شؤون دولية

جدل بواشنطن عن حرب وقائية ضد كوريا الشمالية

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن جدلا تتصاعد نبرته في أروقة البيت الأبيض حول شن “حرب وقائية” ضد كوريا الشمالية لإرغامها على التخلي عن برنامجها النووي وصواريخها الباليستية العابرة للقارات .

وقالت في تحليل إخباري إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحاول -مثلما فعلت سابقاتها- ممارسة الضغط على كوريا الشمالية عبر حزمة من العقوبات من أجل دفعها نحو تفكيك برنامجها النووي.

ورغم ذلك، ظل مستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ماكماستر يتحدث علنا عن خوض “حرب وقائية” كملاذ أخير إذا فشلت الدبلوماسية في تحقيق أي تقدم وتصاعد تلويح بيونغ يانغ باستخدام السلاح النووي.

ويبدو البيت الأبيض مصمما على ترك انطباع يوحي بأن العمل العسكري هو خيار حقيقي من واقع إصراره على المضي قدما في إجراء جولة جديدة من مناورات عسكرية مخطط لها منذ وقت طويل ويشارك فيها عشرات الألوف من الجنود الأميركيين والكوريين الجنوبيين ويُستخدم خلالها برامج كمبيوتر تحاكي نشوب صراع مسلح وربما طائرات ذات قدرات نووية.

وكان ماكماستر قد تساءل في مقابلة أُجريت معه مؤخرا قائلا “هل نحن بصدد التخطيط لحرب استباقية؟”. الحرب الاستباقية مصطلح عرّفه الجنرال بأنها “حرب تمنع كوريا الشمالية من تهديد الولايات المتحدة بسلاح نووي.

ولم ينتظر ردا من أحد على تساؤله، فقد تكفل هو نفسه بذلك عندما أجاب أن “الرئيس ظل واضحا تماما بشأن ذلك حين قال إنه لن يطيق أن يرى كوريا الشمالية قادرة على تهديد الولايات المتحدة“.

غير أن نيويورك تايمز ترى أن مثل هذه المواقف القصد منها إقناع “طاغية” كوريا الشمالية “المتقلب المزاج” كيم جونغ أون والقادة الصينيين الحريصين على إبقاء الوضع على ما هو عليه، بأنهم يتعاملون مع رئيس أميركي مختلف عازم على حل المشكلة بدلا من انتظار العقوبات كي تفعل فعلها.

ويصر الجنرال ماكماستر -وهو مؤرخ عسكري- على أن الولايات المتحدة لن تستطيع التعويل على احتواء أو ردع كوريا الشمالية على النحو الذي ردعت به الاتحاد السوفياتي والصين إبان حقبة الحرب الباردة.

ولطالما تحدث خبراء الاستراتيجيات في البيت الأبيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) داخل أروقتهم عن سيناريو آخر يتمثل في حدوث انتفاضة شعبية في كوريا الشمالية تجعل القوات الأميركية والكورية الجنوبية والصينية تتدافع للعثور على الأسلحة، أو تغري ضابطا “مارقا” في جيش كوريا الشمالية “ليطلق قنبلة نووية من عقالها فتُجهِز على الأميركيين أو حلفائهم بضربة عقابية واحدة“.

ويتوقع المسؤولون الأميركيون أن تبوء محاولات الحل الدبلوماسي بالفشل، نظرا لما يساورهم من شكوك بأن يتخلى الزعيم كيم جونغ أون عن قدرته على الردع النووي لما تمثله له من “ضمانة” على البقاء.

وخلصت الصحيفة إلى القول إن كل تلك الحيثيات من شأنها أن تجعل ترمب يواجه مغبة ما تنطوي عليها تهديداته التي درج على إطلاقها هو نفسه.

فإذا ترك الرئيس وزير خارجيته ريكس تيلرسون يحاول التفاوض لحمل كوريا الشمالية على تجميد تجاربها النووية والصاروخية فإن ذلك سيرجئ الأزمة، ولكنه لن يحلها.

وإذا أمر بمزيد من الهجمات الإلكترونية فإنه قد يعيق محاولات بيونغ يانغ لتطوير أسلحتها ليس إلا. أما تلويحه باللجوء للخيارات العسكرية فربما لا تعدو أن تكون تهديدات “جوفاء”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى