الإمارات ساهمت بحملة اعتقالات الريتز بالسعودية
كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن دور الإمارات في اعتقال أمراء ومسؤولين ورجال أعمال سعوديين خلال شهر نشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ضمن ما سميت “حملة مكافحة الفساد” التي أشرف عليها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان “.
وخلال الأشهر الماضية، أكدت تقارير إعلامية عن تأمين مرتزقة من شركات تدار من الإمارات لتنفيذ الاعتقالات واستجواب الأمراء ورجال الأعمال السعوديين الذي اعتقلهم بن سلمان ووضعهم في فندق ريتز كارلتون الرياض، الذي سمي حينها بـ”سجن الأمراء”، والذي عاد لفتح أبوابه هذا الشهر فقط.
وأكدت “فايننشال تايمز” في تقريرها على أن الإمارات نقلت 20 سعوديًا يعيشون على أراضيها بطائرات خاصة إلى الرياض، خلال “حملة مكافحة الفساد”. ونقلت هذه المعلومات عن أكثر من 10 أشخاص تربطهم علاقات وثيقة بعدد من المعتقلين خلال الحملة.
وبعد الإفراج عن معظم المشتبه بهم، بدأت تظهر إلى العلن، تفاصيل ما حدث في الفندق، والإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها السلطات السعودية، “في عملية مخطط لها بعناية، أملت من خلالها الرياض تحصيل مبلغ صافٍ قدره 100 مليار دولار”، بحسب الصحيفة.
وذكرت الصحيفة، أن السلطات، وفي غضون ساعات من بدء الحملة، وفرت للمصارف ومديري الأصول، قوائم بتجميد الحسابات، بما في ذلك قوائم الأقارب المرتبطة بالمعتقلين.
ونقلت الصحيفة عن أحد المصرفيين، قوله إن أقارب معتقلين تم إبلاغهم، بأنه لا يمكنهم سحب أكثر من 100 ألف ريال سعودي (26660 دولارًا) في الأسبوع لتغطية نفقات المعيشة، مشيرًا إلى أن “ذلك تسبب بضائقة خاصة لبعض الوقت“.
وكشفت الصحيفة، أنه تمت إزالة الأشياء الحادة أو الثقيلة، من زجاج الحمام إلى منافض السجائر من أجنحة في فندق ريتز كارلتون، لإحباط أي محاولات انتحار، مع تحول الفندق إلى “سجن مذهب” لمئات الأمراء السعوديين ورجال الأعمال.
وقالت الصحيفة، نقلًا عن مصادرها، إن المعتقلين كانوا يمضون أوقاتهم في الفندق، بمشاهدة التلفزيون، بين جولات الاستجواب، بينما كانت الأبواب التي يحرسها ضباط المخابرات تُترك مفتوحة، لتدمير أي مظهر من مظاهر الخصوصية.
وتفاوت تأثير تلك الإجراءات على المعتقلين، بحسب الصحيفة، إذ يقال إن بعضهم “رجال مكسورون”، بالكاد يتحدثون منذ إطلاق سراحهم، فيما يمزح آخرون مع مهنئيهم، حول نقص وزنهم بفضل “ديتوكس ريتز”، نسبة إلى نظام الحمية “ديتوكس” المعروفة بقدرتها على تنظيف الجسم من السموم.
وقال صديق أحد المعتقلين، لـ”فايننشال تايمز”، “إذا كنت محترمًا، فإنهم يكونون معك على ما يرام، ولكن رجال المخابرات هؤلاء بالتأكيد يعطونك انطباعًا بأنك سوف تتلقى ركلات إذا أبديت لهم أي حماقة“.
وبدأت حملة الاعتقالات مع توقيف ملياردير متقدم في السن، بحسب الصحيفة التي لم تكشف عن هويته، مشيرة إلى أن طائرته الخاصة، آنذاك، هبطت في مطار جدة، حيث كان من المفترض أن تتلقاه لجنة ترحيبية في الممر، إلى لقاء مع الأمير محمد بن سلمان، لكن بدلًا من ذلك، أخذته مرافقة مسلحة إلى جناح في فندق “ريتز“.
ووفق الصحيفة، فقد تمكن العديد من المعتقلين، من التواصل مع العائلة والأصدقاء عبر الهاتف، فيما اختفى آخرون في منتصف الليل، وأقاربهم غير قادرين على التأكد من أنهم بخير لعدة أيام. وقال قريب أحد المعتقلين، الذي كان أفراد أسرته يكافحون في البداية لتأمين علاج لحالة قلبه، للصحيفة، “لقد كان أمرًا فظيعًا، ولم يكن هناك أي أحد يمكن لنا أن نتوجه إليه“.
ورغم إطلاق سراح معظم الذين توصلوا إلى تسوية مع السلطات، إلا أنهم لا يزالون ممنوعين من السفر، بينما “سيُسمح لمن يرغب في التعاون مع الحكومة، بالعودة إلى شركاتهم”، وفق ما قال مراقبون للصحيفة.
وفي نهاية الشهر الماضي، تم نقل 56 من المعتقلين الذين رفضوا التسوية، إلى المحاكمة، بحسب ما تنقل الصحيفة عن النائب العام، أما الآخرون الذين أبلغوا أسرهم بأنّه سيجري الإفراج عنهم قريبًا، فما يزالون رهن الاحتجاز في “بيوت الضيافة الحكومية”، حيث يتم وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل تسوياتهم.