الضائقة الاقتصادية في غزة تجبر حماس على المرونة: عاموس هرئيل
الإجراءات الأخيرة التي تتخذها حماس في غزة على خلفية تقاربها مع مصر من شأنها أن تدلل على محاولة ضمان استمرار الهدوء في قطاع غزة. وفد من كبار رجالات حماس موجود الآن في القاهرة لإجراء محادثات تتعلق بالأساس بتخفيف الحصار على القطاع. خلال ذلك وبصورة استثنائية جدا، فإن حماس مستعدة لتمويل جزء من الكهرباء المزودة لقطاع غزة .
أزمة الكهرباء في غزة تزايدت في الربيع الأخير بعد أن أوقفت السلطة الفلسطينية تمويلها الجزئي للكهرباء في غزة، كخطوة عقابية ضد حماس. في هذا الأسبوع وافقت حماس للمرة الأولى على المشاركة في التمويل، بهدف زيادة مدة توفير الكهرباء لنحو ست ساعات في اليوم. في هذه الأثناء المتوسط لم يصل كما هو متوقع، لأن خطوط الكهرباء من مصر ما زالت غير قادرة على تحمل العبء. في إسرائيل يقدرون أن حماس ستستثمر نحو 90 مليون شيقل في الأشهر القريبة بهدف زيادة كمية الكهرباء. كمية الكهرباء التي يتوقع أن تشتريها حماس من مصر، يتوقع أن تزيد مدة ساعات التزويد في غزة من أربع ساعات إلى ست ساعات. حتى الآن امتنعت حماس عن المشاركة في تمويل الكهرباء في القطاع، في أعقاب الضغط الاقتصادي واستمرار القاء عبء التزويد على السلطة الفلسطينية والاعتماد على المساعدات الدولية. في الشهر الماضي نشر في «هآرتس» عن لقاءات محادثات بين حماس ومصر هدفت إلى فتح دائم لمعبر رفح وتخفيف كبير على الدخول والخروج من القطاع، الذي هو الآن محدود جدا. وحتى الآن التفاهمات لم تطبق. حسب تقارير وسائل إعلام عربية بين أعضاء وفد حماس إلى القاهرة يوجد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ورئيس حماس في القطاع يحيى السنوار وموسى أبو مرزوق ورئيس الذراع العسكرية مروان عيسى.
أمس أعلن هنية أن حماس مستعدة لإلغاء حكومة الظل التي أقامتها، والبدء في محادثات مع فتح.
خطوات حماس المحادثات مع مصر وتمويل الكهرباء وإعلان الاستعداد لإجراء محادثات للمصالحة من شأنها أن تشكل تحولا ما في خط قيادة المنظمة. يبدو أنه خلافا لجزء من التقديرات السابقة، فإن يحيى السنوار، رجل الذراع العسكرية الذي كان سجينا مدة عشرين سنة في السجون الإسرائيلية، يريد التخفيف على سكان القطاع وتخفيف التوتر الأمني والعمل على استقرار الوضع.
رئيس جهاز الأمن العام نداف ارغمان قال أمس الأول للوزراء في جلسة الحكومة: إن حماس تستثمر الموارد في التحضيرات للمواجهة العسكرية المقبلة مع إسرائيل. ووصف الوضع في القطاع بأنه «هدوء مضلل». وزعم أن حماس توجد في ضائقة استراتيجية ويصعب عليها تقديم انجازات سياسية أو توفير حلول عملية لصعوبات حياة المواطنين في القطاع.
وأضاف: إن شخصيات مهمة في الذراع العسكرية لحماس تعمل مؤخرا على الأراضي اللبنانية.
نشطاء حماس انتقلوا إلى لبنان قبل بضعة أشهر. هذه هي المحطة الثالثة للنشطاء، برئاسة صالح العارور، في السنتين الأخيرتين. قبل ذلك مكثوا في تركيا، وطردوا من هناك بضغط أمريكي إلى قطر، وبعد ذلك انتقلوا إلى لبنان بسبب استخدام ضغط مشابه على قطر. العاروري يدير من لبنان قيادة لها فرع أيضا في غزة، وهي تقوم بجهود للقيام بعمليات إرهابية ضد إسرائيل وضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
في قطاع غزة نفسه يجري مؤخرا صراع قوى اقتصادي بين قطر واتحاد الإمارات. قطر استثمرت مئات ملايين الدولارات في إعادة تأهيل القطاع بعد انتهاء عملية الجرف الصامد في صيف 2014. وفي الوقت الحالي هناك محاولة لإبعاد قطر عن غزة، أيضا على خلفية الأزمة بينها وبين السعودية والإمارات. اتحاد الإمارات بدأ باستثمار الأموال في القطاع، ومؤخرا نقل 15 مليون دولار لتمويل مشروعات البنى التحتية في القطاع، عن طريق محمد دحلان، خصم الرئيس الفلسطيني محمود عباس. دحلان الذي يقضي جزءا من أيام السنة في دول الخليج يعتبر شريكا في الجهود المبذولة للربط بين مصر والإمارات من أجل تنسيق الخطوات مع حماس وتمكينه هو ورجاله من وضع موطئ قدم من جديد في القطاع. النشاطات المحمومة لدحلان في القطاع تقلق أبا مازن جدا. الموقف من دحلان في إسرائيل مختلط. في فترات سابقة وردت تقارير عن علاقة صداقة بين دحلان ووزير الدفاع افيغدور ليبرمان. شخصيات كبيرة في جهاز الأمن وفي المستوى السياسي يتحفظون من دحلان ويعتقدون أن كل محاولاته لزيادة تدخله في قطاع غزة ستفشل، كما هزم دحلان على أيدي حماس بعد سيطرتها العسكرية على القطاع في حزيران 2007.
إسرائيل أيضا غير متحمسة لوقف قطر الشامل لتدخلها في القطاع، برغم الحصار السياسي والاقتصادي الذي تفرضه السعودية والإمارات على قطر. يوجد لإسرائيل مصلحة معينة في استمرار وجود قناتي اتصال متوازيتين مع قيادة حماس، المصرية والقطرية، خاصة في وقت الأزمة. وهي ليست معنية أن تكون مرتبطة بأية واحدة منها وسيطة للمحادثات مع حماس.
في بداية شهر آب/ أغسطس، في ذروة الأزمة السعودية القطرية، هددت إسرائيل باتخاذ إجراءات مشددة ضد قناة «الجزيرة» القطرية، إلى درجة إغلاق مكتبها في إسرائيل بذريعة أنها تحرض على الإرهاب. وبعد ذلك اكتفت إسرائيل بالتهديد بسحب البطاقة الصحافية لمراسل «الجزيرة» إلياس كرام. ومؤخرا بعد إجراء جلسة استماع في مكتب الصحافة الحكومي تم تجميد هذه الخطوة أيضا. يبدو أن هذه التغييرات أكثر من تدليلها على العلاقة مع كرام، فإنها تعبر عن علاقة إسرائيل المعقدة مع قطر، والرغبة في عدم إحراق الجسور كلها معها.
هآرتس