مقالات مختارة

غواصات عسكرية ألمانية لإسرائيل: رونين برغمان

 

بعد تأثيرات كثيرة، اتصالات عاجلة في القيادة وإعادة صياغة البند الذي يسمح لهم بالتحرر من الالتزام ـ أقرت حكومة ألمانيا يوم الخميس مذكرة تفاهم عن صفقة الغواصات مع إسرائيل. وكشف النقاب عن ذلك لأول مرة في «يديعوت احرونوت» وفي «واي نت» صباح يوم الجمعة .

وبناء على مذكرة التفاهم ستشتري إسرائيل من ألمانيا ثلاث غواصات من طراز «دولفين» إضافة إلى الغواصات الست التي اشترتها حتى الآن (خمس وصلت والسادسة قيد البناء). وتبلغ الصفقة نحو 2 مليار يورو، منها ستشارك حكومة ألمانيا بنحو نصف مليار يورو. وصادقت حكومة ألمانيا على المذكرة ليلة يوم الخميس، ونقلت عن ذلك بلاغا لإسرائيل. يحتمل أن يوقع الاتفاق لاحقا في احتفال رسمي أو أن يكتفي الطرفان بتبادل بلاغات دبلوماسية.

وسبق أن صيغت مذكرة التفاهم قبل نحو سنة ونصف السنة، ولكن مع فتح التحقيق الشرطي في إسرائيل في قضية الغواصات أجلت ألمانيا المرة تلو الأخرى التوقيع وطلبت الاطلاع على تطورات التحقيق. أربع مرات في السنة الماضية عقدت وزارة العدل لجنة تقصي التحقيقات، وفي نهاية المطاف قيل للألمان إنه برغم الفساد الذي ظهر والاتفاق مع الشاهد الملِكِي، ميكي غانور، «فإن الفساد لم ينزل إلى جذور الصفقة»، بمعنى أنه لم يؤثر في عملية اتخاذ القرار في إسرائيل أو في ألمانيا.

واصطدمت ميركيل بمعارضة محافل ألمانية رفيعة المستوى لتوقيع المذكرة التي وقعت في نهاية المطاف فقط بعد توسيع «فقرة التقييد» التي تسمح للألمان بالتراجع عن الاتفاق في حالة ظهور فساد فيه. وهكذا، برغم معارضة إسرائيل أدخلت في الأسبوع الماضي إلى الاتفاق تغييرات تقول إن الصفقة لن تتحقق طالما لم تنته وتستنفد كل التحقيقات في القضية وملحقاتها في إسرائيل.

كما أن ألمانيا تحتفظ لنفسها بالحق بالتراجع عن الصفقة حتى لو انتهت التحقيقات من دون شيء أو بظهور فساد جوهري. بكلمات أخرى، يحتفظ الألمان لأنفسهم بالحق في تفسير نتائج التحقيق والمحاكمات التي ستتم بعده، إذا ما كانت كهذه، وفقا لفهمهم والانسحاب عن الاتفاق كما يشاؤون.

وكانت «دير شبيغل» نشرت أمس تقريرا عن صيغة تختلف قليلا لـ «فقرة التقييد» وبموجبها لن تكتفي ألمانيا ببيان من حكومة إسرائيل بأن التحقيق انتهى ولم يوجد فساد جوهري فيه بل ستطلب بيانا من المستشار القانوني للحكومة.

بعد بضع ساعات من النشر الحصري في «يديعوت احرونوت» و «واي نت» أكدته مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس. وقالت هذه المصادر إنه «جرت عملية مرتبة بمشاركة مباشرة من المستشار القانوني للحكومة ورجاله وبتعاون قيادة الأمن القومي ووزارة الدفاع. والتحفظ الذي أدخل إلى الاتفاق: ألا يكون هناك علة جنائية في سلوك مستوى القرار أو الموظفية العليا المشاركة في اتخاذ القرار في الصفقة».

ويشكل توقيع مذكرة التفاهم انجازا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي دفع نحو ذلك برغم معارضة جهات رفيعة المستوى في جهاز الأمن وحتى بعد فتح التحقيق في القضية. وينبغي أن يعزى في مصلحة نتنياهو أيضا حقيقة أنه قدر على نحو سليم بأن الوضع السياسي في ألمانيا بعد الانتخابات قد يؤدي إلى إلغاء الصفقة أو إلى تقليص تأييد الحكومة لها.

ومن جهة أخرى، فإن وضع الصفقة كما أقرت في نهاية الأسبوع ليس لامعا: فالتحقيق في قضية الغواصات الذي في إطاره خضع للتحقيق أيضا مقرب من رئيس الوزراء المحامي دافيد شمرون، أدى إلى أزمة في العلاقات بين إسرائيل وألمانيا وصياغة اتفاق التفاهم الذي يمكن الألمان من التراجع عنه في كل لحظة استنادا إلى مسألة التحقيق في الفساد.

ومهم بقدر لا يقل، هناك بين نتنياهو ومقربيه وبين أطراف واسعة في وزارة الدفاع والجيش خلاف مبدئي عميق للغاية في مسألة لِمَ بالضبط تشتري إسرائيل ثلاث غواصات أخرى. وهل تحتاج حقا إلى تسع غواصات نشطة؟ ومن قرر أن إسرائيل تحتاج مثل هذا الأسطول، متى واستنادا إلى أي معطيات؟ في هذا الجدال الذي تمتنع شرطة إسرائيل عن الدخول فيه ولن يحسمه إلا تحقيق خارجي عميق، ثمة أغلب الظن جانب واحد يكذب. ولهذه الكذبة معانٍ أمنية واقتصادية بعيدة الأثر.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى