إقالة بانون: المؤسسة تحكم أميركا: حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ غالبية أعضاء فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما عدا أفراد عائلته، قد فقدوا مناصبهم بسرعة .
واضح أنّ ترامب الذي انتخب رغماً عن النخبة التقليدية الجمهورية، سعت الأخيرة إلى احتوائه بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
عملية الاحتواء لا تتمثل فقط في منعه من وضع أيّ من الشعارات التي رفعها أثناء حملته انتخابية موضع التطبيق، حيث لم يتمكّن من إقامة الجدار الفاصل مع المكسيك، ولم ينجح في إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ولم يقم بمراجعة العلاقات التجارية مع الصين، كما لم ينجح في إقامة علاقات طيبة مع روسيا، كلّ هذه القضايا شكلت محور حملته الانتخابية، بل إنه أيضاً فشل في الاحتفاظ بالمرشحين إلى إدارته الذين تتطابق رؤيتهم مع رؤيته، فكان مستشاره للأمن القومي أول من فقد منصبه بعد أيام من تعيينه في هذا المنصب، وانقلب عليه وزير العدل وتمّت أخيراً إقالة أبرز مستشاريه ستيف بانون. وينظر إلى هذه الاستقالة، أو بالأحرى الإقالة، على أنها «تحوّل» في رئاسة دونالد ترامب، فقد علّق بانون على هذه الإقالة قائلاً: «رئاسة ترامب التي حاربنا لأجلها وربحناها انتهت». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» وضعت مستوى نفوذ بانون داخل البيت الأبيض إلى درجة أطلقت عليه لقب «الرئيس بانون» أيّ أنه هو الرئيس وليس دونالد ترامب.
واضح أنّ المؤسسة التقليدية في الحزب الجمهوري عادت وأمسكت بمقاليد الحكم، معتمدةً على عدد من مراكز النفوذ التقليدية التي لا يمكن لأيّ رئيس أميركي مهما بلغت شعبيته تجاهلها. المؤسّسات التي ساهمت في احتواء ترامب، هي أولاً الكتلة الجمهورية في الكونغرس بمجلسيه، إذ أنّ غالبية النواب الجمهوريين ينتمون إلى النخبة التقليدية التي توالت على حكم الولايات المتحدة منذ أكثر من مئتي عام. يستطيع الناخب الأميركي إيصال من يريد إلى البيت الأبيض، لكنه لا يستطيع تمكينه من ممارسة الحكم، إذا كان نهج الرئيس لا يتطابق مع مصالح النخبة التقليدية، كما أنّ المؤسسات الأمنية وكالات الاستخبارات ووزارة الدفاع لعبت دوراً لا يقلّ عن الدور الذي لعبه الكونغرس في التخلص من الفريق الخاص بالرئيس ترامب.
اليوم الرئيس الأميركي لا يمتلك خياراً: فإما الرضوخ لإرادة المؤسسة التقليدية، أو الاستقالة.
(البناء)