من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
الأخبار : استسلام “داعش” يكشف مصير العسكريين
كتبت “الأخبار”: بعد ثلاث سنوات من اعتداء إرهابيي “داعش” و”جبهة النصرة” على القوى الأمنية اللبنانية في بلدة عرسال واختطاف عسكريين لبنانيين، أدّت اعترافات إرهابيين من “داعش” إلى الكشف عن مصير ثمانية عسكريين لبنانيين، كان التنظيم قد قتلهم بعد فترة من اختطافهم.
وعلى رغم النهاية المأسوية لهذا الملفّ، وانتظار الأهالي طويلاً لمعرفة مصير أبنائهم الشهداء، إلّا أن التضحيات التي بذلها رفاقهم في الجيش اللبناني والجيش العربي السوري والمقاومة، ودور اللواء عبّاس إبراهيم وضباط الأمن العام، أثمرت أخيراً كشفاً عن مصيرهم، ووضع حدّ لهذه المعاناة اليومية.
عند الساعة السابعة صباحاً، أعلن الجيشان اللبناني والسوري وحزب الله وقفاً متزامناً لإطلاق النار في معركتي “فجر الجرود” و”إن عدتم عدنا” التي تخاض ضد من تبقّى من إرهابيي “داعش” في منطقتي “حليمة قارة” و”مرطبيا” على الحدود اللبنانية ــ السورية.
إلّا أن الساعات الـ48 التي سبقت وقف إطلاق النار حفلت بأحداث مهمّة. يوم الجمعة الفائت، عقدت قيادة الجيش اللبناني اجتماعاً، قررت على إثره معاودة العمليات العسكرية الهجومية في القسم اللبناني من الجرود. أُبلغ المعنيون في الحكومة بأنه تم الاتفاق على السادسة والنصف من صباح السبت موعداً لانطلاقة عملية برية واسعة يريد الجيش تنفيذها في المربع الأخير الذي حوصر الإرهابيون فيه. وبخلاف النفي، تم إبلاغ قيادة المقاومة بالقرار. وهي التي كانت أبلغت الوسطاء مع مسلحي “داعش” في القسم السوري من الجرود أن أيّ وقف لإطلاق النار لن يحصل خلال المفاوضات. باشرت القوات السورية واللبنانية على جانبي الحدود عمليات قصف ناري تمهيدي، ترافق مع طلب المسلحين من الوسيط وقتاً مستقطعاً لاتخاذ القرار النهائي. وقرابة الثالثة فجراً، نقل الوسيط موافقة قيادة المسلحين في الجرود على شروط التسوية، طالبين تأكيد ضمان انتقالهم إلى الرقة أو دير الزور في الشرق السوري.
عندها سارعت قيادة المقاومة إلى الاتصال باللواء إبراهيم، وإبلاغه قرار المسلحين، مع اقتراح بتجميد العملية العسكرية من قبل الجيش اللبناني. فسارع إلى التواصل مع قائد الجيش العماد جوزف عون الذي أبدى الموافقة، كما تم التواصل فجراً مع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري للغرض نفسه.
كانت مهلة قيادة المقاومة للمسلحين عبارة عن ساعات تنتهي ليل السبت، بينما كان الرئيس بشار الأسد يبعث برسالة عاجلة إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يضمّنها موافقته على تسهيل التسوية وضمان نقل المسلحين إلى الشرق السوري، الأمر الذي ترافق مع نقاش حاد بين قيادات المسلحين في الجرود وفي الرقة ودير الزور، انتهى إلى القرار بالاستسلام، والقبول بالشروط كافة ليل السبت ــ الأحد. وبادر المسلحون إلى خطوات عملية، أولاها تقديم معلومات أكيدة عن مكان دفن العسكريين الثمانية، الذين تبيّن أنه تمت تصفيتهم منتصف شباط عام 2015، وجرى دفنهم في منطقة “حرف وادي الدب” قرب معبر الزمراني. وهو المكان الذي كان الأمن العام قد حدّده عشية انطلاق معارك الجرود، ويقع ضمن دائرة الـ20 كلم مربّع التي حررّتها المقاومة من الأرض اللبنانية في اليوم الأول من المعركة.
وإلى جانب هذه الخطوة، جهّز المسلحون جثث شهداء من المقاومة، وباشروا التفاوض على لائحة الذين يريدون الانتقال إلى الشرق، بعدما كان العشرات منهم قد استسلموا للمقاومة على دفعات خلال الأسبوع الماضي. وبحسب آخر إحصائية، فإن نحو 325 مسلحاً يريدون الانتقال الى سوريا، إضافة الى عائلاتهم، وبينهم نحو أربعين عائلة تقيم في مخيمات النازحين في عرسال. وسيصار إلى تجميعهم سريعاً ونقلهم الى باصات وصل 17 منها الى قارة مساء أمس، إضافة الى 10 سيارات إسعاف لنقل جرحى من المسلحين أيضاً. وسيسلك هؤلاء طريق القلمون ــ تدمر ــ السخنة، ومنها إلى البوكمال على الحدود العراقية، حيث يريد البعض منهم الانتقال إلى مناطق في الغرب العراقي الواقعة تحت سيطرة “داعش”.
وفيما خصّ العسكريين اللبنانيين، تبيّن أن المعلومات التي قدمها المسلحون تشير إلى أن مكان دفنهم هو المكان نفسه الذي كان الأمن العام قد تفقده غداة انطلاق معركة الجرود، بعدما وفّرت المقاومة له غطاءً عسكرياً كاملاً، ولم يتم العثور يومها على شيء. لكن بحث أمس أظهر أنهم دفنوا في المنطقة نفسها، على بعد عشرات الأمتار من النقطة التي كان أحد المخبرين قد حددها للأمن العام. وتبين أن المسلحين كانوا قد نقلوا جثث الشهداء إلى المكان الجديد، خشية وصول الخبر إلى السلطات اللبنانية. وبعد تحديد المكان، عملت وحدة من الأمن العام بالتعاون مع الصليب الاحمر، وبتسهيلات وفّرتها المقاومة في المنطقة، على نبش القبور والعثور على هياكل عظمية تعود إلى ثمانية رجال دفنوا وهم يرتدون أحذيتهم العسكرية، على أن يجري اليوم استكمال البحث عن موقع دفن الشهيد عباس مدلج. وأخذت من الجثامين عيّنات من الحمض النووي ونقلت إلى بيروت لإجراء الفحوصات اللازمة عليها، والتأكد من أنها تعود فعلاً للجنود اللبنانيين. ومن المفترض أن تظهر نتائج الـ”دي. أن. إي.” اليوم، لتحديد هويات الجثامين بشكل حاسم، قبل الاستمرار في التسوية المفترضة. ومساءً، نُقلت الجثامين من منطقة وادي حميد في عرسال إلى المستشفى العسكري في بيروت.
وبينما يشارف ملفّ العسكريين المختطفين على الانتهاء، لا يزال الجيش اللبناني على جاهزيّته لاستكمال عملية تحرير ما تبقى من الأرض المحتلة، فيما كانت قوات الجيش السوري وحزب الله تتقدّم وتضيّق الخناق أكثر على الإرهابيين طوال أوّل من أمس، مسيطرة على مساحات جديدة، أهمها مرتفع “شميس ــ تم المال”. وقالت مصادر عسكرية لبنانية لـ”الأخبار” إن “الجيش لم يتفاوض مع داعش لوقف إطلاق نار، واللواء إبراهيم هو المكلّف بالتفاوض، وهو الذي طلب وقف النار لأن الإرهابيين قرروا الإبلاغ عن مكان العسكريين المخطوفين، والجيش أوقف النار في انتظار جلاء ملابسات قضية المخطوفين”. وعن مصير الإرهابيين المحاصرين في البقعة الحدودية بعد عملية التفاوض، أكدت المصادر أن “الجيش مستمر في محاصرة المسلحين ولا يزال على جاهزيته كاملة. وما حصل هو وقف للنار فقط، في انتظار صدور النتائج الطبية لرفات العسكريين، والتأكد منها، على أن تتم في المرحلة اللاحقة التعامل مع المعطيات العسكرية بحسب التطورات”.
من جهته، ردّ اللواء إبراهيم على الانتقادات التي توجه إلى عملية التفاوض، مؤكّداً أن “عملية فجر الجرود انطلقت من أجل تحرير الجرود وكشف مصير العسكريين، ونحن لسنا عصابة تخرج للانتقام”، سائلاً: “لو قتل كل هؤلاء الإرهابيين من كان ليكشف مصير العسكريين”؟ معتبراً أن “المهم أننا حصلنا على نتيجة، وهي كشف مصير العسكريين وأرواح الشهداء أهم من كل المزايدات”.
وردّ المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد على من ينتقدون المقاومة بسبب التطورات الأخيرة، معتبراً أن “المقاومة خلصت عبئاً كبيراً كان على كل لبنان”، مشيراً إلى أن “تصريحات بعض السياسيين ومهاجمة المقاومة (كلام) مؤذٍ ومعيب، وفيه قلة أخلاق”، وأن “أياً يكن من ساعدنا في تحرير أرضنا، علينا أن نشكره”. وأكد أن “الشعب اللبناني يعرف أن هذا الشهيد في المقاومة والجيش الذي قتل، لم ينوجد أصلاً لو لم يكن تيار المستقبل والقوات اللبنانية مسهّلين لوجود الإرهابيين في جرود عرسال”، لافتاً الى أنهم “فتحوا الحدود من عكار إلى عرسال تحت عنوان إسقاط سوريا وبشار الأسد”.
الديار : وغى “القائد” … تحررت الأرض …عاد الشهداء … فكان الانتصار بغصة نصرالله رفض أيّ تسوية قبل كشف مصير الأسرى العسكريين اللواء ابراهيم للأهالي : لم نساوم فاعتزوا بأبنائكم لأن إرادتهم كانت الشهادة
كتبت “الديار “: بحكم الواقع اصبح مصير الاسرى العسكريين التسعة معروفاً امام الرأي العام، بعدما كشف مستور السنوات الثلاث عن حقيقة مؤلمة طالما رددها الكثيرون رافضين الاعتراف بها، معولين على ما اعتبروه “غموضا ايجابيا” تنازع طرفاه “داعش” والدولة اللبنانية، تنظيم عمد الى استخدام الملف في حرب اعصاب لم تنته الا بنهايته، معتمدا تسريب مئات المعلومات المتناقضة عبر عشرات الوسطاء من لبنانيين واجانب، لم يسرب خلالها اي شريط فيديو او صورة، الا واحدا التقط بعيد غزوة عرسال بساعات، ليختفي بعدها اي اثر او معلومة الا بعض ما جمعته خيوط الاتصال والتواصل والذي بقي مستورا، بانتظار حدث ما، رغم ان معلومات شبه مؤكدة كانت قد توافرت للمعنيين عن استشهادهم منذ شباط 2015.
فمعركة تحرير الجرود التي اطلقها العماد جوزاف عون مثبتا قدرة الجيش اللبناني واستعداده لحماية الارض والشعب، هدفت منذ يومها الاول الى تحقيق تحرير الارض من “داعش”، من جهة، وكشف مصير العسكريين، وان كانت كشفت وهن تنظيم “داعش” الذي انهار تحت ضربات اصغر جيش في المنطقة، فقد حسمت في المقابل ملفا وطنيا تعاطف معه اللبنانيون طويلا، املا في ان يخلص الى نهاية سعيدة، غير ان رياح الارهاب والغدر جاءت خلافا لما اشتهته السفن اللبنانية، اذ شهدت الساعات الماضية تطورات دراماتيكية وضعت بدقائق حدا لمأساة استمرت منذ عام 2014.
