مقالات مختارة

التجربة الصاروخية الإيرانية: اختبار لحدود الصبر الأمريكي: رونين أ. كوهين

 

لو كان يخيل فقط بأن القضاء على داعش سيضفي إحساسا ما بالسكينة، فإن لإيران مخططات مختلفة تماما. ولكن لا يدور الحديث فقط عن الحرب ضد داعش وعن الرغبة الإيرانية في تثبيت جدول أعمال إقليمي جديد يكون لها فيه تواصل استراتيجي عبر العراق، سورية ولبنان مع وجود مهدد تجاه إسرائيل، بل عن تجربة للأدوات (بكل معنى الكلمة) أكثر اتساعا واستراتيجية .

يدور الحديث عن فحص حدود طول نفس الغرب تجاه رؤية الصواريخ الباليستية الإيرانية، وذلك في ضوء الاتفاق النووي المحدود الذي ترفض إسرائيل والولايات المتحدة تحت قيادة ترامب قبوله.

قد لا يبدو هذا اليوم منطقيا، ولكن إيران انطلقت نحو تحقيق قدرة الردع النووية بغير رغبة وبلا مفر، في ضوء المعركة المضرجة بالدماء في الحرب الإيرانية ـ العراقية.

ورفض آية الله الخميني قبول فرضية العمل الجديدة في أن إيران تحت حكمه الديني ستكون إيران نووية مع سلاح الدمار الشامل، ولكنه فهم بأنه بغياب مثل هذا الخيار، فإن رؤية الجمهورية الإسلامية وبقائها سيكون موضع شك.

منذ 1985 وحتى اكتشاف أفعال إيران تحت هذا الغطاء أو ذاك بعد عام 2003، رغبت طهران في أن تخلق واقعا جديدا توضح فيه لكل جيرانها العرب بأنها لن تكون مستعدة لأن تعاني غزوا آخر ومهددا مثلما فعل صدام حسين في أيلول 1980 قبل 37 سنة بالضبط.

إن تجربة الأدوات الباليستية الأخيرة التي قامت بها إيران جاءت أولا وقبل كل شيء تصريح نوايا أكثر من أن تكون تهديدا فوريا إلى الدول في مدى ألفي كيلو متر، بما في ذلك إسرائيل مثلما أعلن الرئيس ترامب. إيران تقول بذلك إنه إذا كانت استراتيجيتها النووية ـ التي هي برأيها موضوع بقاء فقط، تعتبر في نظر العرب والإسرائيليين تهديدا- ليست شرعية، فإن موضوع الصواريخ هو تطوير استراتيجي، تقليدي وغير مهدد، وبالتالي لا يوجد أي سبب بأن تشعر هذه الدولة أو تلك في المجال الإقليمي والعالمي بأي تهديد من جانبها.

فهل حالة إيران تختلف عن حالة دول أخرى تجري تجارب على مثل هذا السلاح أو ذاك وإن كان فقط كي تؤشر لجيرانها وخصومها بأنها ستفعل كل ما ينبغي كي تدافع عن نفسها؟ ظاهرا، إيران هي الأخرى بحاجة لكل سلاح مقبول دوليا يمكنه أن يحميها عند الحاجة.

ولكن إيران ليست دولة بريئة كما تحاول أن تعرض نفسها. فهي تستخدم قوات خاصة في العراق للدفاع عن الشيعة (والتي بالمناسبة لا تسارع إلى قبول دعمها)، إيران تساعد النظام السوري وبالطبع حزب الله.

وكل هؤلاء هم جهات ثقيلة الوزن تضع الموضوع الباليستي في ضوء آخر مختلف تماما. وهذا الاستعراض للعضلات ليس فقط للاثبات بأن لدى إيران قدرة كهذه أو تلك بل بالأساس لأن يقال لنا وللعالم الغربي بأن رؤية النووي لم تهجر.

توجد الكرة في هذه اللحظة في يدي الرئيس ترامب إذ أن تجربة الصواريخ (لكوريا الشمالية أيضا، إذ أن إيران أيضا تحاول أن تكسب خطوة استراتيجية بينا تتجه الأضواء الأمريكية نحو كوريا الشمالية) هي تجربة اختبارية إيرانية تحاول فحص ردود فعل الرئيس.

فهل في ضوء ردود فعله ستتجاهل إيران الاتفاق وتفعل ما تريد جدا أن تفعله، أم ربما في ضوء ردود فعل الرئيس ترامب ستقرر بأن عليها في هذه المرحلة أن تستقيم مع المطالب الأمريكية. الأيام ستقول لنا.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى