بقلم ناصر قنديل

السبهان رجل المخابرات… فشلت المهمة: ناصر قنديل

قد يرمز اسم ثامر السبهان للكثيرين بالاستخفاف من دون أن ينتبهوا إلى أنّ الرجل الذي يتولى منصب وزير الدولة لشؤون الخليج في السعودية، هو أعلى من مرتبة وزير وفي مهمة أهمّ من المناصب الحكومية. فالسبهان المنتمي لقبيلة شمر العربية ذات الامتداد في سورية والعراق ودول الخليج، وصولاً لمنطقة البقاع اللبنانية، هو ضابط برتبة عميد ركن منتدَب للعمل الدبلوماسي كتغطية للمهام الأمنية التي تُناط به. وهو في التصنيف العسكري أحد أبرز الحائزين على دورات وتنويهات بالمهام في صفوف زملائه الضباط السعوديين الكبار. ومن أبرز ما في سجله العلمي، نيله ماجستير القيادة والأركان من الكلية الملكية الهاشمية بالأردن التي يشرف على التدريس فيها ضباط بريطانيون وأميركيون، قبل أن يُعيّن مساعداً لقائد الشرطة العسكرية كمسؤول عن مهمة الحماية والدعم، فمساعد للملحق العسكري في لبنان قبل تعيينه ملحقاً عسكرياً في السفارة السعودية في لبنان، لينتقل بعدها سفيراً إلى بغداد، قبل أن يعود وزيراً إلى بيروت وبغداد والرقة .

تخصّص السبهان العسكري هو الحماية للشخصيات الهامة وللمنشآت الحيوية، وخصوصاً للطائرات من مخاطر الأعمال الإرهابية، وهو تخصّص يعلم المهتمون بالعلوم الأمنية أنه يعني عكسياً في حال الحاجة الأمنية لأجهزة المخابرات، إدارة عمليات الإرهاب والاغتيال واستهداف المنشآت الحيوية وتفخيخ وخطف الطائرات. وحظي السبهان ضمن اختصاصه بالقرب من وزراء الدفاع وقادة الجيوش الأميركية، الذين تولى مسؤوليات الحماية لهم خلال زياراتهم التفقدية والعلمياتية إلى المنطقة، خصوصاً، نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني وقائد الجيوش الأميركية الجنرال كولن باول وقائدي القوات الأميركية المشتركة بالتتابع الجنرال جوزيف هور والجنرال بينفورد بي، وصار موضع ثقة المخابرات الأميركية منذ دراسته في ولاية جورجيا الأميركية ضمن دورة حماية المنشآت الحيوية عام 1996.

شغل السبهان مهمة مساعد الملحق العسكري السعودي في لبنان ومن ثم الملحق العسكري في فترة 2013 2015، في ذروة تصاعد الحرب في سورية، تولّى خلالها إدارة الإمداد السعودي للجماعات التي ترعاها السعودية في الحرب، قبل تعيينه سفيراً للسعودية في العراق عام 2016 ليتولى إدارة ما وصفته الحكومة العراقية والبرلمان العراقي آنذاك بإدارة الفتنة، وتأمين التغطية المذهبية لتنظيم داعش. وانتهى به الأمر مطروداً من العراق، ليصير وزيراً لشؤون الخليج، كمنصب فخري يتيح له تولي المهام الخاصة الأمنية ذاتها، فحطّ رحاله في لبنان عام 2016 ليضع التوقيع السعودي على التسوية الرئاسية التي أبرمها رئيس الحكومة سعد الحريري، قبل أن يعود مجدداً في آب 2017 للاشتغال على نسفها، ومثلما غادر العراق ليعود إليه زائراً إلى أربيل في أيلول 2017 محرّضاً على الانفصال، وزائراً إلى الرقة السورية للإعلان عن التعاون مع الجماعات الكردية المسلحة هناك وتنظيم ما يمكن من عشائر العرب وفي طليعتهم من يستطيع التواصل معه من شيوخ قبيلته شمر، للتنسيق مع الأكراد في دير الزور استباقاً لبلوغ الجيش السوري وحلفائه شرق الفرات.

تولّى السبهان إدارة خطف الرئيس الحريري وكتابة استقالته، والأهمّ أنه مثلها تولى تنسيق الانفصال الكردي الفاشل قبلها، وتولّى بعدها وفقاً للتقارير اليمنية إدارة ملف العلاقة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، قبل إعلانه الانقلاب، واللافت هو أنّ المواجهة مع قطر كانت ضمن مسؤوليات السبهان الذي تولى بيان الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني باعتباره القائد المقبل للانقلاب على الحكم في الدوحة. وتختصر ملفات الفشل الأربعة سيرة السبهان، مع انعقاد مجلس التعاون الخليجي في الكويت بمشاركة قطر وإعلان نهاية الأزمة معها عملياً، وفي اليوم ذاته بالتزامن مع صدور بيان الحكومة اللبنانية المرحّب بعودة رئيسها عن استقالته، وذلك بعد يوم من سقوط انقلاب علي عبد الله صالح في صنعاء، وفيما تقدّم حكومة كردستان العراق كلّ التنازلات الممكنة لتضمن قبول بغداد بفتح الحوار معها بعدما ضحّت على مذبح النظريات السبهانية بكلّ ما راكمت من إنجازات ومكاسب لأعوام، بينما دفع علي عبد الله صالح حياته ثمناً لهذه النظريات، ونجا رئيس الحكومة اللبنانية كما نجا أمير قطر، لأنّهما أحيطا برعاية محور المقاومة، بالطريقة المناسبة، والقضية ليست ضعف مقدّرات السبهان، فهو أفضل ما لدى السعودية، والقضية ليست نهاية السبهان، بل نهاية حقبة كاملة.

– أين هو السبهان اليوم، وأين تغريداته اليومية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى