بقلم غالب قنديل

تهديد إيران حماقة كبرى

غالب قنديل

قابلت إيران بثبات وحزم تهديدات إدارة ترامب التي تستجيب للتحريض الصهيوني المسند برغبات سعودية مدعومة بسخاء مالي كانت قمة الرياض مثاله الواضح .

بين هذين الحليفين الرئيسيين تدور محاولات الاستجابة الأميركية بكلام استفزازي ضد إيران دأب الرئيس الأميركي على ترداده باستمرار منذ دعوته الانتخابية إلى تمزيق الاتفاق النووي الذي عاد وأعلن في مؤتمره الصحافي المشترك مع بينامين نتنياهوعن التمسك بتطبيقه بحذافيره وهي حصيلة اوصت بها مراكز التخطيط الأميركية بما فيها تلك المرتبطة باللوبي الصهيوني “الإيباك”.

ليس من الفراغ ان يتحدث الجنرال ماتيس وزير الحرب الأميركي عن مزايا الاتفاق التي تستدعي التمسك به وان يعترف أيضا امام الكونغرس بان إيران ملتزمة ببنود الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي والذي وجد فيه بكل وضوح مصلحة حيوية للأمن القومي الأميركي عشية ما قيل إنه مراجعة للاتفاق يجريها الريس الأميركي وبذلك يكرس رئيس البنتاغون اعترافا رسميا صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيه تكذيب لجميع المزاعم الأميركية التي انكفأت من حيث المضمون إلى خط المناكفة حول برنامج إيران لتطوير صواريخها البالستية بعيدة المدى التي تمثل تهديدا كبيرا للكيان الصهيوني كما هو معلن.

الأرجح ان ترامب سيكتفي بمهاتراته الكلامية ضد إيران من غير ان يعلن موقفا جديدا يمس الاتفاق النووي فالجنرال ماتيس ( الذي يلقب بالكلب المسعور ويفترض انه من العسكريين الأشد تطرفا ) يتحدث نيابة عن جنرالات البنتاغون وباسم المجلس العسكري الذي بات يحكم الولايات المتحدة ويحتل البيت الأبيض وهو يضم إلى جانب وزير الحرب كلا من رئيس موظفي المقر الرئاسي الجنرال جون كيلي ومستشار الأمن القومي الجنرال ماكماستر والجنرالات قادة الجبهات الأميركية في المنطقة الوسطى والباسيفيك والأطلسي وأفريقيا الذين يستدعى كل منهم إلى واشنطن لحضور الاجتماعات تبعا للحاجة.

إيران تتقيد بالتزاماتها الدولية والولايات المتحدة تعربد وكل من حكومتي السعودية والكيان الصهيوني تشتهي حربا اميركية ضد إيران بينما عشرات الشركات الكبرى الأميركية والأوروبية تتلمظ شوقا واشتهاءا لدخول الأسواق الإيرانية والاستفادة من فرص الانفتاح المحتمل بعد الاتفاق النووي كما فعلت شركات اخرى مثل بوينغ وإيرباص وتوتال حظيت كل منها بعقود بمليارات الدولارات.

عسكريا سبق للبنتاغون ان اجرى ميزان الربح والخسارة قبل توقيع الاتفاق النووي وتوصل إلى الاعتراف بعقم المغامرة العسكرية الخاسرة في الحرب على إيران بالنظر إلى قدرات الردع الإيرانية وهي متزايدة وكبيرة وتشمل جغرافيا مواقع حليفة قربية من فلسطين المحتلة وقادرة على تهديد الكيان الصهيوني وجميع القواعد والأساطيل الحربية الأميركية في المنطقة وسوف تظهر أي حرب على إيران مزايا الداخل الإيراني الذي يمتلك قدرات تعبوية هائلة بحوافز قومية ودينية عالية التأثير لدرجة ان بعض مراكز التخطيط الأميركية نوهت خلال السنوات الماضية بكون الجاليات الإيرانية المعارضة سياسيا للجمهورية الإسلامية تدعم حق بلادها بامتلاك الطاقة النووية وترفض أي عدوان اجنبي على إيران اميركيا ام غربيا ام أيا كان مصدره.

إن وجود منظومة مقاومة إقليمية تربطها مع إيران شبكة من المصالح والعلاقات الاستراتيجية وروابط عسكرية وثيقة ستجعل الحرب شاملة في حوض المتوسط والخليج ولن تبقى نقطة يرتفع عليها علم اميركي خارج الاستهداف في البر ام في البحر حين تقع المواجهة الكبرى.

النتائج ستكون مكلفة للغاية على الولايات المتحدة وستمثل تهديدا وجوديا للكيان الصهيوني وللعديد من الحكومات التابعة وبينما تواجه الولايات المتحدة وضعا غير مريح داخل المنظومة الإقليمية الخاضعة لها بفعل الانشقاق الظاهر بين المحورين السعودي – المصري والقطري – التركي.

ترتب التفاعلات المرتقبة لأي حرب نتائج اقتصادية خطيرة على المصالح الأميركية والغربية بينما الاقتصاد الإيراني بني وتطور في ظل الحرب والحصار واستطاع تطوير كمية من المزايا والقدرات في أصعب الظروف.

أي قراءة عاقلة لميزان القوى تدفع إلى تنحية خيار المواجهة وتحتم السير في تطبيق الاتفاق النووي ومترتباته المالية والاقتصادية التي علقها ترامب اما البديل فهو كارثة محققة على الولايات المتحدة قبل سواها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى