هل يستمر ترامب رئيسا لأمريكا؟: اوري سفير
منذ قيام الدولة كان الحلف الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة يقوم على أساس قِيم ليبرالية وكونية مشتركة، مثلما وجدت تعبيرها في وثيقة الاستقلال لإسرائيل والدستور الأمريكي. حتى اليوم لم يكن للولايات المتحدة شراكة كهذه مع أية دولة أخرى في الشرق الأوسط. من كان يصدق أن يأتي يوم تعبر فيه الشراكة القيمية بين زعيمي الولايات المتحدة وإسرائيل على التفاهم المتبادل تجاه العنصرية المهيمنة في أوساط الإدارتين .
لقد اجتاز الرئيس دونالد ترامب مؤخرا كل خط أحمر قيمي حين خلق تماثلا أخلاقيا بين النازيين الجدد الذين هتفوا بعقيدة هتلر في بلدة شارلوتسفيل، ورجال كو كلوكس كلان الذين يتمنون عودة العبودية، والجهات الليبرالية التي تظاهرت ضدهم. بالنسبة للكثير من الأمريكيين كانت هذه هزة أرضية مفزعة. رئيسهم، برأي الكثير من المتحدثين، بمن فيهم الجمهوريون أيضا، فقد البوصلة الأخلاقية؛ فقد الشمال. ما كان منفرا على نحو خاص هو الشرعية التي منحها ترامب للانعزاليين من الجنوب، أولئك الذين قاتلوا في الحرب الأهلية الأمريكية في سبيل استمرار العبودية؛ وهذا جاء من وريث ابراهام لنكولن في الحزب الجمهوري. كل زعماء العالم كانوا مصدومين من سلوك ترامب ـ من انجيلا ميركيل عبر عمانويل مكرون وتريزا ماي وحتى جستين ترودوا ـ ممن شجبوا الفظائع التي ارتكبها المؤمنون بتفوق الإنسان الأبيض، وبشكل غير مباشر أيضا الرئيس الأمريكي. عاصمة واحدة فقط كان يخيل على مدى بضعة أيام ـ قدس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ـ لم تنطلق منها أية كلمة عن عنصرية ترامب، باستثناء عدة همسات لوزراء عن أن اللاسامية هي شيء سيئ. أمّا عمن أعطى لذلك الشرعية على أعلى المستويات في واشنطن وحظي بهتافات من رجال تفوق الإنسان الأبيض، فلم تنطلق أية كلمة نقد. وفقط بعد أن شجب الرئيس الأمريكي أعمال اليمين المتطرف، كتب نتنياهو في حسابه على التويتر: «أنا مصدوم من مظاهر اللاسامية، من النازية الجديدة ومن العنصرية. على الجميع أن يعارضوا هذه الكراهية».
في أعقاب ذلك نشأ هنا إحساس صعب بأن «عنصريو العالم يتحدون». لا شك أن نتنياهو ينفر جدا من التأييد الخفي للاسامية وعلى ما يبدو يتفهم قلب أخيه التوأم الأيديولوجي في واشنطن، الذي يصارع من خلال الديماغوجيا الدعائية ضد النخب القديمة، الذي يشعر بأن الإنسان الأبيض يتفوق على السود والمسلمين.
هذه فترة صعبة ومقلقة. على القوى الليبرالية وعلى دول العالم ان تأخذ بجدية كاملة هذه الظاهر وليس فقط أن تأمل في أن يدمر أشخاص متطرفون جدا كترامب أنفسهم.
الديمقراطية الأمريكية ستنجو بعد ترامب. فهي راسخة في تقاليد الديمقراطية تمتد 240 سنة وتقوم على أساس فصل السلطات ذات القوة. بانتظار الولايات المتحدة معرفة سياسية واجتماعية مريرة. ترامب لن يتغير بل ولن يهجر الساحة بسبب عزلة سياسية، ولكن على ما يبدو قريب اليوم الذي يبذل فيه ديمقراطيون وجمهوريون أمريكيون جهدا مشتركا لوضع حد لظاهرة تهدد النظام الديمقراطي. عندنا أيضا مطلوب معركة اجتماعية ـ سياسية وديمقراطية. العناوين على الحائط سواء في واشنطن أم في القدس.
معاريف