مقالات مختارة

“حزب الله”… من تهديد محدود إلى خطر حقيقي: موشيه آرنس

 

في الحملة الانتخابية لسنة 1999 تعهد ايهود باراك الذي تنافس أمام بنيامين نتنياهو وفاز عليه، بسحب الجيش الإسرائيلي من المنطقة الأمنية في جنون لبنان. كرئيس للحكومة ووزير للدفاع نفذ باراك تعهده وتم سحب الجيش إلى خط الحدود الدولي. في الخلف تم ترك من تمت خيانتهم وإهمالهم، جيش لبنان الجنوبي، الذي حارب لسنوات إلى جانب جنود جيشها ضد حزب الله .

في إسرائيل تنفسوا الصعداء على أمل أنه بفضل هذا الانسحاب لن يكون هناك ضحايا آخرون في الشمال. حسب النظرية التي عرضت على الجمهور، فإنه بعد الانسحاب لن يكون هناك دافع لحزب الله كي يهاجم إسرائيل، وفي الأحوال جميعها يكون من حق إسرائيل أن تضرب بقوة لبنان في حالة مهاجمتها. إن معرفة ذلك تكفي من أجل ردع حزب الله عن الهجوم. لقد حذر باراك من أن أرض لبنان ستهتز إذا حدث شيء كهذا، ولكن الهجمات توالت الواحدة بعد الأخرى ولم تهتز أرض لبنان.

حزب الله لم يعد ما أمّلوا أن يكون. لقد كبر هذا التنظيم وتقوى واستمر أن يكون عدوا لدودا لإسرائيل. التهديد المحدود، المتمثل بإطلاق صواريخ الكاتيوشا على المستوطنات على طول الحدود الشمالية تحول في الـ 17 سنة الماضية إلى خطر حقيقي يهدد مواطني إسرائيل وسكانها جميعهم ـ مع إقامة مخزون يزيد على 100 ألف صاروخ وقذيفة توجد لدى حزب الله، التي وجهت نحو إسرائيل. هذا يمثل التهديد الحقيقي اليوم لإسرائيل.

إسرائيل حصلت على رسالة للتهديد المتزايد بعد ست سنوات من الانسحاب، في حرب لبنان الثانية في 2006، التي قتل فيها 120 جنديا و44 مدنيا، وأصيب فيها أكثر من ألفي شخص. التهديد ازداد عدة مرات منذ ذلك الحين، وتزداد أهميته بشكل خاص على ضوء وجود قوات حزب الله وإيران في سورية.

كيف حدث أن مكنت حكومات إسرائيل لتهديد محدود على الحدود الشمالية أن يتحول إلى خطر مهم لدولة إسرائيل كلها.

كل شيء بدأ مع الانسحاب من المنطقة الأمنية في جنوب لبنان. نظرية بن غوريون التي تقضي بأنه يجب أولا تأمين أمن مواطني الدولة تم التخلي عنها. لم يعلن أحد عن تغيير السياسة، ولكن بصورة تدريجية وتقريبا من دون أن يشعر أحد به تغيرت نظرة إسرائيل للأخطار التي يواجهها السكان المدنيون. التغيير عبر عن الشعور بأنه يؤلمنا أكثر فقدان الجنود من فقدان المدنيين.

الانسحاب لم يمنع حزب الله من العمل ضد إسرائيل، بل خلق صورة بأن المنظمة سجلت لنفسها نصرا. حثها على تحقيق انتصارات أخرى، الأمر الذي قاد إلى سيطرة حزب الله على لبنان. كان هذا هو نتيجة قراءة خطأ للمنطق الذي يحرك حزب الله، الذي كان وما زال منظمة إرهابية تهدف إلى القضاء على إسرائيل، منظمة يؤمن قادتها بأنهم ينفذون أوامر الله (لا تشبه حماس)، ليس من السهل إقناعها بالتنازل عن هدفها. الاعتماد على الردع ـ الذي في الأحوال كلها ليس سوى وجهة نظر غير دقيقة وضبابية عندما يدور الحديث عن منظمة إرهابية ـ لا معنى له تقريبا.

في الوقت الذي اعتقد فيه متخذو القرارات في إسرائيل على مدى سنوات بأنهم يردعون حزب الله عن الهجوم، وأن مخزون الصواريخ القذائف الموجودة لديه سيصدأ ويصبح خردة، نجحت المنظمة في الوصول إلى وضع تردع فيه إسرائيل عن القيام بعملية هدفها تدمير مخزون السلاح الكبير الموجود لديها. صواريخ حزب الله اليوم هي التهديد المباشر والأهم لإسرائيل.

لا توجد طرق بسيطة لمواجهة تهديد كهذا، لكن من المهم أن ندرك الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل في تصرفاتها أمام حزب الله في الماضي. هذا الوعي هو جزء من السبيل للتعامل ومواجهة التهديد الحالي.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى