تنحّي البرزاني تراجع تكتيكي: حميدي العبدالله
لا شك أنّ إعلان رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني التنحّي عن منصب رئيس الإقليم الذي جرى عرضه وكأنه رفض من قبل البرزاني للاستمرار في هذا المنصب، هو نتيجة لهزيمة خيار هروبه إلى الأمام عبر الاستفتاء لتحاشي هذا المصير. معروف أنّ ولاية البرزاني انتهت منذ عام 2012، وحسب دستور إقليم كردستان لا يحق له الترشح لولاية ثالثة، ولكنه استمرّ في منصبه أكثر من فترة الولاية الثالثة، وعطل عمل البرلمان الذي اعترض على ذلك ورفض التمديد له .
كانت رهانات مسعود البرزاني على أنّ الاستفتاء سيعيد تعويمه من جديد ويمكّنه من احتواء معارضي انتخابه لولاية ثالثة، ولهذا حدّد موعد إجراء انتخابات رئاسة الإقليم والانتخابات البرلمانية في 1 تشرين الثاني بعد إجراء الاستفتاء فوراً، وكان البرزاني يعتقد أنه سوف ينتخب بغالبية ساحقة، أو على الأقلّ بغالبية توازي الغالبية التي صوّتت بنعم لصالح استقلال الإقليم عن حكومة بغداد.
إجراءات الحكومة العراقية ضدّ الاستفتاء والموقف الإقليمي الحازم، لا سيما من قبل إيران، وعجز الولايات المتحدة والحكومات الغربية عن تقديم دعم واضح للبرزاني خوفاً على مصالحها مع بغداد، كلّ ذلك أدّى إلى فشل الاستفتاء واضطرت قيادة إقليم كردستان إلى تعليق نتائج الاستفتاء، وأصرّت الحكومة العراقية على العودة إلى الوضع الذي كان قائماً عام 2003، وفرض سلطتها الاتحادية على الإقليم، لا سيما على المجال الجوي والمعابر الحدودية.
فشل خطوة البرزاني دفعته للتراجع والتخلي عن رئاسة الإقليم.
لكن هذا التراجع تكتيكي، فالبرزاني لا زال يمسك بالسيطرة على إقليم كردستان العراق من خلال رئاسة الحكومة، ومن خلال سيطرته على جزء كبير من قوات البيشمركة التي ترتبط به شخصياً، وهي امتداد لحزبه.
يعتقد البرزاني أنه يستطيع مواصلة الهيمنة على الإقليم من خلال هذه الأطر، وسوف يعرقل أيّ محاولة لانتقال السلطة في إقليم كردستان إلى جهات منتخبة من الشعب حتى لو أدّى ذلك إلى اندلاع حرب أهلية في الإقليم.