تحوّل في مقاربة الغرب نحو سورية: حميدي العبدالله
واضح أنّ ثمة استدارة في مواقف الحكومات الغربية، ولا سيما في مواقف الإدارة الأميركية من الأوضاع القائمة في سورية
.
المؤشرات على هذه الاستدارة كثيرة، ليس أبرزها تراجع التصريحات العدائية على لسان المسؤولين الغربيين ضدّ سورية وضدّ القيادة السورية، بل إنّ ثمة مؤشرات إضافية أخرى تشير إلى الاستدارة. من بين هذه المؤشرات وليس أهمّها تراجع اهتمام الصحف الغربية الأميركية والبريطانية والفرنسية بما يجري في سورية، وإعادة النظر في بعض المصطلحات، حيث باتت على سبيل المثال صحيفة «نيويورك تايمز» تستخدم تعبير الجيش السوري، وتطلق على الإرهابيين والجماعات المسلحة لفظ «المتمرّدين»، بل إنّ مواقف الحكومة السورية باتت تجد طريقها إلى التقارير التي تنشرها الصحافة الغربية، في حين كانت هذه الصحف تنشر فقط مواقف المعارضة.
لكن الاستدارة الأهمّ هي في موقف «معهد واشنطن» ذراع الكيان الصهيوني الفكري في الولايات المتحدة، والأكثر انتقاداً للإدارات الأميركية لأنها لم تقم بتدخل عسكري واسع ضدّ الجيش السوري.
«معهد واشنطن» نشر بتاريخ 12/8/2017 دراسة أعدّها جيمس جيفري وهو «باحث متميّز» كما يقول المعهد عنه، وسفير سابق للولايات المتحدة لدى تركيا والعراق، بالاشتراك مع وائل الزيات الذي شغل في وقت سابق منصب مستشار أقدم للشؤون السياسية للمندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة سامنثا باور ومنسق الاتصال في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون سورية، أوصيا في هذا البحث إدارة ترامب بالآتي:
أولاً، يجب أن يكون للولايات المتحدة هدف «محدود في سورية والعراق ما بعد داعش» على أن يتمثل هذا الهدف «في التضييق على التوسع الإيراني واحتوائه مع حماية المعتدلين وجماعتهم، بدلاً من تدمير إيران أو الإطاحة بالأسد».
ثانياً، «لا بدّ من أن يكون الهدف وراء أيّ عمل عسكري أميركي» رداً على أيّ هجوم على المناطق التي تتواجد فيها القوات الأميركية «حماية المناطق المحرّرة حديثاً وأفراد المجتمع الدولي الذين يقدّمون المساعدة فيها، وليس إطلاقاً أيّ عمليات هجومية مستقبلية ضدّ النظام أو المصالح الروسية في سورية».
ثالثاً، يوصي الباحثان بأن يتمّ توظيف حماية مناطق سيطرة الجيش الأميركي «بالاستقادة منها لحضّ أطراف معنية رئيسية، الأسد والمعارضة العربية وأكراد سورية والإيرانيين والروس، على قبول الحدّ من التصعيد المستمر إلى حين التوصل إلى ترتيب سياسي أكثر استدامة».
لا شكّ عندما يقرّر «معهد واشنطن» على لسان باحثين بارزين فيه مثل هذه المقاربة، فهذا يعني أنّ هناك استدارة دائمة هذه المرة وليست آنية.
(البناء)