ملاحظات حول القصف الجوي في محافظة إدلب :حميدي العبدالله
يردّد الإعلام المرتبط والداعم للجماعات المسلحة مقولتين في سياق التعليق على القصف الجوي الكثيف على مواقع الجماعات المسلحة المنتشرة في كلّ أنحاء المحافظة، والذي جاء بعد هجوم شنّته هذه الجماعات على مواقع الجيش السوري في ريف حماه الشمالي، ولم تستثنِ في هذا الهجوم مواقع الشرطة العسكرية الروسية المكلفة بمتابعة إجراء المصالحات والإشراف على تنفيذ ما جاء في اتفاقات خفض التصعيد وتحديداً ما تمّ التوصل إليه في “أستانة 6“
.
المقولة الأولى، تقول إنّ هذا القصف الجوي المكثف يستهدف مواقع تنظيمات معتدلة ووافقت على اتفاقات خفض التصعيد. واضح أنّ هذه المقولة غير صحيحة، فمن الناحية المبدئية الجميع يعلم أنّ «جبهة النصرة» أو «هيئة تحرير الشام» باسمها الجديد المصنفة دولياً أنها تنظيم إرهابي والمستثناة من اتفاقات وقف إطلاق النار حتى في مناطق خفض التصعيد، حيث نصّت هذه الاتفاقات على اتحاد الجميع لمحاربتها، هي التي تسيطر على محافظة إدلب، وإذا كان من وجود لأيّ تشكيل عسكري في أيّ منطقة من المحافظة فهو يعمل تحت راية جبهة النصرة، كما أنّ اتفاقات «أستانة 6» جميعها تؤكد على أنّ من لا يلتزم بالاتفاقات، حتى وإنْ لم يكن مصنّفاً دولياً كتنظيم إرهابي لن يشمله قرار وقف إطلاق النار، وبالتالي عندما يقوم الطيران السوري والروسي بضرب جماعات تصنّف معتدلة مثل «فيلق الشام» وغيره من التشكيلات الأخرى فإما لأنها لم تلتزم بالاتفاقات، أو لأنها تعمل تحت راية جبهة النصرة، وبالتالي لم تعد جزءاً من الاتفاقات وسيجري التعامل معها كامتداد أو حليف لجبهة النصرة.
المقولة الثانية، إنّ هذا القصف يشكل انتهاكاً وعدم التزام باتفاق خفض التصعيد، الذي جرى التأكيد عليه في لقاء أستانة الأخير. لكن من المعروف للجميع أنّ اتفاقات أستانة بما في ذلك الاتفاق الأخير نصت بوضوح على استثناء جبهة النصرة وأيّ تنظيمات تتعاون معها من الاتفاق، وبالتالي فإنّ شنّ الحرب على جبهة النصرة والتشكيلات المتعاونة معها، حتى لو لم يقع الهجوم على مواقع الجيش السوري والشرطة العسكرية الروسية، لا يمثل خرقاً لاتفاقات مناطق خفض التصعيد، أضف إلى ذلك أنّ سبب هذا القصف لم يأتِ بمبادرة من الجيش السوري والقوة جو فضائية الروسية، بل جاء بمبادرة من تشكيلات مسلحة بينها جبهة النصرة تنشط في محافظة إدلب، واتفاقات خفض التصعيد تعطي للجهات المعتدى عليها حق الردّ بما هو مناسب على أيّ اعتداء، وهذا ما يجري الآن في محافظة إدلب.