هل يشن العدو حربا جديدة ؟
غالب قنديل
يتساءل كثيرون عن احتمالات شن الكيان الصهيوني حربا جديدة في المنطقة تستهدف لبنان وسورية في هذا التوقيت لاستباق تبلور نتائج انتصار محور المقاومة ومنع قيام معادلة القوة الجديدة ورسوخها بعدما تكفل المحور بكسر حرب الوكالة التي قادتها الولايات المتحدة بواسطة جيوش داعش والقاعدة وورطت في فصولها حكومات الثلاثي الإقليمي المنقسم قطر والسعودية وتركيا .
اولا: الوقائع الجارية داخل كيان العدو تدفع إلى القلق حيث يتصاعد خطاب التهديد مجددا وعلى نحو يذكر بالسنوات التي سبقت حرب تموز 2006 بعد اندحار الاحتلال عنوة من جنوب لبنان دون قيد أو شرط وقد شكل التلويح بحرب شاملة ضد سورية ولبنان موضوع المناورات العسكرية الأخيرة.
في المبدأ تحمل الوقائع إمكانية ظاهرة لترجيح احتمالات الحرب من خلال اعتبار أي ضربة استباقية لمنظومات القوة التي تترسخ في سورية ولبنان والعراق ولاعتراض ما تطرحه من احتمالات وتعقيدات في وجه أي مغامرة صهيونية عسكرية في المنطقة فالقراءة المتأنية للتحولات الجارية تقود إلى استشراف التحولات المرتقبة والتي يرجح ان تشهد تطورا واضحا في تعاظم قدرات الدفاع السورية واللبنانية ومزيدا من التناغم والتنسيق بين الجيش العربي السوري حزب الله وإضافة إلى ذلك يلوح خطر انضمام الحشد الشعبي العراقي إلى القتال في أي حرب مقبلة بعدما فرض إعادة الوصل على الحدود العراقية السورية وأسقط كانتون داعش الحدودي الذي أراد الكيان الصهيوي فيه منطقة عازلة تمنع تواصل اطراف المحور المقاوم.
ثانيا: تعلمنا التجربة التاريخية ان قيادة الكيان الصهيوني براغماتية وتجري حسابات التوازنات بالوقائع والمعلومات وبالتحليل الذي تبنى عليه التوقعات ولكن نزعة المغامرة لازمت تاريخ الحروب الصهيونية الإمبريالية في منطقتنا وهي لم تكن مضمونة النتائج دائما فبالتاكيد إن المخططين البريطانيين والفرنسيين والصهاينة فوجئوا بنتائج العدوان الثلاثي على مصر كما فوجيء المخططون الأميركيون والصهاينة بنتائج اجتياح عام 1982 وعدوان تموز 2006 وعلى الرغم من تحذير تقرير فينوغراد من شن حرب غير مضمونة النتائج فإن نتائج نكبة تل أبيب بفشل مغامرة تدمير سورية بواسطة عصابات الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة بمعونة عملائها الإقليميين قد تحفز المغامرة وهذا احتمال لا ينبغي إسقاطه من حساب قيادات محور المقاومة مهما بدا ضعيفا وهو بالفعل يبدو ضعيفا امام ما ينشر من وقائع عن فشل المناورات والتدريبات المكثفة واستمرار الأمراض التكوينية في الكيان الصهيوني وجيشه على السواء بما يضيق امام العدو فرص كسب أي حرب مقبلة كما جاء في تقرير لجنة الامن والدفاع بالكنيست الصهيوني الذي أفرج عنه مؤخرا.
ثالثا: دوافع التريث في شن عدوان جديد وواسع على سورية ولبنان تتجسد في العوامل التالية :
منظومات الدفاع المشتركة الروسية السورية ستحول أي معركة إلى مازق خطير عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا .
منظومة القوة اللبنانية الناتجة عن وحدة الجيش اللبناني والمقاومة والجيش العربي السوري المؤكدة بالمعارك الأخيرة لتحرير الجرود الشرقية تعني ان عوامل الفشل التي ظهرت في حرب تموز ستكون أقوى وأشد خصوصا مع وجود الرئيس ميشال عون .
جبهة القتال في أي حرب ستكون واسعة ومفتوحة على عمق الكيان الغاصب وليس في قشرة حدودية بالنظر لجغرافية الاشتباك من جبهة الجولان المطلة على عمق فلسطين ولتواجد حزب الله والمستشارين الإيرانيين حيث فشل المسعى الأميركي الصهيوني لانتزاع تعهدات روسية بزحزحتهم بعيدا عن خط القتال المتوقع.
ليس احتمال المشاركة العراقية في الحرب مجرد توقع افتراضي فالوحدات الشعبية العراقية المقاتلة موجودة في سورية ويمكن ان تتنتقل إلى خطوط الجبهة بقرار حين يندلع القتال ضد العدو الصهيوني.
فيالق الهجوم السورية باتت في عرف الخبراء الصهاينة عنصرا مخيفا في أي مجابهة مقبلة فهي مؤشر على انتقال الجيش العربي السوري لامتلاك قوة مقاتلة محترفة لديها خبرات جديدة في القتال وفي أصعب الظروف الجغرافية والمناخية.
رابعا: لأن الحرب غير مضمونة النتائج وقد ترتب نتائج كارثية على الكيان فإن وقتا كافيا أعطي على مايبدو لاختبار بدائل الإرباك الممكن للمحور من خلال التلاعب بالعامل الكردي ودعوات الانفصال بما تمثله من مولد للتوتر والصدام داخل العراق وإيران وسورية على الرغم من الأضرار الجسيمة التي يلحقها تسعير المطالبة الكردية بالانفصال بتركيا ركيزة حلف الأطلسي في حوض المتوسط .
اختبار هذه الفرصة المبنية على احتمالات الاستنزاف والإرباك من الداخل تشمل الساحة اللبنانية بتدخل سعودي سافر ومعلن ضد الرئيس ميشال عون وخياره الداعم للمقاومة والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة باسترجاع التخندق بين معسكري الثامن من آذار والرابع عشر من آذار حول موضوعي المقاومة والعلاقة مع سورية.السؤال البديهي متى تنتهي محاولة اختبار هذه السياسات او البدائل ومتى يتوقع اللجوء لشن حرب شاملة ضد سورية ولبنان ؟ الجواب ان مثل هذا الاحتمال لاينبغي ان يسحب من التداول أبدا والأمر منوط بخطوط مواجهة محور المقاومة للخطة المعادية ومدى قدرته على إفشال المحاولة الأميركية الصهيونية.