فما الذي حصل ليل السبت – الاحد؟
تكشف مصادر واسعة الاطلاع خطة الجيش في التعامل مع الجيب الاخير لتنظيم “داعش” في منطقة مرطبيا، وما انتجته من ضربات موجعة موقعة اكثر من 40 اصابة بين قتيل وجريح يوم السبت، في صفوف ما تبقى من مجموعات “داعش” التي حوصرت في تلك المنطقة، بعدما كان سقط لها في ثمانية ايام حوالى 100 عنصر، نتيجة القصف المدفعي المركز للجيش والاصابات الدقيقة مع الاستخدام “الكثيف” للقذائف الذكية والصواريخ، مفشلة استراتيجية امير “داعش” ابو السوس التي قامت على توزيع المدنيين من عائلات المسلحين على المواقع العسكرية، تزامنا مع التقدم الحاصل على الجبهة السورية وانسحاب المقاتلين باتجاه تلك المنطقة، في الوقت الذي حددت فيه قيادة الجيش اللبناني فجر الاحد الساعة الصفر لتحرير ما تبقى من الكيلومترات العشرين، ما دفع بقيادة التنظيم الى عرضها الاستسلام والانسحاب مقابل الافراج عن احد الاسرى الذي اعتقل في معركة تدمر من جنسية غير لبنانية، اضافة الى خمس جثث لشهداء من حزب الله دفنوا غرب معبر ميرا ثلاث منهم فقدوا عام 2014 خلال المواجهات في منطقة الكهف في جرود قارة وهم: حسن حمادي، قاسم سليمان، فادي مسرّة، اما الاثنان الباقيان ففي معارك البادية وهما، ربيع عليق ورامي الاسعد.
وبالفعل وصلت رسالة الوسيط الى حارة حريك حيث كان يوجد احد كبار الامنيين اللبنانيين للقاء امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله قرابة منتصف الليل، والذي رفض بشكل قاطع السير بأي تسوية ما لم يتم الكشف عن مصير الاسرى العسكريين، وهو ما تبلغه الضابط الرفيع، معتبرا ان الحزب في حل من اي اتفاق ما لم يتحقق هذا الطلب. عاد الوسيط واتصل بابي السوس، الذي كانت مجموعاته تعاني من التضعضع وحالة من التململ في صفوفها نتيجة المعلومات عن اكتمال استعدادات للجيش لتنفيذ الهجوم البري، مبلغا اياه بالموقف المستجد، في الوقت الذي صعدت فيه وحدات الجيش من قصفها وضغطها وكذلك حزب الله والجيش السوري على الجانب الآخر من الحدود، ليرضخ امير “داعش” مع ساعات الصباح الاولى للشروط، ويبلغ الوسيط بمعلومات “هامة” عن مصير العسكريين الاسرى، الذي ابلغ بها فورا المدير العام للامن العام ، فقام الاخير بالاتصال بقيادة الجيش واضعا اياها بما وصله من معلومات، ليصدر عندئذ بيان رسمي عن مديرية التوجيه قضى باعلان وقف العمليات العسكرية الى حين التأكد من صحة المعلومات ودقتها.
وتكشف المصادر ان الاتفاق الذي تم تحت الضغط الميداني وليس التفاوض كما حصل مع “النصرة”، وبعد موافقة الحكومة السورية يقضي بالآتي :
-المرحلة الاولى، اعلان امير “داعش” استسلامه مع كامل مجموعاته لحزب الله والجيش السوري.
– المرحلة الثانية خروج العائلات من مرطبيا باتجاه مدينة البوكمال عند الحدود السورية – العراقية.
-المرحلة الثالثة تقضي بخروج المسلحين عزلاً من اي سلاح مع الجرحى.
وعليه، فقد انتقلت ظهرا قوة من الجيش مجهزة بحفارات وجرافات، مع مجموعة من الامن العام والصليب الاحمر، برفقة دليل سوري الجنسية من “داعش”، الى الموقع الذي تم تحديده في منطقة وادي الدب الواقع بين رأس بعلبك وجرد عرسال، حيث باشرت عند الثانية ظهرا عمليات الحفر في الموقع الذي يقع داخل الاراضي اللبنانية، ليتم سحب ثماني جثث “اغلب الظن” انها تعود للأسرى العسكريين، وسط معلومات كان سبق التوصل اليها عن مبايعة احد العسكريين، وهو ابن اخت أبو طلال الحمد الملقب بالبلقيس أمير التنظيم يومذاك، وقيامه بتعذيب رفاقه طوال تلك الفترة، قبل ان ينتقل برفقة خاله الى الرقة، حيث تضاربت المعلومات حول مصيره، فيما كان كبار ضباط القيادة يتابعون مجريات الاوضاع من غرفة العمليات حيث كانت طائرة “سكان آي” تنقل الصور مباشرة من الموقع.
