من الجنوب سيأتي الشر: عاموس غلبوع
الجبهة الشمالية هي الجبهة الاكثر خطورة لدولة اسرائيل، والجبهة الجنوبية في المقابل أقل خطرا.
لكن منذ الانفصال عن قطاع غزة وسيطرة حماس عليه فان قطاع غزة هو مصدر الاعمال العنيفة الاساسية ضد دولة اسرائيل؛ هو الذي جر اسرائيل الى ثلاث حروب؛ هو الذي يشكل مصدر العمليات المعادية لاسرائيل في العالم؛ هو الذي أدى لأن تكون اسرائيل مُدانة في العالم بجرائم حرب، بابادة شعب، بقتل الاطفال، بحصار شرس وبالتجويع؛ هو الذي يسيطر عليه تنظيم نقش على رايته ابادة اسرائيل وليس مستعدا أن يكون شريكا في أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
بكلمات اخرى، قطاع غزة وحماس هما بالفعل المشكلة الاستراتيجية المركزية القريبة التي تشغل اسرائيل منذ سنوات – في المجال الامني والسياسي والاعلامي.
عملية «الجرف الصامد» في الصيف الاخير أوقعت بحماس ضربة عسكرية قاسية، وضربة ليست أقل قسوة بالسكان المدنيين. لكن المشكلة الاستراتيجية بقيت على حالها. خلال العملية وما بعدها برزت بضعة افكار حول كيفية معالجة هذه المشكلة. كان هناك من أيدوا التصفية الممركزة للقوة العسكرية لحماس بواسطة احتلال القطاع بأبعاد مختلفة، وكان هناك من أيدوا صيغة اعمار القطاع مقابل نزع سلاح حماس، وكان هناك من أضافوا اقتراح أنه عن طريق الدعم العربي والدولي يتم اعادة السلطة الفلسطينية لأبو مازن الى القطاع وتُمسك هناك بزمام السلطة. ماذا حدث من كل ذلك، وماذا يحدث الآن في القطاع؟.
هناك ثلاث سمات أساسية، البارزة منها هي أن كل اعمار غزة (الذي خصصت له تبرعات اكثر من 4 مليارات دولار) عالق مكانه ولا يتقدم؛ الامم المتحدة التي أخذت على مسؤوليتها ادارة الاعمار أعلنت أن الاموال التي خصصت لاصلاح بيوت السكان في القطاع نفدت. مفهوم أن الاضطرابات انفجرت.
وما هو بارز ايضا؟ أن الجهد الاساسي لحماس ينصب ليس على الاعمار المدني بل على اصلاح القدرة العسكرية. اليوم يصعب التهريب لكن هناك انتاج ذاتي، وفوق كل شيء توجد قوة بشرية. ما تقوم به حماس هو انشاء اطار عسكري جديد، لتجنيد واعداد آلاف الشباب للقتال، مع التأكيد على تدريبات تتضمن احتلال موقع عسكري للجيش الاسرائيلي وخطف جنود، وتعزيز اجهزة الامن من اجل فرض سلطتها، وايضا حفر الانفاق واصلاح الانفاق المدمرة. كل الدول التي تعهدت بالتبرع ترى ذلك وتفهم أن الاموال التي ستنقل للقطاع سيتم دفنها، ويبدو أن هذا هو السبب الاساسي لتوقف تدفق التبرعات.
إن الحرب الدائرة بين مصر ومنظمات الجهاد في سيناء تؤثر سلبا على حماس وعلى السكان المدنيين وتزيد من ضائقتهم: المعابر الى مصر مغلقة تماما، المصريون مستمرون في التدمير الشامل للانفاق ويقومون باقامة منطقة فاصلة بعرض كيلومتر بين مصر والقطاع، والذراع العسكري لحماس تم الاعلان عنه من قبل المصريين كمنظمة ارهابية. في المجال السياسي المغزى هو أن مصر كفت عن أن تكون وسيطا مع حماس. والسلطة الفلسطينية؟ قوتها في الساحة الدولية. وقدرتها أمام حماس هي صفر.
بالاجمال أمامنا برميل من المواد المتفجرة. حماس تريد الحفاظ على سيطرتها، وليس لديها الآن أي مصلحة في البدء بالعنف، لكن عليك أن تعرف أي ظروف جديدة لا يمكن توقعها ستؤدي الى الانفجار المبكر لهذا البرميل الغزي. ماذا تقول الاحزاب عن رأيها فيما يتعلق بهذا البرميل، هذه المشكلة الاستراتيجية تقلقنا جدا؟ لا شيء.
معاريف