لبنان القوي : دولة ومقاومة
غالب قنديل
أخفق ديفيد ساترفيلد في اختراق الموقف اللبناني القوي الذي أرساه تفاهم الرؤساء الثلاثة في بعبدا على التضامن ووحدة الصف في وجه الصلف الصهيوني .
انطلق هذا الموقف الواضح والحاسم بكلام معلن لكل من الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري تكرر في وجه وزير الخارجية الأميركية ومعاونه اللذين حاولا اختبار فرص اختراق هذا السد المنيع والتحايل على الموقف من خلال الدور المكوكي لديفيد ساترفيلد الذي سمع الكلام ذاته حيث تنقل بين عين التينة والسراي ووزارة الخارجية.
تم التسليم واقعيا بتولي الرئيس نبيه بري إدارة المعركة مع الدبلوماسية الأميركية الحاضنة لأطماع العدو وتأكد فعليا تشخيص سماحة السيد حسن نصرالله عن كون الأميركي وكيلا لإسرائيل ومروجا لأطماعها لا وسيطا بيننا وبينها فقد كشفت المعلومات الصحافية أن أكثر من محاولة اختراق وتلاعب سياسي قام بها الأميركيون لتمرير ما يناسب العدو باقتطاع جزء من حقوق لبنان السيادية.
تم إحباط ألاعيب ساترفيلد والتحسب لها بفعل يقظة رئيس مجلس النواب التي فرضت الامتناع عن “التبرع” بأي التزامات او اجوبة دون التوافق المسبق عليها ولأن الجميع مؤمنون بعدم جواز التفريط بحقوق لبنان الواضحة والصلبة وبحجم الفرصة الاقتصادية النوعية التي ينطوي عليها ملف الحقوق البحرية السيادية فقد فشل ساترفيلد.
ما يجب ان يعرفه اللبنانيون وينتبهوا إليه ان الكيان الصهيوني يتصرف بخلفية الخشية من المواجهة مع لبنان بفعل قوة المقاومة وقدراتها الردعية وان صلابة الموقف اللبناني ستفرض نفسها على العدو لأن ذلك الموقف المبدئي مقرون بفعالية القوة.
ظهرت داخل الكيان الصهيوني دعوات في دوائر الدراسات والأبحاث ومجمع الخبراء والمسؤولين السابقين دعوات لترسيم الحدود البحرية وعدم دخول التحدي ضد لبنان تحسبا لقدرات حزب الله التي يفترض تحاشي الاحتكاك بها وتحمل كلفة عالية فالحرب إن وقعت ستشعل الجبهة الشمالية اللبنانية السورية برمتها وستواجه إسرائيل ردا قاسيا وصعبا باشتراك الجيش العربي السوري والقوى الشعبية السورية المقاتلة في المعارك إلى جانب الجيش اللبناني وحزب الله وهذا ما يقدره جميع الخبراء الذين يذهب بعضهم إلى المدى الأبعد بتوقع تبعات الانخراط الإيراني المباشر في القتال وحجم مساهمة القوى الشعبية المقاتلة من العراق واليمن وطلائع بعضها ترابط أصلا في الميدان السوري.
آخر ما صدر في هذا الصدد كان مقالا لأبرز مدراء الاستخبارات السابقين الجنرال غيورا آيلاند ونشر أمس في يديعوت احرونوت وهو يروج لضرورة السير في تسوية لترسيم الحدود البحرية وجاء في المقال : “لقد نشأت هنا إمكانية مواجهة بين الدولتين ( لبنان وإسرائيل ) وهذا بالضبط ما يريده حزب الله: في المواجهة بين إسرائيل ولبنان على مصلحة اقتصادية مهمة، سيكون حزب الله القوة التي تحمي لبنان من العدوان الإسرائيلي، وعند الحاجة، سيحاول ردع إسرائيل بتهديد أو ضرب طوافاتها للغاز.”
عبارة تختصر الموقف وتكشف خلفيات سعي العدو للمناورة في المفاوضات التي يجريها ساترفيلد مع رغبة اكيدة في تحاشي التصعيد نظرا للكلفة السياسية والمعنوية والمادية التي ترجح كفة المقاومة وكلام آيلاند الوارد أعلاه يؤكد صواب تقدير السيد نصرالله في صياغة موقف حزب الله الداعم للدولة ولتضامن الرؤساء في الموقف المتمسك بالحقوق السيادية في المنطقة الاقتصادية الخالصة والمياه الإقليمية.
بعض العنعنات التافهة والحماقات الغبية التي ترددها حفنة المهرولين إلى عوكر والراغبين في الانبطاح للعدو التحاقا بركب المطبعين العرب لا تستحق التوقف ولا الرد فهي أعراض هامشية وطفيلية بائسة لا قيمة لها طالما أشهر لبنان الرسمي بكامله موقفا صلبا ومنيعا عجز أمامه التحايل الأميركي ولا سبيل لاختراقه بالضغوط وبألاعيب التذاكي وسر الصلابة والتماسك هو الثقة بقدرة المقاومة وبمناعة المعادلة الثلاثية على الأقل بالنسبة لكل من الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري وحيث يجد الحريري نفسه مضطرا للانسجام ولتحاشي الوقوع في فخ العروض الملغومة التي يحملها ساترفيلد وهي لم تنطل أبدا على الرئاستين الأولى والثانية بحكم الخبرة الطويلة والنقاء الوطني والثقة بالمقاومة والجيش الذي أكد قائده العماد جوزيف عون على الاستعداد الكلي للدفاع عن حقوق لبنان مهما كان الثمن.