ومع ساعات المساء الاولى كانت المجموعة المولجة احضار الجثث قد انجزت مهمتها، عائدة الى بيروت في قافلة مؤلفة من عشرات السيارات امنت المواكبة لها سرية من فوج المغاوير في تحية الى الشهداء، لتنزل من الجرود عبر وادي حميد فمدينة الملاهي ومنها الى اللبوة باتجاه بدارو حيث وضعت الجثث في برادات المستشفى العسكري الى حين صدور نتائج فحوص الحمض النووي التي قد تمتد لثلاثة اسابيع، لارتباط ذلك بحالة الجثث وطريقة دفنها.
تزامن ذلك مع وصول 17 حافلة و10 سيارات اسعاف للهلال الاحمر السوري الى القلمون الغربي تمهيدا لنقل مسلحي “داعش” وعائلاتهم بعد اتمام بنود الاتفاق، في الوقت الذي ينتظر ان يطل فيه مساء اليوم السيد حسن نصرالله لاعلان النصر المبين.
البناء : استسلام داعش تفادياً للساعة الصفر فجر الأحد… والعسكريون المختطَفون شهداء انهيار خرافة دولة الخلافة… بعد الموصل تلّعفر… والتحرير الثاني كلمة الفصل نصرالله يُطلّ الليلة لوضع النقاط على حروف الحرب… داعياً إلى احتفال النصر
كتبت “البناء “: فجر أمس، كانت الساعة الصفر للهجوم الحاسم للجيش اللبناني من جهة الجرود والجيش السوري والمقاومة من جهة القلمون لتصفية آخر معاقل داعش في الجيب الحدودي الأخير بين لبنان وسورية، فتجمّعت الحشود وتقدّمت وحدات النخبة من المواقع الأمامية وبدأت النيران التمهيدية، ليصل إلى المعنيين في قيادة المقاومة وإلى المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم ما يقول بأنّ الشروط المعروضة للاستسلام تمّ قبولها من قيادة داعش في الرقة، بناء على طلب قيادة القلمون، لتبدأ الترتيبات بتسلّم خرائط تدلّ على مكان دفن جثامين شهداء الجيش والمقاومة، ويُعلن وقف النار الساعة 7 صباحاً، وتسير الخطوات المتسارعة لنقل الجثامين، وتحضير الناقلات لتأمين انسحاب ما يقارب خمسمئة مسلّح وعائلاتهم بما يقارب الألف ومئتي شخص كمجموع للذين يغادرون اليوم منطقة الجرود والقلمون. وتنتهي مساء اليوم بمغادرتهم الصفحة السوداء التي افتتحها تجاهل فريق لبناني لخطر الإرهاب انسجاماً مع أوهامه بالمشاركة في حرب إسقاط سورية وضرب المقاومة معرّضاً سلامة لبنان وأمنه واستقراره لمخاطر كلفت الكثير، وكانت خاتمتها الحزينة شهادة العسكريين المخطوفين، الذين أُخذوا ذات ليل، والبعض يصرّح أن هؤلاء الخاطفين حلفاؤنا وأصدقاؤنا وهم ثوار وليسوا إرهابيّين، ويقول آخر إنّ داعش كذبة، ليقفوا اليوم وكأنّهم بلا ذاكرة أو يفترضون أنّ اللبنانيين بلا ذاكرة يذرفون دموع التماسيح على شهداء تسبّبوا هم بمقتلهم وباعوا معهم كرامة وطنهم وأمنه لحساب أوهام وتبعية مشروع تخريب سورية، وهم يتشدّقون بأكذوبة النأي بالنفس.
انهارت خرافة دولة الخلافة، فمن الموصل إلى انتصارات تلعفر القياسية يُطلّ التحرير الثاني، الذي استعاد فيه لبنان وسورية ما يعادل مساحة لبنان من يد تنظيمات الإرهاب التي أرادت الشرّ للبلدين ووقف لها الجيش السوري والجيش اللبناني والمقاومة بالمرصاد، وكانت الخاتمة اليوم برحيل هؤلاء المهزومين مستسلمين، بعدما صُنعت لهم أسطورة القوة التي لا تقهر، كما صُنعت من قبلهم لـ”إسرائيل”، وتكفّلت المقاومة في المرتين بتظهير بيوت أوهن من بيت العنكبوت. وها هم الأميركيون الذين خرج رئيسهم السابق باراك أوباما يبشّرنا بالاستعداد للتعايش لعشر سنوات على الأقلّ، يستعجلون إخلاء “دواعشهم” الثمينة بإنزالات كومندوس لسحبهم عبر المروحيات من منطقة دير الزور، إيذاناً بقرب نهاية الخرافة.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رمز المقاومة التي كانت القيمة المضافة في كلّ حروب المواجهة على مساحة المنطقة مع المشروع الأميركي “الإسرائيلي” مباشرة، أو بنسحته التكفيرية الإرهابية، يُطلّ مساء اليوم ليضع النقاط على حروف النصر الكبير، معلناً الاحتفال بعيد التحرير الثاني، داعياً اللبنانيين، كما كلّ مرة، ليكونوا رغم الانقسامات السياسية شركاء في هذا النصر.
“وقف النار” حيّز التنفيذ و”داعش” إلى دير الزور
انتهت العملية العسكرية في جرود القاع ورأس بعلبك والقلمون الغربي بعد أسبوع من المواجهات الميدانيّة، وأجبر الجيش اللبناني بالتعاون مع الجيش السوريّ وحزب الله تحت النار مسلّحي “داعش” في الجرود على الاستسلام والرضوخ للتفاوض وقبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ أمس، حيث تمّ العثور على رفاتات العسكريين المختطفين لدى “داعش” في إحدى المقابر في “دار الدب” في جرود عرسال، بينما وصلت سيارات الهلال الأحمر السوري الى منطقة قارة في القلمون لنقل المسلحين وعائلاتهم الى منطقة البوكمال في دير الزور.
وقد تولّى حزب الله مسألة التفاوض مع “داعش” بالتنسيق مع الدولة السورية، بعد أن انسحب مسلحو “التنظيم” الى داخل الأراضي السورية إثر ضربات الجيش اللبناني، وباتوا محاصَرين في بقعة ضيقة جداً وتحت حصار قاسٍ من حزب الله والجيش السوري.
ويُسجَّل للجيشين اللبناني والسوري والمقاومة أنهم أجبروا هذا “التنظيم” الإرهابي الذي يرفض منطق التفاوض والاستسلام ويقاتل حتى الموت، على التفاوض بالقوة. وقد تكون المرة الأولى الذي يحصل ذلك، ما يثبت بالميدان مرة أخرى نجاح المعادلة الألماسية التي أعلنها قبل أيام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي يُطلّ مساء اليوم للحديث عن آخر تطوّرات معركة الجرود في لحظاتها الأخيرة. وشرح تفاصيل عملية التفاوض وبنود اتفاق وقف النار وإعلان الانتصار ونهاية تنظيم “داعش” في الجرود الحدودية اللبنانية السورية.
ويتضمن الاتفاق النقاط التالية: وقفاً نهائياً لإطلاق النار بين طرفَيْ القتال حزب الله والجيش السوري والجيش اللبناني من جهة وداعش من جهة أخرى، وكشف مصير جثامين العسكريين اللبنانيين الثمانية وإرشاد موفد حزب الله للمكان، وتسليم جثامين خمسة شهداء للحزب كانوا استشهدوا في القلمون الغربي منذ بداية العام الحالي، وتسليم أسير آخر للحزب كان أُسر في البادية السورية بداية الصيف الحالي، في مقابل تأمين انسحاب المسلحين مع سلاحهم الفردي الخفيف مع عائلاتهم والبالغين 1777 وتأمين خطّ انسحابهم عبر أحد معبرَي ميرا أو مرطبيا إلى البوكمال في دير الزور السورية وضمان وصولهم بموافقة القيادة العسكرية الميدانية السورية وحزب الله”.
ووصلت أمس، 17 حافلة و10 سيارات للهلال الأحمر السوري إلى منطقة قارة في القلمون الغربي لإخراج مسلحي داعش من جرود القلمون، إلى البوكمال في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، حيث ستبدأ مرحلة المغادرة في ساعات متأخرة اليوم وفق ما تمّ الاتفاق عليه.
.. والعسكرّيون رفاتات بانتظار الـ “دي آن آي”
وكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد كشف أمس، عن “استخراج 8 جثث يُعتقَد أنّها تعود للعسكريين المخطوفين “. ووفق المعلومات المتوافرة، فإن الجنود اللبنانيين الثمانية استُشهدوا في شباط 2015 الماضي، والمسؤول عن مقتلهم هو مَنْ يُسمّى “أمير داعش الشرعي” ولقبه “أبو بلقيس” يرافقه أبو طلال الحمد أمير التنظيم حينها في الجرود اللبنانية. وهو الذي نفـّذ خطف العسكريين، وعقب عملية التصفية التي نفّذها غادر إلى الرقة وبرفقته مجموعة خاصة به تتمثل بقيادات داعشية شاركت في خطف الجنود اللبنانيين. وتفيد المعلومات أنه عقب وصولهم إلى الرقة نشب خلاف قويّ بينه وبين مجموعته تلك على خلفية تصفية الجنود اللبنانيين، عمد إلى تصفية المجموعة بواسطة تفخيخ السيارة التي كانوا يستقلّونها، كي لا يبقى أثر يمكّن من المتابعة لهذا الملف بشكل مباشر لهذه القضية سوى القيادة المركزية للتنظيم الإرهابي داعش”.
وتأكدت جميع المعطيات عن المقبرة الجماعية والتي تضمّ ثمانية رفاتات، حيث وجد في أقدامها جميعاً بقايا الحذاء العسكري البوط ، ما يدلّل على أنها عائدة الى العسكريين الثمانية الذين تمّت تصفيتهم على أيدي داعش”.
وقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إننا “ننتظر نتائج الحمض النووي في موضوع العسكريين المخطوفين، ولكن الأمر شبه محسوم للأسف استناداً الى مؤشرات كثيرة”.
المستقبل : “الضربة القاضية” حُدّدت في السابعة صباحا ً ففاوض الإرهابيون على مكان “جثث” العسكريين للانسحاب لبنان يبكي
كتبت “المستقبل “: فُجع اللبنانيون أمس بنبأ اكتشاف “جثث” العسكريين الأسرى رغم انتظار فحوص الحمض النووي، وشاطروا أهالي العسكريين دموعهم التي لم تنقطع على امتداد ثلاث سنوات ونيّف، وقد تحولّوا أسرى للقلق على مصير أبنائهم. ولف الحزن لبنان من أقصاه إلى أقصاه، متزامناً مع تحقيق الجيش اللبناني أهداف معركة “فجر الجرود” التي انطلقت من أجل تحرير الجرود من إرهابيي “داعش” وجلاء مصير العسكريين.
هذا التعاطف الواسع الذي عكس تضامناً وطنياً كبيراً مع الجيش ومع تضحياته وآخرها خوض معركة “فجر الجرود” منفرداً وببسالة، جاء بعد قرار الجيش توجيه “الضربة القاضية” لتنظيم “داعش” الإرهابي عند السابعة من صباح أمس، بعد أن ضيق الخناق على المسلّحين.
اللواء : إستسلام داعش يطوي “إرهاب الجرود”.. وتعاطف وطني مع أهالي شهداء الجيش إجتماع حاشد الأربعاء في دار الفتوى لإستعادة عطلة الجُمعة.. وتعديلات على العقوبات الأميركية للحدّ من الأضرار
كتبت “اللواء “: طوى لبنان إلى غير رجعة صفحة إرهاب المسلحين من داعش، وقبلها النصرة، في جروده الشرقية، من عرسال إلى رأس بعلبك والقاع، في إنجاز وطني، نغّصه ما كشف عن ان جنود الجيش اللبناني، الذين اختطفهم تنظيم “داعش” من عرسال، قد أصبحوا في “عداد الشهداء” بانتظار فحوصات DNA، و”التأكد من هوية أصحابها”، على حدّ تعبير بيان لقيادة الجيش، وفي إطار متابعة قضية العسكريين المخطوفين لدى التنظيم الارهابي.
ويمكن القول ان يوم الأحد 27 آب، سيكون يوماً تاريخياً لجهة إنهاء الوجود “الارهابي” المسلح لتنظيمات أتت من سوريا وعادت إليها، الأمر الذي سيفتح الآفاق السياسية إلى مرحلة جديدة، من تخفيف الضغوطات على البلد وصرف الأنظار إلى مرحلة من النشاط الاقتصادي والإنماء في المناطق المحررة، على طريق استعادة العافية.
الجمهورية : الجرود تتحرَّر… ولبنان في إنتصار وحِداد
كتبت “الجمهورية “: إنتصر الجيش بتحقيق أهدافه العسكرية في معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من إرهابيي “داعش”، وكشف مصير العسكريين المخطوفين. لكن في المقابل إنكشفت حقيقة مؤلمة نزلت كالصاعقة على أهالي المخطوفين المفجوعين ولبنان عموماً. وما زاد في المأساة انّ الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة فُتحت لهم الطريق الى الداخل السوري نتيجة صفقة لم يكن للجيش فيها دور. وتحت هول الفاجعة، راجَت في الاوساط السياسية والشعبية دعوات الى تحميل المسؤولية الى السياسيين الذين حالوا دون قيام الجيش، في لحظة خطف العسكريين وبعدها، بعمل عسكري لفك أسرهم ودحر المجموعات الارهابية من تلك الجرود قبل ان يثبّتوا احتلالهم لها ويتحصّنوا فيها ما جعل القضاء عليهم عصيّاً الى الآونة الاخيرة عندما دحرهم الجيش من هذه الجرود أمس. كذلك انطلقت أصوات تنتقد “حزب الله” وتأخذ عليه عدم تسليمه “الدواعش” الى السلطات اللبنانية لمحاكمتهم، فضلاً عن اتهامه بإبرام صفقة مع “داعش” بمعزل عن الدولة. وينتظر ان يتحدث الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله مساء اليوم عن هذه التطورات ودور الحزب فيها، علماً انّ اتصالاً هاتفياً حصل بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قيل إنه ساهم في تسريع الخطى لكشف مصير العسكريين واستكمال تحرير الجرود.
لم تكتمل فرحة اللبنانيين بـ”تنظيف” الجيش اللبناني جرود راس بعلبك والقاع من إرهابيي “داعش”، إذ نغّصها الكشف رسمياً عن استشهاد العسكريين الثمانية الذين كانوا مخطوفين لدى هذا التنظيم الارهابي منذ 2 آب 2014، حيث اعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش العثور على رفاتهم في محلة وادي الدّب ـ جرود عرسال، ونُقلت الى المستشفى العسكري المركزي لإجراء فحوص الـDNA للتأكد من هوية أصحابها.
فتزامناً مع اعلان قيادة الجيش وقف النار، السابعة صباح أمس، لإفساح المجال امام المرحلة الأخيرة للمفاوضات المتعلقة بمصير العسكريين، وبعد كشف مصيرهم، يكون الجيش اللبناني قد حقّق الهدف الثاني الذي حدّده لمعركته ضد “داعش”، بعدما كان قد حقّق الهدف الاول بتحرير الجرود وطرد الارهابيين.
فالجيش الذي دخل المعركة بمفرده على الارض اللبنانية استطاع سريعاً تحقيق انجاز كبير، فوصل الى الحدود مع سوريا بعدما كبّد الارهابيين خسائر كبيرة وأوقع في صفوفهم، خصوصاً في اليومين الاخيرين، نحو 50 قتيلاً.
وبذلك، جعل الارهابيين، بعدما شَلّ قدراتهم تحت ضرباته ونيرانه، يرضخون لشروطه ويطلبون التفاوض لكشف مصير العسكريين. وفي انتظار تبلور نتائج التفاوض، توقفت المعركة، في ظل تصميم الجيش على مواصلة عمليته العسكرية ضدهم في حال لمس أيّ مراوغة لديهم.
وبذلك، يكون الجيش قد حقق أهدافه وتمكّن من تسجيل إنجاز كبير عبر تنظيف هذه البؤرة الارهابية التي كانت تهدّد لبنان، وأقفلَ ملف العسكريين.
يوم النصر والحداد
وعلمت “الجمهورية” انّ الإتجاه الرسمي هو الى الإعلان عن يوم حداد فور صدور نتائج فحوص الـDNA. وقد يتزامن هذا اليوم مع إعلان قيادة الجيش النصر النهائي على الإرهاب، ليأتي يوم الحداد تتويجاً له.