ماذا بعد استفتاء كردستان؟: حميدي العبدالله
بمعزل عن نتائج الاستفتاء التي ترجح التصويت بغالبية كبيرة لصالح الانفصال عن العراق، السؤال الهام المطروح الآن ماذا بعد الاستفتاء؟ ما هي السيناريوات المحتملة؟ وأيّ سيناريو هو المرجح؟
في سياق الإجابة على هذا السؤال يمكن الإشارة إلى السيناريوات الآتية:
ـ سيناريو أول، أن تبقى العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية العراقية، هي ذاتها، أيّ على ما كانت عليه منذ عام 2003 وحتى الآن. بمعنى آخر سيتمّ تجميد تنفيذ نتائج الاستفتاء حتى لو كان التصويت بغالبية ساحقة لصالح الانفصال عن العراق، وإفساح المجال أمام مفاوضات وحوار بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان على قاعدة الاقتراح الذي تقدّمت به الأمم المتحدة والذي ينصّ على إجراء حوار بين الجانبين يستمرّ لمدة ثلاث سنوات وترعاه الأمم المتحدة.
يبدو هذا السيناريو حتى هذه اللحظة هو السيناريو المرجح، لأسباب تتعلق بطبيعة السيناريوات البديلة التي لا تصبّ في مصلحة الأكراد، ولأنّ حكومة إقليم كردستان أعلنت أنها تريد الحوار ولكن بعد إجراء الاستفتاء، طبعاً تريد حكومة إقليم كردستان الاستقواء بنتائج الاستفتاء لفرض رؤيتها وشروطها للحلّ النهائي للخلاف بين بغداد وأربيل.
ـ السيناريو الثاني، أن يتمّ وضع نتائج الاستفتاء موضع التنفيذ فور انتهاء عمليات التصويت، أيّ بعد إعلان النتائج سيتمّ إعلان انفصال الإقليم وحصر أيّ حوار بين أربيل وبغداد حول إجراءات الانفصال، إنْ لجهة ترسيم الحدود، أو لجهة اقتسام ملكية مرافق الدولة المشتركة.
واضح أنّ هذا السيناريو محفوف بمخاطر كثيرة، أبرز هذه المخاطر:
أولاً، معارك بين البشمركة ومكونات أخرى عراقية في المناطق المتنازع عليها، مثل كركوك وسنجار وأجزاء واسعة من محافظة نينوى، وربما تقود هذه النزاعات في حال تحوّلها إلى مواجهات مسلحة، إلى حرب بين القوات العراقية النظامية وقوات البشمركة، لاسيما إذا أصرّت حكومة بغداد على رفض الانفصال واعتبار الاستفتاء غير شرعي وتمرّد ضدّ الدولة العراقية الاتحادية.
ثانياً، قد يقود إعلان الانفصال من طرف واحد وعدم شرعية الكيان السياسي الذي ينبثق عنه إلى خلق ظروف تدفع ببعض دول الإقليم إلى التدخل العسكري، وقد ألمحت كلّ من أنقرة وطهران إلى مثل هذا الاحتمال.
ثالثاً، يرجح اتخاذ عقوبات اقتصادية صارمة، وربما العمل على عزل إقليم كردستان من قبل العراق وتركيا وإيران، ومن شأن ذلك أن يؤثر بقوة على الكيان الجديد الذي ليس لديه أيّ منفذ بري أو بحري أو جوي إلى الخارج.
بسبب كلّ هذه المخاطر المترتبة على السيناريو الثاني، يرجح أن تسير القيادة الكردية في السيناريو الأول. حتى لو كانت نتائج الاستفتاء في مصلحة الانفصال.
(البناء)