بقلم غالب قنديل

نظام اقتصادي مالي فاشل

غالب قنديل

تدنو ساعة الحقيقة في لبنان وتشتد عناصر ومظاهر ازمة اقتصادية اجتماعية جوبهت بشراء الوقت وبمراكمة الديون بدلا عن البحث في الحلول والتوجهات المثمرة التي تفك الضيق عن شعب يطغى الشحوب على وجوه افراده نساءا ورجاﻻ ويطغى القلق على يومياتهم بينما يغزو التقشف تفاصيل حياتهم ميسورين ام محدودي الدخل ام متوسطي الحال .

الاصل في فقاعة مالية عقارية انشئت بمضاربات افتراضية بينما ضربت موارد الثروة الحقيقية لصالح اقتصاد ريعي تضخمت مؤشراته بصورة مصطنعة لخدمة شريحة مصرفية تجارية عقارية رقيقة تزداد ضيقا وفحشا وثراءا على الصعيدين المالي واﻻجتماعي .

الخطيئة الاولى كانت في نسف مشروح حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي لاعادة البناء بعد الحرب واستبداله بمشروع متضخم بكلفة بلغت عشرة اضعاف ما كان مقدرا ومولت بالدين والحاصل اﻻنمائي الباقي بالكاد يحس به المواطن العادي فقد انقضت السنوات وبددت الاموال وﻻ كهرباء ولا ماء بينما استحق ترميم المنجزات الطرقية المزعومة ويصاحب الجدال في الكلفة مفخرة المطار التي ليست معجزة.

تجسد المشروع اﻻعماري بمظالمه اﻻجتماعية بشركة سوليدير والمنجز المالي تجلى بهندسة حاكم المصرف المركزي التي قامت على تثبيت سعر الصرف ومنع تحريك الاجور والرواتب بقوة الديون وفوائد سندات الخزينة المرتفعة وهي خطة لم تضع في حسابها احتمال حلول ركود عالمي يعصف بركيزتي النظام اﻻقتصادي الريعي في الخارج اي الغرب والخليج كما انها لم تضع في حسابها ان للدورة الريعية هوامش يمكن ان يقضي استنفاذها على الفقاعة فترتد جحيما ماليا واقتصاديا ﻻ حد له.

انه قصر النظر الذي يحكم عقلية الربح السريع عند الكومبرادور اللبناني وفرضية استرجاع مجد الستينيات دون اي تحديث لقطاعي السياحة والخدمات اللذين كانا خلف المعجزة اللبنانية التي دوخت بعثة ايرفيد ذات يوم فالتحويلات من الخارج تآكلت وانعكست على ميزان المدفوعات والمواقع الجديدة المنافسة تزايدت بقوة وتكفي نظرة على السياحة في تركيا وعمان لمعرفة المغزى عن تخلف لبنان واﻻداء الرث لسلطة التقاسم الريعي يسهم في تدمير المزايا وكفى بالنفايات وتلوث الانهار دليلا.

النظام الاقتصادي اﻻجتماعي القائم يتحول عبئا على اي تقدم جدي في لبنان يواكب المتغيرات الدولية والاقليمية وليس أدل على هذه الحقيقة من الموقف الرافض للعلاقة مع سورية التي تستقطب اهتماما اقتصاديا متزايدا في جميع أنحاء العالم والغريب ان من اراقوا ماء وجه البلد في طلب الرضا السعودي يرفضون خطوات رصينة قام بها الوزير جبران باسيل بعد طول تريث وانتظار مراعاة لخواطرهم وتجنبا لتأزيم الامور بلا جدوى.

التماس الأعذار ﻷي كان ﻻ يجدي نفعا فحدية الخيارات ﻻترحم وعلى الجهات اللبنانية ان تقرر ما تريد فاما ان تعطي ظهرها للتغيير وتهوي مع القوى القديمة التي تتراجع قدراتها وادوارها او تقبل لتعانق الفرص المتاحة بتغيير العقلية واسلوب التعامل وهنا تكمن الصعوبة على تنابل الريع والربح الفاحش على البارد المستريح والذين تظهر اﻷحداث صعوبة تكيفهم مع الوضع الجديد وشدة ارتهانهم باﻷميركي والسعودي على حساب السيادة الوطنية وقد اختبروا غير مرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى