تهجمات تيلرسون على الحشد الشعبي: حميدي العبدالله
هاجم وزير خارجية الولايات المتحدة الحشد الشعبي في العراق، وطالبهم بالعودة إلى بلادهم. مما جاء في التصريح يتّضح أنّ وزير خارجية الولايات المتحدة لا يفقه ما يجري في العراق وهو يعاني من الانفصال عن الواقع، ويبدو أنّ هناك من أسرّ بأذنه في الرياض للإدلاء بهذا التصريح من دون معرفة ما ينطوي عليه من أخطاء
.
عندما يطالب تيلرسون فصائل الحشد الشعبي بالعودة إلى بلادهم، فهو أولاً يخلط بين هذه الفصائل وبين المستشارين الإيرانيين. وجود مستشارين إيرانيين في العراق قرار صدر عن الحكومة العراقية، واللواء قاسم سليماني هو مستشار رسمي للحكومة العراقية، شأنه شأن المستشارين الأميركيين الآخرين الذين وافقت الحكومة العراقية عليهم لمساندتها في حربها على الإرهاب. كيف يحق لتيلرسون أن يشرّع وجود مستشارين أميركيين طلبتهم الحكومة العراقية، ويحرّم عليها وجود مستشارين من دولة جارة تربطها بالعراق روابط ثقافية وتاريخية أكثر بكثير مما يربط العراق بالولايات المتحدة. ثانياً، فصائل الحشد الشعبي هي فصائل عراقية، وليست قوات أجنبية، وبالتالي فإنّ طلب وزير خارجية الولايات المتحدة أن يعود هؤلاء إلى بلادهم يعني أنه لا يعرف ممّن تتشكّل قوات الحشد الشعبي، وهذا أمر معيب بالنسبة لوزير خارجية دولة كبرى، وأقلّ ما يُقال عنه إنه جهل سيقود إلى هزيمة السياسة الأميركية في العراق والمنطقة طالما أنّ من يشرف على هذه السياسة مسؤولون لا يدرون ما يدور حولهم.
على أية حال لم يكن الردّ على وزير خارجية الولايات المتحدة بشأن الحشد الشعبي من فصائل هذا الحشد، بل جاء على لسان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، الذي أكد أنّ الحشد الشعبي هو أمل العراقيين، وهو مؤسسة حكومية، وبالتالي لا يحق لأيّ جهة التشكيك بولائها الوطني.
الأمر الهامّ في التصريحات الأميركية، هو قناعة واشنطن أنّ خططها للهيمنة على العراق قد فشلت، فشلت محاولة الاستقواء بداعش لعودة الجيش الأميركي على النحو الذي يكرّس نفوذها المطلق على العراق، وفشلت الآن محاولة التعويض عن ذلك عبر فصل شمال العراق وتحويل هذا الشمال إلى قاعدة نفوذ أميركية إسرائيلية، لهذا كانت هذه التصريحات الأميركية التي تفتقر إلى الاتزان والدقة.
(البناء)