مقالات مختارة

ترامب محق في خطابه فقد صور الواقع بما كان بحكم الأمر الواقع: ناحوم برنياع

 

العالم لم يحب خطاب ترامب – لا الفلسطينيين، لا زعماء الدول الإسلامية، لا الرئيس الروسي، لا رؤساء الدول الصديقة لإسرائيل في أوروبا، لا ناطقي اليسار في إسرائيل ولا قدامى طريق السلام الأمريكي. مع كل الاحترام الذي ينبغي أن يعزى لقلقهم، هذه المرة هم مخطئون، ترامب محق .

هو محق في جوهر الأمر: رفض العالم منذ 70 سنة للاعتراف رسميا بالقدس كعاصمة إسرائيل كان خطأ غبيا، نتيجة جبن دبلوماسي وإهمال من جانب حكومات إسرائيل. حان الوقت لإصلاح الخطأ. فما بالك أنه لا يبدو أي اتفاق في الأفق. أما الادعاء بأن الخطاب يمس المسيرة السلمية فمردود، إذ لا توجد مسيرة سلمية.

استمر الخطاب 11 دقيقة وصيغ بعناية. ترامب قرأه من الشاشة من دون أن يرتجل ومن دون أن ينفلت عقاله. وقد أحسن له الالتصاق بالنص. المطلوب الآن هو إدخال الخطاب في التوازن. فهو ليس نكبة فلسطينية ثالثة وليس 29 تشرين الثاني ثانيا لإسرائيل. ومثلما قال ترامب في خطابه، فقد صور الواقع. ما كان بحكم الأمر الواقع، اعتراف عملي، يصبح بحكم القانون، اعتراف رسمي أيضا. في غضون سنوات قليلة ستنتقل السفارة الأمريكية من شارع هيركون في تل أبيب الى طريق الخليل في غرب القدس، وبدلًا من أن يرى من نافذته البحر، سيرى السفير الأمريكي المشهد الجبلي لجنوب غرب القدس.

الفلسطينيون لن يحققوا شيئًا إذا أشعلوا النار في القدس وفي الضفة. التنسيق بين الأجهزة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، والذي تضرر في أثناء المواجهة على الحرم، ترمم في الأشهر الأخيرة. والسلطة لم توقف التنسيق عشية الخطاب وهي ستعمل بخلاف مصالحها إذا ما أوقفته الآن. ويمكن للفلسطينيين أن يميلوا بالخطاب إلى صالحهم – أن يقترحوا على الدول كلها السير في أعقاب نموذج تشيكيا والاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل وعاصمة فلسطين.

هو الحكم بالنسبة للمحافل الراديكالية في الدول الإسلامية، التي تسعى الى المس بالسفارات الأمريكية. وقبل أن يهاجموا السفارة القريبة، يجدر بهم أن يعودا ليقرأوا الخطاب.

توجد نقطة أخرى جديرة بالإشارة في محاولة لإدخال الخطاب في التوازن. من جعل القدس عاصمة إسرائيل كان دافيد بن غوريون، وليس دونالد ترامب، وقد فعل ذلك برغم الانتقاد في العالم وبخلاف مشورة قسم كبير من زملائه. دولة إسرائيل لا تحتاج الى اعتراف بعاصمتها من جانب رئيس الولايات المتحدة مثلما هي لا تحتاج الى الاعتراف بيهوديتها من جانب رئيس السلطة الفلسطينية. وهي تقف على قدميها. ترامب لن ينقذنا من أعدائنا ولن ينقذنا من أنفسنا. المسؤولية هي علينا، وفقط علينا.

من غير المجدي المبالغة بأهمية الأقوال. فقد قرر ترامب إلقاء خطابه لأنه عرف أنه ملزم بأن يوقع في أقصى الأحوال يوم الاثنين النظام الذي يمدد بنصف سنة أخرى نشاط السفارة في تل أبيب. وعرف بأنهم سيهاجمونه لأنه نكث الوعد الانتخابي وقرر كعادته، أن يري كل منتقديه. كبرياؤه أدى دورا مركزيا في هذه الخطوة، وليست الاعتبارات الاستراتيجية.

إن تأثير الخطاب لن يكون في الأقوال بل في الطريقة التي يفهمها فيه الطرفان. الفلسطينيون كفيلون بأن ينجروا الى اليأس والعنف؛ أحزاب اليمين في إسرائيل ستعمل على تسريع الالحاق. مزيد من البناء في المستوطنات، مزيد من القوانين في الكنيست، مزيد من الأنظمة. ترامب، هكذا سيفكرون، أعطاهم بخطابه رخصة للعربدة.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى