هل يتراجع البارزاني عن الاستفتاء؟: حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ نتائج زيارة وفد كردي إلى بغداد كانت زيارة ناجحة. بمعنى آخر شكلت الزيارة فرصة لمنح الحوار حول قضايا الخلاف بين بغداد وسلطات إقليم كردستان فرصة جديدة، وهذا يعني لا بدّ من تأجيل إجراء الاستفتاء الذي كان مقرّراً الشهر المقبل .
احتمال تراجع رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني عن إجراء الاستفتاء في الموعد الذي حدّده بات احتمالاً مرجّحاً وذلك بفعل تضافر مجموعة من العوامل أبرزها الآتي:
أولاً، وجود معارضة من داخل الإقليم قادتها حركة التغيير الكردية، هذا إضافةً إلى معارضة حزب الطالباني لفكرة إجراء الاستفتاء.
وبديهي لا يمكن للبارزاني تجاهل كلّ هذه المعارضة، لأنّ من شأن ذلك أن يؤدي إلى نشوب توترات بين الأحزاب الرئيسية قد تتحوّل هذه التوترات إلى صراع مسلح ربما يقود إلى تقسيم الإقليم ذاته، لأنّ مثل هذه الصراعات المسلحة كانت قائمة في فترات سابقة، ولا سيما بين حزبي البارزاني والطالباني، وقد يتكرّر سيناريو جنوب السودان في شمال العراق، حيث يدور صراع مسلح عنيف في جنوب السودان بين الجماعات المسلحة التي عملت لصالح انفصال الجنوب عن الشمال.
ثانياً، قد لا تكون المعارضة الداخلية، على أهميتها وما تمثله من مخاطر على استقرار الإقليم، هي التي لعبت وستلعب الدور الحاسم في إقناع البارزاني بالتراجع عن الاستفتاء، ومن ثم الانفصال، لكن معارضة حلفاء البارزاني الدوليين، ولا سيما الولايات المتحدة، رجحت إمكانية رضوخ البارزاني لإرادة الأحزاب الكردية المعارضة لإجراء الاستفتاء.
الولايات المتحدة لديها تقدير أنّ انفصال الأكراد في هذا التوقيت بالذات يضعف النفوذ الأميركي في عموم العراق. فالحكومة العراقية الحالية تضمّ أحزاب وكتل في غالبتيها تعارض الوجود الأميركي، وفي المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش فإنّ الغالبية تعارض الوجود الأميركي، وبالتالي ليس لدى الولايات المتحدة حلفاء قادرون على حماية النفوذ الأميركي في العراق، وتحديداً في مرحلة ما بعد طرد داعش واستعادة المناطق التي لا تزال تسيطر عليها، سوى أكراد العراق، وإذا ما انفصل أكراد العراق فإنّ الولايات المتحدة لا تستطيع توظيف هذه الورقة لدعم نفوذها والحفاظ عليه في العراق.
لكل ما تقدّم فإنّ احتمال تراجع البارزاني عن إجراء استفتاء بات احتملاً مرجحاً.
(البناء)