لا يوجد غروسمان لدى اليمين: جدعون ليفي
تدخل نتنياهو في لجنة جائزة اسرائيل للاداب يشير إلى ان اليمين الذي تحكم في الدولة على مدى جيل كامل لم ينجح بعد في حسم المعركة الثقافية لصالحة. هناك ما يشجع ويشيع الفرح كذلك، في التدخل الصارخ لرئيس الحكومة بلجنة الحكام لجائزة اسرائيل للآداب. هناك من ينشر الأمل بأن النتيجة سوف تكون كما حدث في جائزة اسرائيل للسينما، في المحاولة الفاشلة لحرمان يغئال سيرنا من جائزة ليفي أشكول، ومقاطعة اليمين للجنة «هآرتس» للديمقراطية. هذا الاستهتار القادم من اليمين يبشر بالخير: انه يثبت بأن المعركة لم تنته بعد، وانها لم تحسم بعد، وانها ليست خاسرة، وان اليمين ما زال بعيدا عن ضمان إثبات صحة موقفه وانتصاره، وبأن اليمين يدرك انه ما زالت هناك قلاع ثقافية لم تتنازل او تسقط في أيديهم بعد، وانها ليست موجوده في جيبه. وأنه من المشكوك فيه انها سوف تكون هكذا في أي مرة على الاطلاق.
لو توفرت الثقة بالنفس لدى اليمين لم يكن بحاجة إلى اتخاذ هذه الخطوات العنيفة. فالانظمة القائمة على القوة فقط، فاقدة قاعدة الدعم الكافي،تتخذ خطوات كهذه، رئيس وزراء فاقد للثقة فقط يشغل نفسه في قضايا مثل عزل اريئيل هيرشفيلد من لجنة جائزة اسرائيل، او على ما نظن في محاولة حرمان ديفيد غروسمان من الحصول على الجائزة.
لو كان اليمين واثقا في نفسه وعدالة موقفه، كان سيفهم بأن واحدا من اواخر ذخر اسرائيل هو ما تبقى لديها من انفتاح، والمشهد الثقافي المتطور، جائزة اسرائيل لغروسمان كان لها صدى كبير في العالم شبيه بصدى الحرب على غزة، ولكن باتجاه معكوس. وبالذات، فإن اليساريين الذين يحاربهم اليمين، هم من سوف يضمنون الولاء الاخير لاسرائيل اليمينية والقومية، إسرائيل اليمين. وبدونهم كانت اسرائيل ستعزل نهائيا، بغيضة وقبيحة اكثر مما هي عليه اليوم.
هل سوف يطلع العالم بشكل اقل على جرائم الاحتلال ويبدأ بالاعجاب بإسرائيل، بعد ان تم تصفية منظمات حقوق الانسان واللجان التابعة لها؟ هل سيمنح العالم اسرائيل التي لا تنبح إلا باليبرمانيات المزيد من الاحترام؟ هناك الكثير ممن ينتمون إلى اليمين الاسرائيليى لا يريدون الحياة في دولة بدون غروسمان. بدون «بتسيليم» وبدون «هآرتس».
من جهة أخرى فقد حسمت المعركة: تركض اسرائيل باتجاه اليمين، ولا يوجد ما يوقف انهيارها. الغالبية تريد بنيامين نتنياهو، نفتالي بينت،وميري ريجب. الغالبية تريد «الجرف الصامد … (حرب غزة)» والمزيد من ذلك. ولكن في طريق هذا القطيع الراكض ما زالت تقف بعض المجموعات المهمة الاخرى. هي تمثل اقلية هامشية، ولهذا بالذات تصيب تفكير اليمين بالجنون، المتحكم بالدولة لأكثر من سنوات جيل كامل، ولم يتمكن ابدا من احتلالها.
لا يوجد عاموس عوز يميني، لا يوجد غروسمان ولا أ.ب يهوشع يميني، ولو بالصدفة، لا يوجد في اسرائيل مبدعين يمينيين يؤلفون كتبا رائعة مثل «البشارة على فم يهودا» أو «حصان واحد دخل البار»، ولا توجد لجنة في العالم تستيطع تغيير ذلك. وهذا ما يصيب اليمين بالجنون، والذي يضم اناسا يؤمنون بحق، بأن الديمقراطية هي استبداد الاغلبية، وبأن اللجان تستطيع تغيير الافكار.
يفهم اليمين، بان الحرب على هوية الدولة لم يحسم بعد، فبعد 70 عاما على تأسيس الدولة، ليس فقط انه لا يوجد لها حدود، بل انها لم تحدد بعد هويتها واهدافها، ما هي هذه الدولة؟ وماذا تريد ان تكون؟ إسبارطا أم اثينا؟ ديمقارطية ام ابارتهايدية؟ دينية ام عصرية؟ شرقية ام غربية؟ اشتراكية ام رأسمالية؟ دولة واحدة ام دولتان؟
القليل فقط من الاسرائيليين لديه اجابات لهذه الاسئلة المصيرية.بعضهم لم تخطر على بالهم ابدا.وعلى كل الاحوال لم يتم حسم هذه المسائل. ولذلك فالمعركة ما زالت في عنفوانها. لذلك يستولي اليمين على كل موقع، ولهذا من المهم جدا لليمين من الذي سوف يفوز في جائزة اسرائيل، والاهم من ذلك من لن يفوز.
هذه بشائر امل، في الايام التي بدا فيها ان الكل ضائع، وانه لم يعد هناك من نتكلم معه في اسرائيل ولم يعد ما نتكلم عنه. في هذه الايام، فإن استبعاد لجنة ما تدفع إلى السرور، لان مسرة الفقراء هي ايضا مسرة.
هآرتس