التوتر في غزة والصراع على النفق التالي: اليكس فيشمان
فرضية العمل المركزية لدى رئيس الأركان للجيش لعام 2018، السنة الأخيرة لولايته، هي: تدمير الأنفاق المتسللة كلها ـ التي يعرف عنها أو التي لا يزال لا يعرف عنها ـ والتي حفرت أو تحفر من قطاع غزة إلى أراضي إسرائيل. كان يمكن لايزنكوت أن يصدر تعليمات من هذا النوع، إذ أنه بعد مرور ثلاث سنوات على حملة «الجرف الصامد» توصل الجيش إلى تكنولوجيا ووسائل تسمح باكتشاف وتدمير ناجع للأنفاق بشكل عام وللأنفاق المتسللة بشكل خاص .
هكذا بحيث أن التوتر اليوم على طول حدود القطاع لا ينبع فقط من تهديدات الثأر من جانب الجهاد الإسلامي بسبب تفجير نفقه في 30 تشرين الأول. فالطرفان ـ سواء إسرائيل أو المنظمات في القطاع ـ يوجدان الآن في مرحلة نفخ العضلات والاستعدادات المتبادلة لليوم التالي لتدمير النفق المتسلل التالي.
تعليمات رئيس الأركان حادة وواضحة: إذا اكتشف نفق ـ فسيدمر. حكم النفق كحكم السلاح المهرب من سوريا إلى حزب الله. وسيكتشف نفق ثان. إذ أن التقدير هو أنه منذ دمر 15 نفقا متسللا في «الجرف الصامد» واصلت حماس والجهاد الإسلامي حفر الأنفاق إلى أراضي إسرائيل. وإذا كانت حفريات، وإذا كانت وسائل كشف ناجعة، فسيكون تدمير أيضا. هذه مسألة وقت فقط.
يتحدث الجهاد الإسلامي عن الثأر، ولكن في واقع الأمر يسعى إلى خلق الردع حيال إسرائيل: أن يجبي منها ثمنا عاليا بما يكفي كي تفكر مرتين قبل أن تقرر تدمير النفق التالي. أما في إسرائيل بالمقابل، فيستعدون لرد غير متوازن على كل محاولة للمس بسيادتها. معقول الافتراض بأن قيادة المنطقة الجنوبية، إلى جانب الاستعداد الدفاعي عن السكان، أعدت ردا يضرب نقاط ضعف الطرف الآخر ـ بدءا بالقادة العسكريين وانتهاء بالبنى التحتية العسكرية ـ وستحدد مستوى ثمن يعتبره الطرف الآخر يطاق.
حاليا تواصل حماس بنجاح جزئي محاولة لجم الجهاد الإسلامي كي لا ينفذ مخططاته. وأمام حماس اختباران حرجان من ناحيتها: فاليوم يفترض أن يفتتح معبر رفح، وفي الأول من كانون الأول ستدفع السلطة الرواتب لموظفي الدولة في غزة. ومن شأن النار أن تأكل الفرصة الهزيلة في تحقق المصالحة. ولكن الجهاد الإسلامي يتصرف بشكل مستقل. والمنشورات عن نشر القبة الحديدية في وسط البلاد تلمح بأن المنظمة تخطط، أغلب الظن، لإطلاق الصواريخ نحو المناطق المكتظة بالسكان. يمكنها أن تطلق قذائف هاون نحو البلدات المحاذية للجدار، أو تنفذ نار قناصة وصواريخ مضادة للدروع على طول الحدود، غير أن الجيش والسكان لا يوفران للجهاد أهدافا جذابة بما يكفي على ما يبدو بسبب الاستعدادات الخاصة. وما تبقى له هو أساسا النار الصاروخية إلى أعماق الأراضي الإسرائيلية.
حماس هي منظمة تتعلم. وعليه فمن المعقول الافتراض بأنها تتعاطى مع كشف النفق وتدميره كحدث تأسيسي يستوجب التفكير المتجدد. فالأنفاق المتسللة ليست فقط عنصرا مركزيا في الجهود الهجومية لمنظمات الإرهاب بل أيضا سلاحا ردعيا حيال إسرائيل، إلى جانب الصواريخ بعيدة المدى. غير أنه منذ بداية 2017 فهموا في القطاع بأن شيئا ما في الطرف الإسرائيلي قد تغير: يوجد علم، توجد قدرات جديدة. واليوم، بعد تفجير النفق، هناك إحساس في أوساط قسم من القيادة العسكرية لمنظمات الإرهاب في القطاع بأن عصر الأنفاق آخذ في الانتهاء، ومشكوك أن يكون منطقيا مواصلة الاستثمار فيها لمبالغ طائلة حين يتبين أن لدى إسرائيل جوابا ناجعا لها. وذلك إلى جانب العائق الذي يبنى كرد على الأنفاق على طول الحدود.
يتعين على قيادة حماس أن تفترض بأنه إذا كانت إسرائيل تعرف كيف تعثر على الأنفاق الهجومية وتدمرها، فلعله توجد لها أيضا قدرة على العثور على الأنفاق الدفاعية المنتشرة في غزة ـ عشرات الكيلومترات، طولا وعرضا. إن أساس الدفاع في القطاع مبني على هذه الأنفاق. في مثل هذا الوضع ستقف المنظمة ليس فقط أمام إفلاس اقتصادي بل أيضا أمام تحطم استراتيجيتها العسكرية.
يديعوت