الانتفاضة الفلسطينية والآمال الخائبة: حميدي العبدالله
يخطئ من يعتقد أنّ عملية الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية من قبل ترامب كانت خطوة طائشة وحمقاء، بل إنّ هذه الخطوة جاءت نتيجة لتخطيط وإعداد شاركت فيه الولايات والكيان الصهيوني وأنظمة وحكومات عربية عديدة .
كان الرهان يقوم على أنّ هذه الخطوة سوف تقود إلى ردّ فعل فلسطيني، ولكن سرعان ما سوف يتلاشى ردّ الفعل هذا، وبالتالي تكون الدول والجهات التي خططت للعملية خلقت أمراً واقعاً، يساعد على تمرير ما بات يعرف بصفقة القرن، وصفقة القرن تعني صلحاً ناجزاً، ليس بين تل أبيب والفلسطينيين، بل بين الكيان الصهيوني والحكومات العربية، بما يسهّل ولادة حلف وتعاون رسمي وعلني بين تل أبيب وعواصم عربية عديدة للوقوف في وجه منظومة المقاومة والممانعة.
لكن من الواضح أنّ حسابات واشنطن وتل أبيب والرياض لم تكن دقيقة، إنْ لجهة ردّ فعل الفلسطينيين بكلّ أطيافهم، أو لجهة الموقف الدولي برمّته، الذي عبّرت عنه عزلة الولايات المتحدة في التصويت الذي جرى في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة.
اليوم تبدأ انتفاضة القدس شهرها الثاني، وهي إلى مزيد من التصعيد، أولاً، رداً على الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وثانياً، لأنّ العدو الصهيوني اتخذ إجراءات جديدة من شأنها أن تدفع الفلسطينيين إلى مزيد من التصعيد، من بين هذه الإجراءات تصويت حزب الليكود على ضمّ المستوطنات في الضفة الغربية إلى الكيان الصهيوني ما يعني أنّ حتى الحكم الذاتي للضفة الغربية لم يعد ممكناً، وبالتالي لم يعد ثمة مجال لحلّ الدولتين، كما صوّت الكنيست على قانون يقضي بإعدام منفذي عمليات ضدّ الاحتلال، وهي المرة الأولى منذ عام 1967 تقدم تل أبيب على إقرار مثل هذا القانون.
بديهي أنّ القدس وأيضاً إجراءات الكيان الصهيوني الجديدة، سوف تؤجّج الانتفاضة وتقطع الطريق على المراهنين على انحسارها، وبالتالي طالما استمرّت الانتفاضة، سوف تستمرّ ردود الفعل الداعمة لها عربياً ودولياً، ومن شأن كلّ ذلك أن يخيّب آمال الذين خططوا لعملية صفقة القرن، وحدوث عكس ما كانوا يسعون إليه.