التعاون الإسرائيلي السعودي محدود الضمان: يوئيل جوجنسكي وياهل ارنون
إذا كنّا سنصدق التقارير في وسائل الإعلام، فإن التعاون الأمني الإسرائيلي ـ السعودي يوجد في ذروته. وبالتوازي، يمكن أن نلاحظ في السنوات الأخيرة ميلا للتقرب السعودي المدروس نحو إسرائيل الذي وجد تعبيره في إعطاء الإذن لشخصيات سعودية لأن يلتقوا علنًا مع إسرائيليين، وبالشكل الأكثر إيجابية الذي تعرض فيه إسرائيل في وسائل الإعلام السعودية. وأحد أهداف هذه الخطوات من جانب السعوديين هو تهيئة الجمهور السعودي لاحتمال علاقات أكثر علنية مع إسرائيل، بعد سنوات طوال أغرق فيها الرأي العام السعودي بمقالات ضد إسرائيل .
توجد السعودية هذه الأيام في عملية تغيير داخلية متسارعة «من فوق إلى تحت»، تحاط نهايتها بالغموض، وبالتوازي تأخذ على عاتقها أدوار الريادة في المجال العربي. وفي هذا الإطار وقفت المملكة خلف سلسلة خطوات إقليمية جريئة، بعضها موضع خلاف، تستهدف تغيير الميزان الإقليمي بينها وبين إيران، ولكن حتى الآن من دون نجاح زائد. وفضلا عن ذلك، فإن الجرأة التي تميز بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في صراعه ضد إيران، لم يترجم حتى الآن إلى مشاركة فاعلة في المسيرة السياسية، كجزء من خطوة تطبيع أوسع مع إسرائيل. يحتمل ان يكون بقي على حاله التخوف من أن إعلان العلاقات مع إسرائيل سيكون من ناحية المملكة خطوة واحدة أبعد مما ينبغي، وذلك لأنها ستجر انتقادًا من جهة إيران بالأساس. فالوضع الداخلي في المملكة حساس بسبب إجراءات ابن سلمان لتثبيت قوته ومكانته، ومشكوك أن يكون معنيا بتعظيم النقد عليه في هذا الموضوع أيضًا. فما الذي يمكن ان يؤدي إلى تغيير في موقف المملكة؟ خطوات إسرائيلية إيجابية في رؤية المملكة للتقدم بالمسيرة السلمية وتشديد الضغط الأمريكي على إيران، فضلا عن إعلان النِّيات. ويمكن لهذه الخطوات أن تحرك خطوة إسرائيلية إقليمية متداخلة وإسرائيلية ـ فلسطينية موازية.
هناك من يرون بعين العطف النشاط السعودي، الموجه أساسا ضد مصالح إيران في المنطقة. ولكن بعض خطواتها كشفت بقوة أكبر عن قيود قوتها. وبالتالي، هناك تقدير زائد في إسرائيل بالنسبة للقدرة والنفوذ السعوديين، وللمساهمة المحتملة التي يمكن أن تمنحها لإسرائيل في بلورة رد على إيران. فلا تلوح سياسة سعودية مرتبة تجاه إيران، وتبرز مصاعبها في بلورة معسكر سنّي مناهض لإيران ذي مغزى. فقوة السعودية كانت تكمن على مدى السنين في نفوذه في العالم الإسلامي والعربي بكونها «حامية الأماكن الإسلامية المقدسة»؛ بوزنها في أسواق النفط؛ وبفضل دعم الولايات المتحدة السياسي والعسكري.
تتقاسم إسرائيل والسعودية مصالح غير قليلة، وهي مسألة لا ينبغي التقليل من أهميتها، مع أن هذه المصالح لا تتطابق بكاملها. يحتمل أن يكون هذا العمل أو ذاك من جانب المملكة من شأنه ان يعمل في طالح إسرائيل. مثال على ذلك يمكن أن نراه في خطوات المملكة في الساحة اللبنانية ـ التي تراجعت عنها منذئذ ـ وكان فيها إمكانية لتدهور الساحة الشمالية إلى مواجهة غير مرغوب فيها من ناحية إسرائيل. للسعودية مقدرات مالية كثيرة، قرب جغرافي من إيران يسمح بتطوير قدرات استخبارية وعملياتية، وتأثير ما في أوساط أقليات إيرانية ـ وهي فضائل يمكن لإسرائيل أن تستغلها. ولكن ينبغي الاعتراف بقيود قوتها وبالمخاطر النابعة من طبيعة حكم ابن سلمان والاستعداد لإمكانية ضعف السعودية.
الفرضية التي تقول إن للعلاقات المتوثقة مع السعودية تأثيرا حاسما في مكانة إسرائيل الإقليمية، بحاجة إلى إصلاح في ضوء قيود قوتها والتحديات الداخلية التي من شأنها ان تضعفها. إضافة إلى ذلك، فإن الفجوة بين خطوات الأسرة المالكة ومواقف الجمهور السعودي لم تسد بكاملها، ومعقول أن تكون المرابح التي يجنيها الطرفان من إقامة علاقات رسمية بينهما محدودة. مشكوك أن يكون ابن سلمان مستعدا لأن يأخذ على عاتقه مخاطر محتملة أخرى كي يعلن العلاقات في غياب مقابل مناسب، ولا سيما في السياق الإيراني. أما التعاون الإسرائيلي السعودي فبعيد عن تحقيق طاقاته الكامنة، ولكن لا ينبغي أن يؤخذ كأمر مسلم به ويجب محاولة تعميقه في القيود القائمة. كما أن لصورة جبهة موحدة، إسرائيلية ـ سعودية، توجد قيمة ردعية حيال إيران.
معاريف