التحرير الثاني والتحقيق الأول
غالب قنديل
أعلن قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله إتمام التحرير الثاني ودعا إلى احتفال وطني كبير بالمناسبة يوم الخميس المقبل في بعلبك في حين اكد وزير العدل سليم جريصاتي عزمه على فتح تحقيق قضائي في قضية خطف العسكريين التي وقعت في عرسال عام 2014 .
اولا ليست تسمية التحرير الثاني مبالغة لفظية او تعظيما مفتعلا لعملية كنس عصابات التكفير من الجرود اللبنانية المحتلة التي نفذها الجيش اللبناني بالشراكة مع المقاومة والجيش العربي السوري من الجهة المقابلة استكمالا للفصل الأول من التحرير الذي قامت به المقاومة بمساندة مباشرة من الجيشين اللبناني والسوري قبل أسابيع قليلة.
إنها خاتمة سبع سنوات من المجابهة والمعاناة الصعبة والقلق نتيجة تواجد عصابات التكفير الإرهابية التي حشدت إلى لبنان وعلى أرضه وتم تشغيلها وتحريكها من الخارج في غير منطقة لبنانية من الشمال وبيروت والجبل وصولا إلى الجنوب والبقاع وانتهت بمحاصرة الفلول الباقية لجبهة النصرة وداعش في الجرود الجبلية المشتركة مع سورية وقد تشاركت المقاومة مع الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية في مطاردة الخلايا والجماعات والشبكات التي أرسلت إلى لبنان تنفيذا لخطة أميركية أطلسية تركية سعودية قطرية غايتها تدمير المنطقة وتمكين الكيان الصهيوني من الهيمنة عليها وسعى المخططون إلى تحويل لبنان منصة لهذه الحرب التي تركزت على غاية اولى هي تدمير الدولة الوطنية السورية المقاومة لتعويض العجز الصهيوني عن شن حرب جديدة بعد هزيمة تموز 2006.
ثانيا حجم الإنجاز الوطني يقرره حجم المخطط المرسوم وهذا ما يعني انتصار لبنان على خطر وجودي استهدف تمزيقه وتدمير نسيج شعبه وهياكل دولته وهو لذلك لا يقل أهمية عن التحرير الأول.
انطلق المخطط بموجات من الكذب والتضليل عن خرافة الثورة السورية وجماعاتها العميلة والتكفيرية واقترن بمحاولات حثيثة لإشعال فتنة مذهبية وطائفية عابرة للمناطق اللبنانية المختلفة ويذكر اللبنانيون كما ينبغي تذكيرهم بما وقع من تحريض قاومته القوى الوطنية بثقافة الصبر والتحمل رغم موجات الإسفاف السياسي والعهر الذي مارسه المتورطون في هذه اللعبة بإشراف وتمويل ودعم مباشر من دول حلف العدوان وقيادته الأميركية الأطلسية وحاضني الإرهاب والتكفير الإقليميين : حكومات تركيا والسعودية وقطر.
ما حصل على يد الجيش والمقاومة كان تحريرا ثانيا بكل ما للكلمة من معنى وهو يستحق الاحتفال رغم المنغصات المستمرة كما أشار قائد المقاومة ورغم كل ما حركته قضية العسكريين المغدورين من احزان واشجان تعكر صفو المناسبة وفرحها المستحق.
ثالثا ظهرت مبادرة رسمية في مستوى الحدث عبر إعلان وزير العدل اللبناني عن التصميم على فتح تحقيق شامل يعين المسؤوليات عن تمكين العصابات الإرهابية من خطف الجنود اللبنانيين في شهر آب 2014 ومحاسبة المتورطين من أي موقع كان في الدولة ومؤسساتها وخارجها وهذا ما يجب ان يطال عمليات دامت ثلاث سنوات قبل عملية الخطف شملت إقامة محميات امنية لعصابات الإرهاب في اكثر من منطقة لبنانية وتهريب السلاح إلى لبنان بحرا وبرا وجوا وعبره إلى سورية وشن حملات إعلامية تضليلية شاملة تورطت فيها مؤسسات لبنانية لتغطية شبكات الإرهاب وثمة قوى سياسية تورطت في كل ذلك ومواقع دستورية عديدة مارست الصمت والتواطؤ وبعضها قدم التسهيلات وثمة تقارير صحافية منشورة يكفي جمعها لتكوين ملف اتهامي كبير يضم قوى 14 آذار ورهطا من النواب والوزراء وزعامات كثيرة من مختلف الأحجام ولو كانت البداية متواضعة من “أبوات” الإرهاب في عرسال الذي تآمروا في عملية الخطف وقدموا تسهيلات لوجستية للإرهابيين القتلة في داخل البلدة وجرودها.
هذا التحقيق لو شق مساره دون عوائق سيكون اول تحقيق في تاريخ لبنان الحديث يقدم رواية فعلية عن فصول التآمر على لبنان تكشف الدول والحكومات والعملاء اللبنانيين المتورطين في الجرائم المتمادية ضد السيادة اللبنانية والجيش اللبناني والمتهمون سيكونون سياسيين وعسكريين وإعلاميين وقضاة وامنيين يستحق حسابهم في بديهيات القوانين واحكامها فهل سيحصل ذلك ام ستقطعه وتجهضه الحمايات الطائفية والسياسية كالعادة ؟!