فتح وحماس: اتفاق بلا جدوى: اليكس فيشمان
في أثناء محادثات المصالحة في القاهرة طُلب من حماس أن تعرض على رجال أمن السلطة الفلسطينية خريطة الأنفاق في غزة، كجزء من الموافقة على تنسيق النشاط الأمني مع إسرائيل. أما ممثلو حماس فلم يكبدوا أنفسهم حتى عناء التعقيب على هذا الطلب .
أبقت محادثات القاهرة في أيدي حماس في غزة الأنفاق، المعامل، مصانع إنتاج السلاح، الطائرات غير المأهولة وكتائب عز الدين القسام والكوماندو البحرية. عمليًا، بقيت الذراع العسكرية لحماس مثلما كانت، تحت القيادة المباشرة والحصرية لحماس. ولهذا ففي إسرائيل يتعاطون مع الاتفاق الذي وقع أمس كاتفاق ليس له أي احتمال للتحقق، بحيث أنه خسارة حتى إضاعة الطاقة على محاولة تشويشه. فما بالك أن الإدارة الأمريكية ومصر على أي حال طلبتا من إسرائيل ألا تتدخل.
ومع ذلك، يبين الاتفاق حراكا ما في استعداد حماس للتخلي عن الاحتكار المطلق الذي لها على السلاح في القطاع. هكذا مثلا المسؤولية عن المعابر ستنقل بالتدريج إلى السلطة الفلسطينية و 3 آلاف من أفراد الشرطة سيصلون من الضفة إلى غزة وينخرطون في عمل 12 ألف شرطي غزة المسؤولية عنهم هم أيضا ستنقل إلى السلطة.
إن الشكل الذي ستتم فيه هذه الخطوات وغيرها في الاتفاق سيتقرر في مداولات اللجان المشتركة لحماس وفتح. وبشكل عام فإن معظم بنود الاتفاق الذي وقع أمس مشروطة بعمل اللجان، التي ليس لمعظمها حتى مواعيد نهائية محددة. هكذا مثلا، مستقبل موظفي الحكم في غزة سيبحث في إطار لجنة يفترض أن ترفع توصياتها بعد أربعة أشهر ـ وهو خلد بمقاييس الشرق الأوسط.
لجنة أخرى ستعرض خطة تسمح بوقف المطاردات والاعتقالات لرجال حماس في الضفة، الأمر الذي يلزم حماس، ظاهرا، بالإعلان عن وقف أعمال الإرهاب. غير أنه لا يظهر أي ذكر لذلك في أي وثيقة مشتركة لحماس وفتح. وفي هذه الأثناء فإن المعلومات التي لدى المخابرات الإسرائيلية لا تتحدث عن أي انخفاض في نشاط الخلايا العسكرية لحماس في الضفة بل العكس.
في إسرائيل يعتقدون أن توافق أبي مازن مع المصريين واستعداده لقبول اتفاق لا يعطيه سيطرة على السلاح في القطاع يؤكدان كونه أوزة عرجاء ولكن حاجته لأن يعرض على الإدارة الأمريكية حالة حاكم له تفويض بالعمل باسم كل الشعب الفلسطيني مهمة له أكثر من التنازلات للمدى القصير. فالولايات المتحدة توشك على عرض خطة سياسية للتسوية في الشرق الأوسط وعرضه كشريك شرعي هو هدف أعلى من ناحية أبي مازن.
مهما يكن من أمر، في إسرائيل لا يؤمنون بأن حماس ستأخذ على عاتقها الالتزامات التي للسلطة تجاه إسرائيل، والتقدير يقول إن هذا اتفاق سينتهي بالانهيار في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر. وفي كل حال، فإن حكومة إسرائيل لن تكون قادرة على التعايش مع هذا الاتفاق، حتى لو تضمن التزاما من حماس نحو السلطة بتخفيض التوتر في غزة. وسبب ذلك هو أن الاتفاق سيلزم إسرائيل عندها بالتنازل عن سياسة العزل بين الضفة والقطاع، العزل الذي يسمح لها بالتملص من المسيرة السياسية بدعوى أن أبا مازن لا يمثل الأمة الفلسطينية كلها وبالتالي فإنها لن تكون مستعدة للتنازل عن ذلك بسرعة.
فضلا عن ذلك، فغن إسرائيل لا تحصل بمقابل هذا التنازل عن أي إنجاز مضمون في شكل اعتراف من حماس بإسرائيل أو التزام بوقف أعمال العنف. وبالتالي فإن هذا الاتفاق، مثلما يبدو اليوم، لن يصمد.
يديعوت