لبنان وسورية والحقائق القاهرة
غالب قنديل
يصمم فريق سياسي في لبنان على التنكر لبديهيات المصالح الحيوية والوجودية اللبنانية المشتركة مع الشقيقة السورية ويحجب هذا الفريق عن أنظار مناصريه التغييرات الكبرى التي حصلت وتحصل في العالم والمنطقة وتجعل من العلاقة والشراكة مع سورية ممرا اجباريا لبنانيا لاستثمار التحوﻻت الهادرة وملاقاتها ولضمان الحصانة والمناعة الضروريتين في وجه الأخطار والتهديدات
.
اولا يعترف أركان هذا الفريق اللبناني بأن سورية مقبلة على أضخم عملية اعمار بعد الحرب تعرفها المنطقة وهم يحاولون بألف حيلة وحيلة توسل دور أو حصة من الصفقات المقبلة رغم معرفتهم ان عداءهم للدولة السورية وما يبثونه من كراهية سيكون عائقا كبيرا أمام تقبل الشعب السوري والدولة السورية لأي علاقة أو دور لهم مع استمرارهم في بث الكراهية والعداء وخصوصا مع القاعدة السورية الحاسمة باعتبار شركاء الصمود شركاء النهوض ومن يتابع اقتصاديا يعرف الكثير عن مشاريع عملاقة روسية وصينية وايرانية في سورية ستكون هي المحور الحاسم في اعادة البناء بعد الحرب.
ثانيا يتغافل الرأسمال اللبناني التابع عامدا عن حقائق انتقال مركز الثروة العالمية من الغرب الى الشرق وما يعنيه صعود روسيا والصين وايران وما يمثله صمود سورية ومستقبل الشراكة القارية معها لهذه الكتلة الشرقية العظمى وهي قوة اقتصادية صاعدة وليست مجرد قوة عسكرية سياسية مناهضة للولايات المتحدة ولهيمنتها على العالم.
الحقائق الجديدة تستدعي ثورة لبنانية على التفكير النمطي الذي ربط اي رؤية لمستقبل البنى الاقتصادية اللبنانية بارتهان كامل للغرب والخليج وهما القوة الاقتصادية المتراجعة التي لم تعد بما كانت عليه من قدرة ودور وثروة وعلى الأقل يجمع الخبراء في العالم على كون التحولات الحاصلة تفسح في المجال لتوسيع مروحة الخيارات الاقتصادية امام دولة كلبنان وحيث تمثل العلاقة اللبنانية السورية جسرا جغرافيا واقتصاديا مهما مع المحور الشرقي الذي تشكل من سورية.
ثالثا ان الاصرار التبعي الأعمى على الخيارات السابقة التي تراجعت جدواها يعتبر خيارا ضد التاريخ وعكس السير مقارنة بالفرص الجديدة الواعدة التي يمكن لبلد كلبنان ان يجني منها عائدا وفيرا وهذا ما يفوت فرصا اقتصادية هائلة للنمو والتطور ولتعظيم قدرات الاقتصاد اللبناني في جميع المجالات وأي رؤية مواكبة لما يجري من حولنا تفترض المبادرة الى تطوير العلاقة اللبنانية السورية وتعزيزها بالاضافة لكل ما تمثله تلك العملية من ضرورة لحماية البلد من خطر التهديد اﻻرهابي وللتنسيق في مجابهة التحدي الصهيوني المستمر.
مبادرة الوزراء الذين لبوا دعوة المشاركة في معرض دمشق الدولي تعبر عن خيار مستقبلي لبناني حضاري وأما المعترضون فيمثلون عقلية ماضوية عقيمة وفاشلة تحركها ارتباطات معروفة وهم يرهنون مواقفهم لتلقي الموافقة من جهات خارجية ينتظرون اشارتها لمغادرة رصيف العرقلة والتنكر للتغييرات المتسارعة تحت وطأة انتصار الدولة الوطنية السورية وحيث تساقطت جميع الرهانات باعتراف أصحابها.
رابعا لا مصلحة للبنان بأن يدير الظهر لفرص العمل الهائلة التي يحتاجها اللبنانيون شركات وخبراء في سورية خلال السنوات المقبلة ولا مصلحة للبنان في القطيعة مع سورية وادارة الظهر للشراكات المتاحة عبرها ومعها سواء مع العراق او الاردن ولا مصلحة للبنان بأن يبقى خارج منظومة الشراكة السورية الروسية الايرانية والصينية في الطاقة والتجارة والصناعة ومحورها ومركزها الاقليمي سيكون في سورية.
لا مصلحة للبنان في ادارة الظهر لوحدة النطاق الأمني والدفاعي بحكم الجغرافية والجوار مع سورية التي أكدتها الاحداث كضرورة ملحة في السنوات الأخيرة وبالتالي ان المطلوب يتعدى اليوم مجرد احياء وتنفيذ الاتفاقات اللبنانية السورية بل يستدعي سعيا حثيثا لتطويرها وتوسيع نطاقها وحيث لا عائد للأحقاد والنكايات سوى التخريب والضرر واضاعة الفرص نتيجة مواقف عبثية وغير مسؤولة.