مقالات مختارة

كيم يونغ أون لا يخطط لنهاية العالم: أفيعاد كلاينبرغ

 

في مؤتمر الكنيسة الذي انعقد في روما في 1139 حظر استخدام القوس المصلب (القوس الذي نعزوه، بالخطأ على ما يبدو لفيلهلم طل) ضد النصارى. البابا اينوكينتوس الثاني لم يمنع تصفية النصارى على ايدي النصارى بشكل عام (وان لم يتحمس لذلك). فالنصارى، كما اعترف، سيواصلون على ما يبدو تصفية الواحد الآخر، ولكن يجب أن تكون هناك قواعد. القوس المصلب، مع مداه البعيد وقدرة اختراقه للدروع، بدا للمؤتمر كسلاح غير تقليدي، يجب محاولة تقييد استخدامه .

المحاولة لم تنجح كما هو معروف. فالنصارى واصلوا قتل غير النصارى (حسنا، من ناحية البابا) وبعضهم بعضا (حسنا اقل، ولكن ما العمل) بكل انواع السلاح.

ان محاولات منع استخدام السلاح غير التقليدي ليست جديدة اذن. ومدى نجاحها منوط بتوفر الاسلحة وسهولة استخدامها. فاذا كان هناك ثلاثة بناة للاقواس فقط ممن يعرفون كيف يعدون القوس المصلب، ليس صعبا مراقبتهم. اما اذا كان هناك مليون، فهذا متعذر. اذا كان في العقود الاولى بعد هيروشيما، القوى العظمى فقط (واسرائيل)، كان يمكنهم أن يصلوا الى قدرة انتاج للقنبلة النووية، فهذا اليوم ابسط بكثير. والقدرة على التخطيط والانتاج للقنبلة متوفر اليوم ايضا لقوى متوسطة تقرر استثمار المقدرات في ذلك. فهل هذه القوى المتوسطة (الهند، الباكستان، كوريا الشمالية – وهذه على ما يبدو قائمة جزئية) ستحترم القواعد التي قررتها القوى العظمى؟ ليس واضحا. مثلما في موضوع القوس المصلب ليست المسألة ما هي القواعد الرسمية، بل ما هو الثمن الذي سيكون لخرقها، وبالاساس كم ستكون ناجعة. بكلمات اخرى، فان احتمال أن تستخدم دولة ما السلاح النووي، وهي تعرف بان للهدف توجد الوسائل لمنع الهجوم والمبادرة الى هجوم مضاد فاعل، هو ضعيف. أو هكذا على الاقل يفترض أن يكون، اذا كان الجميع يلعبون اللعبة بصورة عقلانية. واضح أن لاعبا مستعدا لان يدفع بالدمار الذاتي التام مقابل الضربة المحدودة للطرف الاخر، “يحطم القواعد” ويجعل من الصعب توقع خطواته. ظاهرا أن كوريا الشمالية هي لاعب كهذا. لا شك ان النظام في بيونغ يانغ لا يعمل حسب معايير المنطق الغربي. من ناحيته فانه “عالق” في الخمسينيات من القرن الماضي ويدفع على سلوكه السياسي ثمنا “مجنونا” بالعزلة العالمية وبالنقص. هذا صحيح، بالطبع، ولكن ليس مؤكدا ان هذا له صلة بالمجال الذي نتحدث عنه.

بقدر ما هو معروف لنا لا يؤمن الكوريون الشماليون بالاخرة. فهم لا يؤمنون بان الحرب النووية ستقرب وصول المسيح الاحمر، او ان بوسعهم الانتصار على العالم كله. للنظام في بيونغ يانغ يوجد هدف واحد – البقاء. والعنصر غير العقلاني (في نظرنا) هو أن هذا البقاء يستوجب (في نظر حكام كوريا الشمالية) العزلة شبه التامة عن العالم. ومع ذلك فان كوريا الشمالية على وعي بقيود قوتها. وهي تعيش باحساس بالضحية (والعالم كله ضدنا) وتستخدم الورقة الوحيدة التي تحت تصرفها ليس كي تحقق اهداف الخلاص الكوني، بل كي تدفع باقي العالم ليدعها لحالها.

لما كان لدى بيونغ يانغ رصاصة واحدة في الفوهة، من الصعب الافتراض بانها ستستخدمها: من اللحظة التي تسقط فيها القنبلة الذرية الاولى على ارض غربية، سيسقط وابل نووي يصفي كوريا الشمالية. هي تهدد وتلوح بقدراتها كي توضح انه من غير المجدي استفزازها. كل هذا يقوم على اساس الافتراض بان الجمهور في الغرب يخاف اكثر بكثير من الحرب من الجمهور في كوريا الشمالية والذي اجتاز غسل دماغ طويل ولا يمكنه أن يوجه لزعمائه.

ان التهديد بالحرب، الذي لا يمكن ان يتحقق عمليا، يفترض أن ينزع تنازلات – وبالاساس الاستعداد لترك كوريا الشمالية تواصل القمع عديم الرحمة لمواطنيها. واضح أن الامور يمكن أن تتشوش. الطرفان يندفعان الواحد نحو الاخر كي يريا بان سلاح تخويف الاخر لا ينجح عليهما. بشكل عام ينتهي هذا بازاحة الدفة في اللحظة الاخيرة. احيانا ينتهي هذا بحادث طرق. ولكن معقول الافتراض بانه مع كل التهديدات لن تتطور الازمة الكورية الشمالية الى حرب. ولد لكيم يونغ أون مؤخرا ابن ثالث، وهو لا يخطط لنهاية العالم.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى