بين دي ميستورا وأردوغان: هل يعقد سوتشي في موعده؟: حميدي العبدالله
من المعروف أنّ لقاء أستانة الأخير حدّد موعد انعقاد مؤتمر سوتشي نهاية الشهر الحالي. ولكن في ضوء الاعتراض التركي على عمليات الجيش السوري وحلفائه في إدلب، ثمة تساؤلات حول ما إذا كان هذا الموعد ما زال قائماً أم أنّ مؤتمر سوتشي سيجري تأجيله مرة أخرى إلى ما بعد انتهاء المعارك في إدلب .
في الواقع أنّ مؤتمر سوتشي الذي جاء بسبب فشل مسار جنيف وعجزه عن تحقيق أيّ تقدّم على مستوى البحث عن حلّ سياسي، يواجه قبل اندلاع معارك إدلب عقدتان كانتا وراء تأجيله في المرة الأولى.
العقدة الأولى، تتمثل في الاعتراض التركي على تمثيل الأكراد في هذا المؤتمر، وتحديداً تمثيل وحدات الحماية الكردية. ولكن لا مبرّر لعقد هذا المؤتمر إذا لم تمثل هذه الجماعة التي تُستغلّ الآن من قبل الولايات المتحدة لتكون ستاراً لوجود عسكري أميركي في سورية يهدّد استقرار ووحدة سورية، كما يهدّد باندلاع حرب إقليمية ودولية واسعة. إذا لم يشارك الأكراد في سوتشي لسحب البساط من تحت الولايات المتحدة، فبماذا يختلف سوتشي عن مسار جنيف، والذي يكمن واحد من أسباب فشله في عدم مشاركة الأكراد في جولاته على الرغم من أنهم على الأرض يمثلون قوة تفوق أضعاف القوى الأخرى التي تشارك في جنيف؟
من المعروف أنّ عقدة الاعتراض التركي على تمثيل الأكراد لا تزال قائمة وتلعب دوراً هاماً في حال اللايقين بشأن ما إذا كان سوتشي سيعقد في موعده الجديد أم سوف يتمّ تأجيله مرة أخرى بانتظار توفر ظروف تقنع تركيا بتغيير موقفها، لأنّ المشكلة اليوم، بالدرجة الأولى، في مناطق انتشار الأكراد حيث يتمّ استغلالهم من قبل الولايات المتحدة لتهديد سورية وتركيا والعراق وبما يخدم المصالح الأميركية وليس المصالح الكردية.
العقدة الثانية، تتمثل بالاعتراض الأميركي والغربي الذي يتلطّى وراء الأمم المتحدة على مسار سوتشي، لأنّ هذا المسار يفقد الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، وصايتها على مسار التسوية. وبديهي أنّ الولايات المتحدة ستسعى من خلال المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى تعطيل مسار سوتشي وعرقلة انعقاد المؤتمر لإبقاء احتكارها لمسار البحث عن حلّ سياسي، وبالتالي استمرار ابتزاز الدولة السورية من خلال عدم تسهيل التوصل إلى نهاية سياسية ودولية للأزمة خارج الإملاءات الأميركية.
هاتان العقدتان تضعان موسكو أمام خيار من اثنين: الإصرار على عقد سوتشي بمن حضر وتجاوز الاعتراض التركي، وإما تأجيل عقد المؤتمر بانتظار تغيير أكبر في الوضع الميداني بما يساعد على تذليل الاعتراض التركي، لأنّ احتواء الاعتراض الأميركي أمر صعب في ضوء تدهور العلاقات الأميركية – الروسية.