الولايات المتحدة لو تعرف: شارل أيوب
أترحّم على قتلى نيويورك وجرحى نيويورك أيضا في منطقة مانهاتن وهم مدنيون من الشعب الأميركي، لكن الإدارة الأميركية لا تترحّم على شهدائنا ولا تطلب الشفاء لجرحانا، بل تدعم المعتدي علينا والمغتصب لارضنا وتقوم بتمويل التكفيريين لذبح الأبرياء وتدمير المدن والقرى في بلادنا، وتقدم لهم الأسلحة بالاتفاق مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية، بالاتفاق مع تركيا .
يقول الرئيس الأميركي ترامب بعد حادثة دهم مدنيين في اهم منطقة وهي مانهاتن في اكبر عاصمة مالية في العالم وهي نيويورك، انه لن يترك اثرا لداعش، لان الذي قام بعملية الدهس اعترف انه تابع لما يسمّى تنظيم الدولة «داعش»، واقترح ارساله الى سجن غوانتانامو في كوبا.
تُرى من الذي دعم داعش بالتمويل والسلاح، ومن دعم جبهة النصرة بالتمويل والسلاح، ومن دعم التكفيريين بالمال والسلاح، أليست الولايات المتحدة التي كانت تقوم بتمويل المنظمات التكفيرية كلها وعلى رأسها داعش، ومنذ شهرين فقط أعلنت الولايات المتحدة وقف تمويلها للمنظمات التكفيرية وللمعارضة السورية، كما أسمتها واشنطن، آلاف وآلاف التكفيريين عبروا عبر السعودية ودول الخليج الى تركيا ومن تركيا عبروا الى سوريا في مخطط أميركي – صهيوني لاسقاط النظام السوري. كذلك انتشروا في العراق مسببين المزيد من الخراب في العراق العظيم والتاريخي لان الصهيونية تريد تدمير العراق وشعب العراق وقتله.
الولايات المتحدة ليتها تأخذ العِبر والدروس مما فعلته وتفعله في العالم وهي اكبر دولة في العالم، وتملك اكبر طاقة عسكرية وطاقة اقتصادية وطاقة مالية. لكن الإدارة الأميركية لا تأخذ العِبَر والدروس مما تفعل، واكثر الأحيان لا تأخذ العِبَر والدروس لان الصهيونية تسيطر على الإدارة الأميركية.
في أفغانستان قامت الولايات المتحدة بدعم التطرف التكفيري الذي تزعّمه بن لادن، وقامت بتسليحه وتمويله مع السعودية، وذلك لقتال جيش الاتحاد السوفياتي، وأميركا فعلت ذلك لالحاق الهزيمة بالاتحاد السوفياتي والسعودية قامت بذلك لانها تعتبر روسيا جيشاً ملحداً، وهي تحارب الالحاد. وانتهت الحرب في أفغانستان بانسحاب جيش الاتحاد السوفياتي منها وانتصار القوى التكفيرية بزعامة بن لادن وطالبان في أفغانستان، وكان كل ذلك يجري تحت اشراف الإدارة الأميركية والمخابرات المركزية الأميركية.
فماذا حصل بعد ذلك، ان الذين درّبتهم أميركا ودعمتهم بالسلاح والمال وهم تكفيريون قاموا بمهاجمة العاصمة واشنطن ووزارة الدفاع الأميركية وقيادة الجيش الأميركي في البنتاغون واكبر برجين للتجارة العالمية في قلب نيويورك، وتم اسقاط الطائرة الرابعة التي كانت متوجهة الى البيت الأبيض او الى الكونغرس الأميركي.
الذي زرعته الولايات المتحدة في أفغانستان قطفت ثمنه في مهاجمة التكفيريين لها في قلب عاصمتها وفي اهم المراكز فيها.
ولم تتعلم الولايات المتحدة من دعم التكفيريين بل انتقلت الى المشرق العربي لتدعم بالمال والسلاح بالاشتراك مع الصهيونية والسعودية وبعض دول الخليج التنظيمات التكفيرية ووصلت الى حدّ اسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، عبر إرسال وتسهيل دخول عشرات آلاف التكفيريين بالتنسيق مع السعودية والصهيونية وتركيا الى سوريا خاصة، ولولا التدخل الروسي بقوة ومشاركة حلفاء النظام السوري وعلى رأسهم حزب الله، ودعم إيراني كبير لكان التكفيريون سيطروا على القسم الأكبر من سوريا وعندها هنالك الفوضى وهنالك التخلف وهنالك الإرهاب، ومن الذي كان يدعم الإرهاب سوى الولايات المتحدة.
وها هي الولايات المتحدة التي دعمت داعش تقطف ثمار هذا الدعم في عملية نيويورك، في قلب اكبر عاصمة مالية في العالم، والتي عدد سكانها 23 مليون نسمة.
ويعلن الرئيس الأميركي ترامب انه لن يبقي احداً تابعاً لداعش في الولايات المتحدة. فهل الإدارة الأميركية ستأخذ العِبَر والدروس من دعم الإرهاب في المشرق العربي بعد عملية مانهاتن في قلب نيويورك.
وكم حذرت سوريا دولاً أوروبية وخليجية وأميركا من خطر دعمها للارهاب، وقال الرئيس بشار الأسد شخصياً ان هذا الإرهاب الذي تدعمه واشنطن ودول الخليج سيرتدّ يوماً ما عليها، وعاشت تركيا اكبر عمليات إرهابية من داعش في قلب اسطنبول ومدن تركيا عديدة. ونفذت داعش عمليات انتحارية في قلب العاصمة السعودية لا بل على أبواب القصر الجمهوري الملكي، وفي مناطق عديدة، حيث استهدفت الشرطة السعودية وقتلت منهم العديد في عمليات انتحارية أدت الى قتل عناصر من الشرطة ومدنيين ابرياء من الشعب السعودي.
وهذا كان نتيجة الدعم السعودي للارهاب التكفيري الذي ارسلته الى سوريا، والى العراق، وحتى الى لبنان، ليضرب في الضاحية مركز حزب الله وتواجده، والسفارة الإيرانية وغيرها، بخطة صهيونية – سعودية – أميركية – تركية مباشرة.
ثم انتقل الإرهاب التكفيري الى أوروبا وأعلنت فرنسا حالة الطوارئ طوال سنتين، وما زالت تقريبا حتى الان وبقية الدول الأوروبية وفرنسا عانت من الإرهاب التكفيري الذي دعمته لاسقاط النظام السوري ولقتل الشعب العراقي.
وأمس شهدت الولايات المتحدة عملية إرهابية قام بها عنصر من داعش وهذا العنصر من داعش هو الذي دعمته الولايات المتحدة بالمال والسلاح بطريقة غير مباشرة من خلال دعمها للتكفيريين الذين ارادت عبرهم تدمير سوريا والعراق واسقاط الأنظمة فيها.
الولايات المتحدة لو تعرف ان ما تزرعه تقطفه، والولايات المتحدة المتحمّسة لشخص رئيسها ترامب على فرض عقوبات على حزب الله وايران، لو تعرف ان حزب الله هو الذي قاتل داعش، وألحق بها خسائر كبيرة، وهو الذي حرّر مع الجيش العربي السوري مناطق كثيرة واخرج منها داعش مُلحقاً بها الهزيمة، فيما كانت الولايات المتحدة تدعم داعش بالسلاح والمال مع السعودية والصهيونية وتركيا.
والان نأتي الى النقطة الهامة والرئيسية وهي إرهاب الدولة، منذ ستين سنة وحتى الان، والولايات المتحدة تدعم إرهاب الدولة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وضد دول العالم العربي، وخاصة المشرق العربي، وتدعم الكيان الصهيوني بكل أنواع السلاح وبالمليارات من الدولارات، ولا تنظر الى الظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني، لا هي ولا أوروبا، حيث يعيش اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات منذ 70 سنة فيما الإسرائيليون اغتصبوا الأرض ويقيمون المستوطنات تلو المستوطنات، والطائرات الإسرائيلية تغير وتقصف شعبنا وتقتل المدنيين ومع ذلك تدعم الولايات المتحدة إسرائيل بشكل مطلق.
أعطت الولايات المتحدة من خلال سيطرة الصهيونية على الإدارة الأميركية وعداً لإسرائيل بأن كل اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني والشعب العربي بأنها ستستعمل حق الفيتو في مجلس الامن، وعلى مدى 40 سنة استعملت الإدارة الأميركية حق الفيتو في مجلس الامن لعدم ادانة إسرائيل.
وعلى مدى 50 سنة استمرت إسرائيل في العدوان علينا، وقامت بحرب حزيران عام 1967 واحتلت أراض عربية وصدر القرار 242 بموافقة الإدارة الأميركية، ومع ذلك هذا القرار لم ينفذ منه بند واحد.
الولايات المتحدة تفرض على حزب الله وايران اقصى العقوبات، فقط لان العالم شهدَ حدثا خطيرا وفريدا هو قيام الثورة الإسلامية في ايران، وقيام ايران باهداء سفارة إسرائيل الى منظمة التحرير والى ياسر عرفات، الذي بادل ايران باتفاق أوسلو مع إسرائيل. وتفرض العقوبات الشديدة على حزب الله لانه شكل المشروع المنظم والخطة النظامية الكاملة بالرد على المخطط الصهيوني وبدء الحاق الهزائم به، هزيمة خلف هزيمة، واذا كان حزب الله قد قام بخطف دورية إسرائيلية او اعتراضها، فردت إسرائيل بقصف لبنان كله والمراكز الحيوية فيه والجسور والطرقات وحاصرته وشنت عدوانا إرهابيا على لبنان ولم تقم واشنطن بإدانة إرهاب الدولة الإسرائيلية ضد لبنان لمجرد انها لا تريد الظلم اللاحق بالشعب اللبناني من قيام 200 طائرة إسرائيلية بقصف البنية التحتية ومدن الجنوب وبيروت والضاحية، بل كانت تدعم إسرائيل وتدعوها للاستمرار في الحرب ولم تتوقف الحرب رغم إصرار الولايات المتحدة على اكمالها، لان العدو الصهيوني لم يعد لديه الطاقة على الاستمرار في العدوان على لبنان.
