مقالات مختارة

خامنئي: حان وقت تغيير التوازن الميداني في سورية عامر نعيم الياس

 

أُعلِن في إيران منذ يومين، أنّ المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيّد علي خامنئي سمح «لمجموعات محدّدة» من الشباب الإيرانيين، بالتوجه إلى كلٍّ من العراق وسورية ولبنان للقتال إلى جانب الحلفاء. ونقل قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري عن خامنئي أنه «أعطى الإذن لمجموعات من الشباب الإيرانيين للقتال إلى جانب اخوتهم العراقيين والسوريين واللبنانيين». وأضاف: «بخلاف تلك الأعداد من الشباب الذين سمح لهم بالانضمام إلى القتال خارج إيران، فإنه ممنوع على أيّ شخص مغادرة البلاد».

هو قرار من قائد إيران الروحي والسياسي والعسكري، لا يرقَ إلى الفتوى بالجهاد العام، لكنه قرار يشرّع القتال في سورية والعراق ولبنان «لمجموعات محددة» أي مستشارين عسكريين وأمنيين ومدربين فضلاً عن المقاتلين المحترفين. هنا يبرز بعض النوع، لكن الكمّ يبقى الأساس في إدارة المعركة الحالية أمام مدٍّ وهابيّ متطرّف تحوّل إلى رأس حربة في المشروع الأميركي للمنطقة. فهل تحتلّ الساحات التي شملها قرار خامنئي الأهمية ذاتها؟

من الواضح أن سورية التي تشكل الحلقة الأكثر حساسية وخطورة في الصراع الدائر الآن عليها وفيها، تشكّل أولوية في القرار الذي أعلِن منذ يومين. فالقرار يأتي بعد تطوّرين بارزين على الجبهة السورية، أوّلها دخول «إسرئيل» المباشر والعلني على خطّ الأزمة السورية ما أدّى في عملية القنيطرة إلى استشهاد ضابط رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني، أعلنت طهران عن استشهاده، في الوقت الذي كان من الممكن التعتيم على الخبر. أما الثاني، فتداعيات التصرّف «الإسرائيلي» الأحمق على معادلة الردع في المنطقة عموماً، وفي ما يخصّ سورية خصوصاً، فبيان نعي العميد دادي الصادر عن الحرس الثوري قال إن استشهاد العميد جاء في «جغرافيا المقاومة الإسلامية»، وهو ما يحمل في طيّاته بذور ربط جبهات المواجهة مع المحور الصهيو ـ أميركي، مع ما يعنيه ذلك من تشريع الدخول المباشر والعلني لطهران على محور المواجهة.

وعليه، وانطلاقاً مما سبق، يؤشر قرار السيّد الخامنئي إلى جملة أمور أهمها:

ـ سورية على رأس أجندة محور المقاومة الآن، وبالتالي فإن اتخاذ القرار جاء بناءً على التطوّرات الأخيرة التي غيّرت قواعد الاشتباك على الجبهة السورية.

ـ الردّ على الغارة «الإسرائيلية» في القنيطرة وتدخلها السافر لإقامة منطقة عازلة في جنوب سورية، والدخول المباشر والعلني على جبهة الصراع معها في سورية.

ـ الحاجة إلى تحريك الجبهة السورية أمسى أمراً ملحّاً وضاغطاً على محور المقاومة، فالتغطية الرسمية والشرعية على قرار السماح بإرسال مقاتلين إيرانيين إلى سورية، يأتي في ظلّ وعي لدى محور المقاومة بضرورة تحريك الوضع الميداني الراهن في سورية، بغية إحداث تغيير نوعيّ في موازين القوى على الأرض، من شأنه أن يدفع الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن لإعادة حساباتها في سورية،.وهذا يستوجب تفعيل القتال على الأرض، وهو ما يؤدّي بدوره إلى سقوط شهداء لمحور المقاومة في المعركة، يحتّم الالتزام باستراتيجية العمل العلني وتحضير الرأي العام في محور المقاومة لقبول تضحيات.

ـ أولوية الجبهة السورية لا تعني أن العراق ولبنان ليسا على أجندة محور المقاومة، لكن الحالة السورية وخصوصيتها سواء لجهة حجم الانخراط الدولي الإقليمي في الحرب على سورية، أو لجهة الحاجة إلى كمٍّ يقف في مواجهة هذا الفيض من الإرهابيين الأجانب الذين يعبرون الحدود السورية مع دول الجوار، خصوصاً مع تركيا، يجعل من سورية الوجهة الأولى للقرار.

ـ تغيير قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني، دخل مرحلة اللاعودة، وخامنئي بقراره يضيف حساباً آخر لعواقب أيّ تدخل «إسرائيلي» مباشر في سورية من جبهة الجولان خصوصاً، بعد المعادلة التي أرساها السيّد نصر الله في خطابه الأخير عندما هدّد بالردّ على استهداف أيّ مقاوم في أيّ مكان.

ـ تأكيد القرار الإيراني على «مجموعات محددة» يوصل رسالة بأن القرار قابل للتطوير وورقة الجهاد المقدس ليست في يد طرف وحيد في المنطقة، إن اقتضى الأمر.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى