فورين بوليسي: “الشراكة البغيضة” وفشل الحرب باليمن
قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن السعودية لا تزال ترفض تركيب أربع رافعات بميناء الحديدة اليمني للمساهمة في تسهيل انسياب الواردات إلى شعب أتعبه الجوع والمرض والقتل، مشيرة إلى أن الحملة السعودية ضد الحوثيين لا حظ لها من النجاح
.
ورد ذلك ضمن تقرير طويل نشرته المجلة بعنوان “من الحرب على القاعدة إلى الكارثة الإنسانية.. كيف جُرت الولايات المتحدة إلى اليمن؟”، مشيرة إلى أن الرفض السعودي يجيء وسط أسوأ تفش لوباء الكوليرا في العصر الحديث ليودي بحياة أكثر من 600 ألف شخص، في الوقت الذي يعيش فيه ملايين اليمنيين على حافة المجاعة.
ومضت المجلة تقول إنه رغم مساعدة القنابل والاستخبارات وإعادة تموين المقاتلات بالنفط في الجو من قبل أميركا، فإن الحملة التي تقودها السعودية والتي بلغت حتى اليوم شهرها الثلاثين، قد فشلت في القضاء على التمرد الحوثي، بينما قتلت وجرحت آلاف المدنيين وتحولت إلى مستنقع زلق.
وأضافت أن المساعدة الأميركية للحملة على الحوثيين كانت وسيلة مكلفة لإثبات الدعم لحليف أصبح يشك في وفاء واشنطن له عقب إبرام الاتفاق النووي مع إيران.
وقالت المجلة إن تصاعد أعداد القتلى المدنيين وتفاقم المعاناة الإنسانية تسببت في تزايد الانتقادات من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الذي أوشك على تبني قرار بمنع أي مبيعات سلاح للسعودية دون التزام الرياض بحقوق الإنسان.
ونقلت عن الضابط بالاستخبارات المركزية الأميركية بروس ريدل قوله إن الشراكة البغيضة بين أقوى الديمقراطيات في العالم “الولايات المتحدة” وآخر الملكيات المطلقة في العالم “السعودية”، ظلت تلازمها التناقضات والتوترات باستمرار، وإن استمرارها يعود إلى المساومة البراغماتية التاريخية بين الطرفين.
يُذكر أن ريدل نشر كتابا جديدا حول التحالف الأميركي السعودي أسماه “ملوك ورؤساء”، يقول فيه إن تلك المساومة تنص على ضمانات أميركية لأمن السعودية وضمانات سعودية بتوفير النفط بسعر مناسب للاقتصاد العالمي.
وأضاف ريدل أن واشنطن خلال مختلف إداراتها اختارت غض الطرف عن أخطاء السعودية في اليمن، لأن الأخير لا يهم أميركا كثيرا ويمكن أن تضحي به من أجل علاقات جيدة مع السعوديين.
بروس ريدل:
الشراكة البغيضة بين أقوى الديمقراطيات في العالم -الولايات المتحدة- وآخر الملكيات المطلقة في العالم -السعودية- ظلت تلازمها التناقضات والتوترات باستمرار
وأورد المقال تفاصيل كثيرة عن تدخل أميركا في اليمن منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 لمطاردة تنظيم القاعدة هناك، قبل أن تشن السعودية حربها على الحوثيين في مارس/آذار 2015.
وعلق كاتب التقرير بأنه من سخرية الأقدار أن الحوثيين الذين تحاربهم السعودية بمساعدة أميركية يحاربون تنظيم القاعدة الذي تحاربه أميركا.
وكشفت المجلة أن واشنطن التي أقلقها عدم سير الحملة السعودية في اليمن وفق ما كانت تتوقع، وتفاقم أعداد الضحايا المدنيين، وأخطاء الغارات السعودية الفادحة، سحبت بنهاية يونيو/حزيران 2016 غالبية مستشاريها في مركز العمليات، مؤكدة أنه لا يوجد أميركيون الآن يشاركون في تنسيق الغارات على اليمن.
وقالت إن المساعدة الأميركية في العمليات السعودية ضد اليمن تنحصر الآن فقط في تزويد الرياض بمعلومات عن مصادر الهجمات الصاروخية الحوثية على المدن والبلدات جنوبي السعودية، وإعادة تزويد المقاتلات السعودية بالنفط في الجو.
وذكرت المجلة أن التجاهل السعودي الفاضح للأضرار المتفاقمة على المدنيين في اليمن تمتحن الآن صبر أميركا التي توصل مجلس أمنها القومي إلى أن الحملة السعودية “الدونكيشوتية” حسب وصفها، ليس لها حظ من النجاح.
ونسبت إلى أندرو إكسام مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط قوله إنهم يعتقدون أن السعوديين يغرقون في مستنقع، دون أن تكون لديهم فكرة واضحة عن كيفية إنهاء الصراع أو الخروج منه بمكاسب.
وذكرت أنه بعدما هددت بريطانيا بمنع مبيعات أخرى من الأسلحة، أعلنت السعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي أنها ستوقف استخدام القنابل العنقودية البريطانية، وفي نفس الشهر حظر البيت الأبيض بيع القنابل العنقودية للسعودية، لكن تقارير صحفية أوردت عقب ذلك أن الرياض استمرت تستخدم قنابل عنقودية برازيلية الصنع.
ووصف ضابط الاستخبارات السابق ريدل الصراع في اليمن بالجرح النازف للسعودية والإمارات لصالح إيران، وقدرت نفقات طهران على هذا الصراع بـ1% مما تنفقه الرياض وأبو ظبي.
وأوردت المجلة آخر تفاصيل قصة رافعات ميناء الحديدة، قائلة إن سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة نكي هيلي ومسؤولا كبيرا في المنظمة الدولية طلبا مؤخرا من السفير السعودي لدى المنظمة عبد الله المعلمي دفع موضوع الرافعات إلى الأمام، لكن المعلمي رفض قائلا إن السماح باستقدامها لن يتم إلا ضمن تسوية سلمية نهائية للصراع في اليمن. وأضافت المجلة أن واشنطن لم تجتهد كثيرا بعد ذلك في الضغط على السعودية لتذعن للطلب الأميركي والأممي.
وعلقت “فورين بوليسي” بأنه مع استمرار إستراتيجية التعبير عن القلق بشأن الكارثة الإنسانية واستمرار الدعم العسكري للسعودية، سيظل الوضع الإنساني المتفاقم في اليمن يطارد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ويتحداها.