كردستان والفلسطينيون المقارنة غير واردة: يوعز هندل
اسرائيل ملزمة بان تؤيد – استراتيجيا وأخلاقيا – إقامة كردستان مستقلة. فتاريخ دولة اسرائيل والاكراد في العراق مليء بالتعاون العسكري، الاقتصادي والسياسي. من بيع السلاح عبر التدريبات العسكرية وحتى الزراعة – فقد كانت اسرائيل مصدرا لدعم هام لهذه الامة المظلومة. صحيح أن معظم الامور تمت من تحت الرادار – في فترات معينة لاعتبارات مفهومة – ولكن هذا لم يمنع الاكراد من الاعراب في عدة مناسبات عن تقدير علني لاسرائيل .
تركيا والعراق – المعارضان الاساسان للاستقلال الكردي – يعملان علنا بطرق دبلوماسية ضد اسرائيل. فلا تصويتا في الامم المتحدة لا يصوتان فيه ضدنا. لا فرصة يفوتها اردوغان كي يناكف اسرائيل. لنا علاقات دبلوماسية مع تركيا ولكن شيئا لا يجدي نفعا. فهي ضدنا رغم سخف الاعتذار العلني ودفع التعويضات على العدوان في اسطول مرمرة. اما مع العراق فليس لنا علاقات، ولكن الولايات المتحدة – السيدة منذ اسقاط نظام صدام حسين – هي كابح مؤقت. باقي المعارضين لاقامة دولة كردية، كسوريا وايران، هم دول أعداء منذ الان. عدوهم هو صديقنا، مع أو بلا صلة.
دولة كردية مستقلة ستكون حليفة هامة لاسرائيل. ما كان مخفيا سيصبح مع الزمن علنيا. هذه حقنة تشجيع لدول اخرى في المنطقة، وفضائل علاقات الود مع اسرائيل ستصبح موضع جذب لدول اخرى. يكفي هذا كي ندفع بكل القوة، بما في ذلك ايباك ومنظمات سرية اخرى، من اجل الاكراد.
ومن هنا نصل الى البعد الاخلاقي. فرغبة امة عتيقة تقيم ما يكفي من السنين على ارضها، منفصلة قويا وثقافيا، في أن تحصل على استقلال سياسي يجب أن تشكل تذكيرا لمن يؤمن بالصهيونية. هذه ازدواجية: أمسكنا بك، ادعى اليسار امس، حيال اعرابي عن هذا التأييد. ولماذا ليس للفلسطينيين؟ الجواب الافضل هو انهم لا يريدون.
لقد اخترعت الصهيونية الشعب الفلسطيني. بخلاف الاكراد، لم تقم الهوية الوطنية الفلسطينية الا على رفض الصهيونية. اما الاخرى فهي على اساس الرغبة في عدم رؤية اليهود في حدود 1967 او 1948. فالرغبة في القومية والوحدة تطورت – وهي موجودة اليوم – ولكن ليس بما يكفي من اجل التنازل عن حلم القاء اليهود. وعدم الرغبة في الحل الوسط، والتي ثبتت في كل فرصة، هي الاساس.
كما أن هذا هو الفرق المركزي بين اليسار واليمين، وليس فقط بالنسبة للاكراد بل وأيضا في كل ما يتعلق بالقومية. ففي العالم الغربي، ومن ضمنه إسرائيل هناك استخفاف عميق بـ “اليمين المفكر”. هذه هي الخطيئة الاولى والاكثر غباء لمعظم “مصممي الرأي العام في العالم” – فرضيات يجعلون فيها مفاهيم سياسية مؤكدة غبار الطريق. في اسرائيل تسمح هذه الفرضيات بان تشمل كل ما يطل من اليمين في سلة واحدة لالغائه ورفضه.
هكذا يتم الخلط بين الشعبوية (الموجودة، لاسفي، بحقن كبيرة في اليمين)، وبين الايديولوجية الجذرية. كل من يعارض الفكرة الاشكالية للدولتين في خطوط 1967 يصبح مسيحانيا معنيا بدولة ثنائية القومية. من الصعب ايجاد كُتّاب من اليسار يتعمقون بالافكار التي تقف خلف بينيت، يعلون وحتى نتنياهو في اللحظات النادرة التي يوضح فيها اقواله.
البداية كانت في مكان ما في صراع ايديولوجي على النفوذ والافكار: من جهة وقف مؤيدو نهج “جون لنون” المتفائل المتعلق بازالة الحدود، الاديان والقوميات، إذ اننا كلنا بشر؛ ومن جهة اخرى وقف مؤيدو القومية والفصل بين الجماعات ذات الهوية المختلفة. ومع الزمن اهتزت هذه الاقانيم بسبب الشعبوية. لليمين مسؤولية عن ذلك مثلما لليسار، غير أن لهذا الميل من اليسار يوجد ثمن سياسي. الخسارة في كل مكان في العالم.
هكذا يتم الخلط بين مفاهيم أمنية – استراتيجية متماسكة عن الحاجة للارض الاقليمية والسيطرة الأمنية وبين المسيحانية الدينية. وهكذا ايضا يتم الخلط بين تصريحات ثقيلة الوزن عن القومية السليمة وبين زلات اللسان وترهات الفيس بوك مع الميل القومي. هكذا يتم الخلط بين الاكراد والفلسطينيين لاعتبارات الازدواجية الاخلاقية، وبالمقابل لا يرون بأن معارضي القومية يطالبون بالذات بقومية فلسطينية.
الفرق بين القومية الكردية والقومية الفلسطينية يكمن في القدرة على البقاء كدولة مستقلة وفي ثمن مثل هذا الاستقلال. لدى الفلسطينيين المعنى هو مس بأمن اسرائيل، وعليه فالمصلحة هي استقلال مقلص، بين حكم ذاتي ودولة ناقص من طروحات نتنياهو. اما لدى الاكراد فالاستقلال معناه المساهمة في الاستقرار الاقليمي. وهذا هو كل الفرق بين المصلحة والنظرية على ساق واحدة.
يديعوت