سورية: تحوّلات تحصيل حاصل: حميدي العبدالله
أعلنت كلّ من فرنسا وبريطانيا أنهما لا تضعان تنحي الرئيس بشار الأسد كشرط لأيّ تسوية سياسية، بل أكثر من ذلك أقرّ وزير خارجية بريطانيا بأنّ الرئيس بشار الأسد سوف يشارك في أيّ انتخابات رئاسية تعقد في المستقبل .
معروف أنّ بريطانيا وفرنسا كانتا أكثر تطرفاً من الولايات المتحدة في مواقفهما إزاء الرئيس بشار الأسد، ويعتبر موقفهما الجديد تحوّلاً واضحاً وتراجعاً عن مواقف وسياسات كانت معتمدة طيلة السنوات السبع الماضية.
اليوم جميع الأطراف، بما في ذلك الأطراف التي شاركت في الحرب الإرهابية التي شنّت على سورية باتت تسلّم بوجود تحوّل في الموقف الدولي، وحتى الموقف الإقليمي، وبالتالي لم تعد مسألة التحوّلات في مواقف الدول التي خططت وموّلت ودعمت الحرب على سورية عرضةً للإنكار أو السجال، وحتى صفحات المعارضة الأكثر انتشاراً أقرّت بوجود هذه التحوّلات، بل استنكرتها واعتبرتها تخلياً دولياً عن المعارضة. لكن ما الذي دفع الدول الغربية، وبالتالي الدول الإقليمية التي تدور في فلكها إلى تغيير مواقفها؟
لا شك أنّ هذا التحّول في مواقف الدول الغربية، سواء الولايات المتحدة، أو بريطانيا وفرنسا، وهي الدول الثلاث المحركة للحرب على سورية، ما كان ليحدث لو تركت الأمور لرغبة المسؤولين في هذه الدول. رغبة المسؤولين في هذه الدول التي طالما جاهروا بها، كانت تفصح عن عمل دؤوب لإسقاط الدولة السورية وإطالة أمد الحرب فيها إذا تعذّر تحقيق السيطرة عليها من قبل القوى التي تدور في فلك الحكومات الغربية، ولكن بات واضحاً أنّ الحكومات الغربية لم يعد بمقدورها مواصلة الحرب، بعد سيطرة الجيش السوري وحلفائه على غالبية الجغرافيا السورية، وتلاشي القوى والجماعات المرتبطة بالغرب، سواء كانت هذه الجماعات مصنّفة جماعات إرهابية، مثل داعش والنصرة، أو مصنّفة جماعات معتدلة، وبات واضحاً أيضاً أنّ الإصرار على مواصلة الحرب يتطلب زجّ جيوش الدول التي خططت وقادت الحرب على سورية بصورة مباشرة مع ما يعنيه ذلك من اندلاع حرب بين هذه الدول، وكلّ من سورية وإيران والمقاومة اللبنانية وروسيا، وبديهي أنّ مثل هذه الحرب ليس للدول الغربية مصلحة فيها، وهي أعجز من شنّ مثل هذه الحرب، كما أنّ حلفاءها الإقليميين، سواء تركيا أو السعودية أو قطر لديهم من الحروب الخاصة والخلافات السياسية ما يجعلهم أعجز بوضوح عن القيام بأيّ دور في حرب ضدّ سورية وروسيا وإيران والمقاومة اللبنانية، وبالتالي بات مفروضاً على الدول الغربية والدول الإقليمية التي تدور في فلكها أن تغيّر مواقفها.
هذا التغيير الذي يعتبر تحوّلاً هاماً مما يجري في سورية إقليمياً ودولياً هو تحصيل حاصل وثمرة لانتصارات الجيش السوري وحلفائه.
(البناء)