آذار الذي كان يقف على رأسه فأوقفته على قدميه، وما فعله الرئيس بشار الأسد هو أنه أمسك مقود دراجة الثامن من آذار وقادها بأقصى السرعة فتوازنت بعدما كانت مهدّدة بسبب التكلس والبطء بالتأرجح والاهتزاز، لكن الروح بقيت دائماً روح الثامن من آذار.
– الحقيقة التي يقولها اليوم العالمي للمرأة هي أنّ المساواة بين الرجل والمرأة في القانون والمجتمع هي قوة للرجل وليست إضعافاً له. وهي استنهاض لطاقة فعالة جرى تهميشها تخلفاً وجهلاً، وأنّ هذه المهمة صراع مع الجهل والتخلف عن الرجل والمرأة على السواء وليست صراعاً مع الرجل، وأن قياس نمو المجتمعات يقوم على قياس حجم الطاقات التي تسهم بالإنتاج فيه، وقياس تقدّم المجتمعات يقوم على قياس درجة تخلّصه من أشكال التمييز القانوني فيها على أساس الدين والعرق واللون والجنس، وفي لبنان حيث التباهي بدرجة التقدّم الحضاري، لا يزال الجهل ولا يزال التخلّف مصدراً حاكماً للثقافة الموجهة في صناعة القرار. فالمرأة العاملة لا تزال الاستثناء الذي تفرضه الحاجة، والمكان المتعارف عليه للمرأة هو بيت الزوجية للتباهي بترف ما يوفره لها إنْ كان غنياً ويتباهى بجمالها في مناسباته، أو لتعدّ الطعام والملبس لزوجها وأولادها إنْ كان الزوج فقيراً، بينما يبدأ النهوض في المجتمع بنظرة سخرية تصير ثقافة نحو استبعاد المرأة لنفسها أو إبعادها عن سوق العمل، لأنّ الإنتاج للمجتمع وليس للأسرة فقط، والتقدّم في السياسة يبدأ عندما يصير طبيعياً بلا جهد ومنّة وشعارات ترشيح المرأة للنيابة والوزارة، كتعبير تلقائي عن تكوين الأحزاب والجماعات من رجال ونساء. وفي لبنان حيث لا يزال التمييز على أساس الدين والطائفة والمذهب، ويخرج مَن يعتبره فضيلة، وميزة، لا غرو إذا بقيت المرأة بنظر الكثيرين مصدراً للزينة، وعلى هذا الأساس، لا بدّ من أن تضاف كزينة لبعض اللوائح الانتخابية.
– في سورية التي تقاتل بروح الثامن من آذار ببعديها الثوري والنسائي امرأة تقدّم مثالاً للتفاني في الدفاع عن قضية بلدها، والقدرة على تقديم مثال المرأة العاملة والمثقفة، وفي الآن نفسه للسيدة التي تفتنها المظاهر، وهي تملك من الجمال والأناقة ما لفت أنظار الصحافة الغربية وكتبت عنها الكثير، وبقي زادها من الثقافة والأخلاق والوطنية هو عنوان حضورها، ويوم تعرّضت سورية لخطر حرب أميركية قيل إنها ستستهدف القصر الجمهوري وقفت كما وقف رئيس الجمهورية يقول لن نخرج من هنا، وشرف لنا أن نكون أول عائلة سورية تُستشهَد دفاعاً عن بلدها، فلسنا أفضل ولا أهمّ من سائر العائلات السورية، ففي الثامن من آذار تستحقّ التحية للسيدة أسماء الأسد.
– في لبنان قدّم الرئيس نبيه بري وحركة أمل نموذجاً غير مفتعَل للمشاركة النسائية برز في الوزارة والترشيح للنيابة مع الدكتورة عناية عز الدين. وقد تظهر اللوائح نماذج لدى أحزاب وتيارات أخرى، عساها تكون بعيدة عن الوراثة والعائلية، وتتسم بالجدّية وتستند لفرص الفوز الحقيقية في حسابات القيّمين على اللوائح، وحتى ذلك التاريخ يبقى الرئيس بري وحده مَن يستحق التحية، ولأنّ القضية ليست انتخبوا المرأة المرشحة أينما كانت، وإلا صار الأمر مهزلة، النداء للناخبين بعد أن يختاروا اللائحة التي تمثلهم، فليبذلوا جهدهم للاقتناع بمنح صوتهم التفضيلي للمرأة في هذه اللائحة، ربما وجب الانتباه مع وضع القانون، بعد الفشل بفرض الكوتا النسائية بالسماح بإفادة المرأة المرشحة من الصوت التفضيلي على مستوى الدائرة وليس فقط على مستوى القضاء، طالما تدور المنافسة بينها وبين زملائها في اللائحة على تمثيل الخط السياسي نفسه عبر الصوت التفضيلي، فلتكن لها فرص أفضل للفوز.