هل انتهى الانقسام الفلسطيني؟: حميدي العبدالله
مصطلح الانقسام الفلسطيني أطلق بعد أن تشكلت في الأراضي الفلسطينية، سواء كانت محرّرة مثل قطاع غزة، أو خاضعة للاحتلال مثل الضفة الغربية، سلطتان تتنازعان الشرعية بينهما، فكانت هناك حكومتان ومجلسان تشريعيان حتى وإنْ انتهت ولايتهما القانونية وفق القوانين المعمول بها في غزة والضفة الغربية
.
يمكن القول بعد حلّ حركة حماس «للجنة الإدارية» وقبول عودة مؤسسات السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وإدارتها للمعابر سواء مع فلسطين المحتلة، أو مع مصر، أنّ الانقسام بهذا المعنى يوشك على الانتهاء. هو لم ينتهِ إلا إذا جرى توحيد المجلس التشريعي، واستأنف هذا المجلس اجتماعاته كهيئة موحدة تضمّ جميع النواب الذين انتخبوا في آخر انتخابات موحدة قبل الانقسام.
لا شك أنّ ظروف وعوامل كثيرة ساعدت على إنهاء هذا الانقسام بهذا المستوى، من بين هذه عوامل، الأزمة الاقتصادية التي تعصف بقطاع غزة جراء الحصار المفروض عليه، واشتراط رفع هذا الحصار، على الأقلّ من قبل مصر بعودة إشراف السلطة الفلسطينية على المعابر، لكي يتمّ فتحها بشكل طبيعي على النحو الذي كان عليه الوضع قبل سيطرة حماس على قطاع غزة، كما أنّ مصر لعبت دوراً مهماً في إنهاء الانقسام ولولا الدور الذي قامت به مصر، سواء عبر الضغوط من خلال إغلاق المعابر، أو من خلال التوسط بين فتح وحماس لما كان الاتفاق، وآخر هذه العوامل قناعة حماس أن ليس لديها القدرة على تمويل إنفاق الحركة وإنفاق جيش من الموظفين الذين يتوجب عليهم القيام بسلسلة من الخدمات العامة، إضافةً إلى الإنفاق على تسيير المرافق العامة وأبرزها قطاع الكهرباء، ناهيك عن عجز حماس بسبب الحصار عن بناء ما هدمته حروب «إسرائيل» التي شنّت على القطاع في أعوام 2008 و2012 و2014.
لكن هل انتهاء الانقسام الفلسطيني الرسمي، يعني انتهاء الانقسام الفلسطيني السياسي؟
هذه المسألة غير واضحة حتى الآن. يمكن القول إنّ تجميد عمل المقاومة من قبل كلّ الفصائل يجعلها أقرب سياسياً إلى بعضها البعض، وكذلك إلى السلطة الفلسطينية، ولكن لا تزال ثمة خلافات حول مسارات التسوية واستمرار الرهان عليه بعد مسيرة فاشلة عمرها أكثر من ثلاثة عقود.
الانقسام السياسي الرسمي انتهى، أو على وشك الانتهاء، لكن من السابق لأوانه الاستنتاج بأنّ الانقسام السياسي انتهى هو الآخر.
(البناء)