السلام شرط لعلاقات علنية بين الرياض وتل أبيب: تسفيا غرينفيلد
إن غياب وزير الدفاع الذي يتحدث الروسية، أفيغدور ليبرمان، عن اللقاء المستعجل بين نتنياهو وبوتين في سوشي، يشير إلى أن هذا اللقاء تم تخصيصه في الأساس من أجل أن يثبت للإسرائيليين عظمة رئيس حكومتهم، الذي يستطيع عقد لقاء مع زعماء العالم المهمين خلال فترة قصيرة جدا. لقد كان نتنياهو يفضل لقاء ترامب الأكثر أهمية في نظر مصوتي الليكود، لكن ترامب منشغل في شجاره مع وسائل الإعلام، ولا يوجد لديه وقت لاستقبال نتنياهو. الخيار الفاشل كان بوتين، يعملان على ما هو متاح. الخطر الكامن في وجود إيران في سورية وتسربها إلى لبنان هو خطر حقيقي. الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرا بين الولايات المتحدة وروسيا على تقسيم النفوذ بينهما في المنطقة يثير وبحق مخاوف كبيرة. وسؤال كيف سنعالج تهديد إيران من الشمال في الوقت الذي ينفض فيه الأمريكيون أيديهم والروس غير مبالين، هو سؤال ثقيل. ولكن يجب رؤية هذه التطورات الإشكالية ضمن إطار أوسع، حيث أن وجود إيران في سورية ومؤامراتهم للتوسع جنوبا، وكما يبدو أيضا إلى داخل العراق، في محاولة إيجاد ممر بري يؤدي إلى البحر المتوسط، تشكل تهديدا حقيقيا على إسرائيل قبل كل شيء، وعلى الأردن ومصر وبالأساس على السعودية.
الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة وروسيا يُبيّن أن أمريكا وصلت إلى استنتاج أن تدخلا حقيقيا في سورية سيؤدي إلى مواجهة مباشرة مع بوتين في وقت غير مناسب. في هذه الأثناء، الموضوع الأهم الذي يوجد على جدول الأعمال الأمريكي هو محاولة تقييد كوريا الشمالية. ومن أجل هذا فهم يحتاجون إلى مساعدة الصين وروسيا. إن الصراع المباشر مع إيران تم دحره قليلا إلى الخلف في سلم الأولويات (في الوقت الذي تم فيه وضع الجهود المباشرة من أجل التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين في الخلف، في المكان 15. الولايات المتحدة تكتفي في الوقت الحالي بتعزيز سيطرتها في العراق بهدف خلق حاجز، على الأقل مؤقت، أمام توسع إيران، وذلك من أجل الدفاع عن الدول السنية ومنع تحويل العراق إلى تهديد شيعي مباشر على طول الحدود الشمالية للسعودية.
السؤال لما تخلى أوباما عن الدول السنية وأظهر سخاءً كبيرا لإيران الشيعية يقتضي توضيحا تاريخيا محددا. من ناحية إسرائيل توجد لهذه السياسة نتيجة دراماتيكية. ليس فقط بسبب ازدياد التهديد المباشر عليها هي نفسها، بل أيضا بسبب تداعيات التهديد الشيعي على السعودية. إن احتمال الوقوف أمام توسع إيران في الشمال تحول منذ عقد إلى كابوس للعائلة المالكة في السعودية. لهذا فإن هذه هي المرة الأولى في التاريخ المحلي التي وجد فيها للسعودية مصلحة فورية وجدية في التعاون مع إسرائيل ضد إيران. ولأنه لا يوجد للسعودية شرعية في إقامة علاقة دفاع علنية مع إسرائيل من دون أن تطرح على العالم الإسلامي حلا للمشكلة الفلسطينية، فقد وجدت للمرة الأولى نقطة ضغط حقيقية على الولايات المتحدة لتحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
لحسن حظنا أن ترامب قام بتغيير سياسة أوباما كليا. والنتيجة هي أن الولايات المتحدة عادت إلى التحالف مع السعودية الخائفة. لهذا فإن رئيس حكومة إسرائيل سيضطر كما يبدو إلى التوصل بشكل سريع إلى اتفاق مع الفلسطينيين، سواء رغب في ذلك أم لا. ترامب سيعطي إسرائيل أفضلية معينة، لكن مطلوب أيضا موافقة الفلسطينيين (والسعودية)، وجميعهم يخافون من ترامب ـ بمن فيهم نتنياهو وأبو مازن. والنتيجة واضحة: إذا بقي ترامب في البيت الأبيض فهناك احتمال لصد إيران، على الأقل بدرجة معينة، والفلسطينيون سيحصلون على الاتفاق، وعلى المواطنين في إسرائيل التقرير إذا كانت هذه الصفقة جيدة بالنسبة لهم أم لا.
هآرتس