“دولة فلسطينية في سيناء”: حميدي العبدالله
صرّحت وزيرة في حكومة العدو الصهيوني بأنه يتوجب إقامة دولة للفلسطينيين في سيناء. وقد أثار هذا التصريح ردود فعل رسمية مصرية، حيث طالبت القاهرة تل أبيب بتوضيح رسمي حول هذه التصريحات. من المتوقع أن تتلقّى مصر توضيحاً ينفي نيّة تل أبيب إقامة مثل هذه الدولة، وربما تذهب أبعد من ذلك وتقول إنّ تصريحات الوزيرة هي وجهة نظر شخصية لا تعبّر عن رأي الحكومة. لكن إقامة دولة فلسطينية في سيناء مسألة جديّة، وليست زلة لسان أو مجرد تصريح عابر على لسان وزيرة في حكومة العدو .
ثمة ثلاثة مؤشرات توضّح هذه المسألة:
المؤشر الأول، أنّ الصحافي المصري الراحل محمد حسنين هيكل كان قد تحدّث بإسهاب حول هذه المسألة، وقدّم جردة واسعة من الوثائق التي تثبت وتبرهن على وجود جهود تبذل من جهات عديدة لخلق كيان ما منفصل في سيناء على حساب وحدة الأراضي المصرية، وقد حذر هيكل في أكثر من بحث ومقال السلطات المصرية من هذه الخطط.
المؤشر الثاني، ما يجري الآن في سيناء حيث تتجمّع جماعات مسلحة في هذه المنطقة، ويحظّر على الجيش المصري إرسال قوات بالعديد الكافي لاستئصال الإرهاب من هناك. واضح أنّ الإرهاب يهاجم بقوة ووحشية الوحدات العسكرية المصرية والمواطنين الذين لا يتعاونون مع هذه الجماعات المسلحة، ولكن في الوقت ذاته لم تشنّ هذه الجماعات الإرهابية هجوماً واحداً ضدّ الكيان الصهيوني، علماً أنها تتواجد في مواقع هي أقرب إلى مواقع جيش الاحتلال في فلسطين المحتلة، ومن السهل استهدافها بهجمات انتحارية من أنواع الهجمات التي استهدفت مواقع الوحدات العسكرية المصرية.
المؤشر الثالث، مخطط تل أبيب دائماً يسعى إلى تفتيت الدول العربية الكبرى، وإذا كانت الخطط الإسرائيلية واضحة إزاء دول مثل السودان، الذي جرى تفتيته تنفيذاً لمقولة إسرائيلية إنّ السودان أكبر من أن تحتمله «إسرائيل» بمعزل عن وضعه الحالي، ولا شك أنّ هذه المقولة تنطبق على مصر أكثر من أيّ دولة أخرى، أولاً، لأنّ مصر تقع على حدود فلسطين، وثانياً لأنّ مصر بعدد سكانها وعديد جيشها وموقعها المحوري على مستوى الوطن العربي، تشكل تهديداً موضوعياً لديمومة الكيان الصهيوني، أكثر من السودان وأيّ دولة عربية أخرى، وبالتالي من مصلحة تل أبيب العمل على إضعافها عبر كلّ الوسائل المتاحة.
إذا كانت سيناء منزوعة السلاح هي الآن السياج الحامي بالنسبة للكيان الصهيوني، فإنّ تأبيد هذا الوضع عبر إقامة «دولة عازلة» في سيناء هو طموح تل أبيب، وهذا هو الذي يفسّر الكثير مما يجري الآن في سيناء.