إسرائيل ليست على عجل للقيام بالعمل القذر لمصلحة السعودية: عاموس هرئيل
الزعيم الأول الذي سيستغل الادعاءات بأن السعودية تريد دفع إسرائيل لمواجهة عسكرية جديدة في لبنان، هو ايضا القارئ المواظب جدا على الصحافة الإسرائيلية والأجنبية، الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. في الخطاب الذي ألقاه يوم الجمعة الماضي في قنوات التلفزة اللبنانية ادّعى نصر الله أن السعودية أعلنت الحرب على لبنان وحزب الله، وحذر إسرائيل من التدخل فيما يجري، كي لا تدفع ثمنا باهظا .
لقد بدا نصر الله للمشاهدين في إسرائيل مضغوطا ولهجته متذمرة. وقلقة من خطوات إسرائيلية مستقبلية لا تتوافق مع ادعاءاته المتبجحة السابقة، وكأن المجتمع الإسرائيلي هو في النهاية مثل «خيوط العنكبوت» التي ستنهار تحت ضغط العرب. يبدو أن الأزمة التي أثارتها السعودية في لبنان، بإملاء الاستقالة التي فرضتها على رئيس الحكومة اللبناني، سعد الحريري، جاءت في وقت لم يكن رئيس حزب الله مستعدا له.
ولكن حسن نصر الله لا يبدو أنه الزعيم الوحيد الذي غرق هنا في شيء كبير، أكبر من مقاسه. أيضا المقامرة السعودية واضحة، وليس هناك تأكيد أن الخط الهجومي الذي تتبعه المملكة سينتهي بنجاح، برغم بيانات الدعم الحماسية للرئيس ترامب.
وزارة الخارجية الأمريكية في إعلان رسمي لها، كانت أقل حماسة، الإعلان دعا إلى إعادة الحريري إلى منصبه وحذرت دول أجنبية ـ إيران، والسعودية أيضا ـ من التدخل في شؤون لبنان.
في هذه الأثناء نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تفاصيل موسعة حول الاستقالة، تبين فيها أن الحريري تم تحريكه دمية للسعودية. إعلان استقالته كتب له في لقاء صباحي أحضر إليه بصورة مفاجئة عقد في القصر الملِكِي، وبعد ذلك تم نقله إلى فيلّلا قرب فندق «ريتس كارلتون» في الرياض (الذي يحتجز فيه أيضا الأمراء وكبار رجال الأعمال، معتقلو التطهير من الأسبوع الماضي)، وذلك تحت رقابة جهاز الأمن في المملكة.
إسرائيل، باستثناء الهجوم العلني على إيران قبل أسبوع، لم تتطرق للاستقالة. كما لم يرد أي شخص رسمي على الاتهامات والتقديرات، وكأنه تم هنا حياكة عملية مشتركة سعودية إسرائيلية ضد حزب الله في لبنان. في المقابل، لم يتم اتخاذ أية خطوة لزيادة الاستعدادات في الشمال، التي من شأنها أن تبرهن على أن الجيش الإسرائيلي يستعد لعملية مبادر إليها.
في هذه الأثناء يبدو أن السعوديين هم ربما المعنيون بذلك، في حين أنه لا توجد لإسرائيل أية مصلحة مباشرة من مواجهة عسكرية. ويجدر التذكير أن السعودية عوّلت على عمليات عسكرية إسرائيلية مرتين في السابق ـ الأمل بأن تقوم إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وبعد ذلك تدخل الجيش الإسرائيلي ضد نظام الأسد في الحرب الأهلية في سوريا ـ وفي المرتين خاب أملها. وحتى الآن، الخطوات السعودية المتسارعة تزيد من التوتر في الساحة غير المستقرة أصلا، التي توجد فيها إسرائيل وحزب الله في مرات كثيرة على بعد خطأين متبادلين من اندلاع الحرب.
سلسلة خطوات السعودية فاجأت بدرجة معينة جهاز الأمن الإسرائيلي، وفاجأت بدرجة أكبر الوزراء في الكابنت، الذين لا يتابعون التفاصيل الدقيقة للتطورات اليومية. إن عدم الاستقرار في المنطقة، عدد اللاعبين المشاركين ووتيرة الأحداث تنشئ صعوبة مفهومة بالنسبة للمحللين لتوقع عدة خطوات مقبلة. ولكن ربما توجد هنا أيضا أسباب عميقة تتعلق بإسرائيل، منها الإبطاء في بلورة جدول أفضليات قومي ملزم لجهاز الاستخبارات والتركيز الكبير في السنوات الأخيرة على جمع المعلومات الاستخبارية لأغراض عملياتية، على حساب الاهتمام المكرس لتحليل خطوات بعيدة المدى.
ثقة نظام الأسد بنفسه زادت
في هضبة الجولان أسقط صاروخ باتريوت إسرائيلي طائرة من دون طيار اخترقت المنطقة منزوعة السلاح، خلافًا لاتفاقيات الفصل مع سوريا. في الجيش الإسرائيلي يقدرون أن تلك كانت طائرة من دون طيار سورية (وقد سبق إسقاطها فحص إسرائيلي عبر «الخط الساخن» مع روسيا، للتأكد من أن هذه الطائرة غير تابعة لها). من الانطباع الأولي يبدو أن الجيش السوري أرسل الطائرة لجمع معلومات عن إسرائيل.
وفي الوقت ذاته من أجل فحص قواعد اللعب في منطقة الحدود. هذه الظاهرة تكررت مؤخرا، وهي تنبع من زيادة الثقة الذاتية في نظام الأسد بعد استقرار مكانته في الحرب الأهلية والهزيمة التي تلقاها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على أيدي التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة.
وزير الدفاع افيغدور ليبرمان، قال في تصريح هجومي، إن إسرائيل تعتبر النظام السوري هو المسؤول عن كل إطلاق نار وخرق للسيادة في الحدود، ودعا الأسد إلى ضبط الجهات كلها التي تعمل في منطقته، وأعلن أن إسرائيل لن تمكن من «تمركز المحور الشيعي في سوريا كقاعدة عمل متقدمة».
هذا استمرار مباشر لتهديدات إسرائيل بإحباط الخطوات العسكرية الإيرانية في سوريا، وهو جاء بعد يوم من صدور تقرير الـ بي.بي.سي الذي نشر صور أقمار صناعية توثق، حسب أقوال «جهات استخبارية في الغرب»، عملية إيرانية لإنشاء قاعدة عسكرية ثابتة قرب دمشق.
في الوقت عينه، على هامش القمة في فيتنام، أعلن ترامب وبوتين أنهما يباركان توقيع اتفاق المبادئ الأمريكي ـ الروسي ـ الأردني، الذي يحدد قواعد العمل بعد وقف إطلاق النار الجزئي في جنوب سوريا. في هذا المؤتمر قيل إنه في إطار وقف إطلاق النار سيتقلص، وفي النهاية سيتوقف نهائيا، وجود القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب في المنطقة. من ناحية إسرائيل، هذه أقوال متفائلة، لكن يجب أن تكون مدعومة بتفاصيل وأعمال. في الوقت الحالي يبدو أنه لا يوجد لإيران أية نية للخروج من سوريا أو إخراج مليشياتها من هناك.
هآرتس