الولايات المتحدة التي تفرض العقوبات على حزب الله وايران وتتهمهما بالإرهاب، انما هي تدعم اكبر دولة إرهابية، وهي إسرائيل، بالطائرات الحديثة وبكل أنواع الأسلحة البرية وبـ 6 مليارات هبة لإسرائيل سنوياً.
وسببت الإدارة الأميركية لشعوب المنطقة اكبر ظلم وعدم استقرار في الشرق الأوسط كله لان الإدارة الأميركية صهيونية ولا ترى الا مصلحة إسرائيلية.
الولايات المتحدة عرضت على ايران وقف تسليحها لحزب الله، مقابل تحرير الأرصدة المالية لإيران وإقامة افضل العلاقات معها، ووضعت امام ايران في الميزان اختيار مقاومة إسرائيل عبر حزب الله وعندها العقوبات الأميركية او التخلي عن حزب الله وعدم تسليحه لتأمين الكيان الصهيوني وإلغاء المقاومة ضده وتحقيق الهيمنة الإسرائيلية على لبنان وعلى دول عربية أخرى.
لكن ايران اختارت المقاومة، ودفعت ثمنا باهظا لذلك، سواء في الحرب مع العراق ام تحريض السعودية للإدارة الأميركية بفرض اقصى العقوبات ومحاصرتها اقتصاديا ومنعها من التسلّح. وايران لا تملك طائرات حديثة بسبب العقوبات الأميركية، لكن ايران ردّت بتحالف مع روسيا والصين وانتجت احدث الصواريخ حتى وصلت الى الصواريخ البالستية التي مداها اكثر من 2000 كيلومتر. واستطاعت الصناعة العسكرية الإيرانية انشاء اسطول بحري إيراني هام للغاية. واستطاعت تجاوز العقوبات الأميركية والأوروبية واستمرت في دعم المقاومة وحققت المقاومة ومجاهدوها الانتصار تلو الانتصار، سواء ضد الكيان الصهيوني ام ضد القوى التكفيرية المدعومة من الإدارة الأميركية والسعودية وتركيا ودول الخليج.
هل تأخذ الإدارة الأميركية العِبَر من انها طالما هي خاضعة للصهيونية العالمية فانها تسبب لنا اكبر ظلم لكنها تسبب وتفتح الطريق امام انهيار الكيان الصهيوني سنة بعد سنة، وحربنا مع إسرائيل هي حرب وجود وهي ليست حرب سنوات وليست حربا مؤقتة بل هي حرب طويلة يسير فيها الكيان الصهيوني نحو الانهيار التام والتاريخ سيشهد على ان الشعب الفلسطيني سيعود الى ارضه وفلسطين سيتم تحريرها، ومن يعتقد ان ذلك حلم او وهم فلينظر كيف تم اسقاط المؤامرة في سوريا ولينظر كيف انه تم الحاق الهزيمة بالتكفيريين المدعومين من الصهيونية في سوريا والعراق وكيف تم الحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني في حرب 2006.
ليت اميركا تعرف وتتعلم ان سياستها هي دعم الإرهاب الحقيقي، والإرهاب الحقيقي في العالم هو الصهيونية، وسرطان العالم هو الصهيونية، والحمد لله ان شعبنا بدأ يضرب الصهيونية ضربات قوية ويقوم بافشال مخططاتها، واذا كان حزب الله يملك 100 الف صاروخ موجهة نحو إسرائيل فاننا نقول ان 100 الف صاروخ ليست كافية لردع إسرائيل وضربها بقساوة، بل نحن نحتاج الى 300 الف صاروخ باتجاه إسرائيل، ولا بدّ من المقاومة بالعمل على الانتقال من 100 الف صاروخ الى 300 الف صاروخ كي يعلم الكيان الصهيوني ان الحرب المقبلة ستكون ويلات عليه وبداية نهاية الصهيونية في المنطقة.
وان حزب الله بقوة مجاهديه وايمانهم العميق والمقدّس، وعبر الدعم الإيراني قادر على الوصول الى ترسانة أسلحة توازي الترسانة الإسرائيلية الضخمة التي تصنعها وتقوم أيضا الولايات المتحدة بارسال اكبر كميات الأسلحة الى إسرائيل.
وعندما ستقع الحرب المقبلة ستعرف إسرائيل ان حزب الله هو القوة الإقليمية الرئيسية القادرة على الحاق الهزيمة الكبرى بها وان ايران والعراق وسوريا ستدعم المقاومة في لبنان ضد إسرائيل وتكون حربا من الحروب المستمرة حربا تلو حرب حتى ينتهي الكيان الصهيوني.
فهل تستفيق الإدارة الأميركية وتتوقف عن دعم إرهاب الدولة الذي هو اخطر إرهاب وتستيقظ الإدارة الأميركية من الهيمنة الصهيونية عليها.
(الديار)