كابنت الحرب قرارات كبيرة.. محفل صغير: غيورا آيلند
نشر هذا الاسبوع بان رئيس الوزراء معني بتغيير القانون الاساس للحكومة، بحيث ان الكابنت، وليس الحكومة كلها، يخول باتخاذ القرار الذي من شأنه ان يؤدي الى الحرب. كان هناك من سارع الى مهاجمة رئيس الوزراء. بعضهم يدعون بان هذه المبادرة يفترض ان تصرف النقاش عن قضايا الفساد بل وادعى آخرون بان نتنياهو يحاول بهذه الفعلة ان يجمع المزيد فالمزيد من الصلاحيات في يديه .
رأيي مختلف. رؤساء الوزراء والوزراء معنيون بمزيد من الصلاحيات عند الحديث عن التحكم بالميزانيات او بالانظمة الادارية او بالقوة لتعيين الاشخاص ولكن الوضع في المجال الامني معاكس. فقبل نحو 20 سنة، عندما كنت رئيس شعبة العمليات، بعث بي وزير الدفاع في حينه اسحق مردخاي لان اقترح حملة معينة على رئيس الوزراء، الذي كان في حينه ايضا بنيامين نتنياهو. صحيح ان هذه كانت حملة من صلاحيات وزير الدفاع، الا انه في اعقاب بعض الحساسية اراد لان يكون رئيس الوزراء شريكا فيها ايضا. وعندما وصلت الى مكتبه اوقفني سكرتيره العسكري وقال لي ما يلي: اذا كان الوزير يشعر بانه يريد أن يتقاسم المسؤولية، فليطلب نقاشا رسميا في الكابنت؛ فليس لرئيس الوزراء بشكل شخص اي اهتمام بان يكون شريكا في القرار. بتعبير آخر، رؤساء الوزراء لا يطلبون حقا ان تكون لديهم صلاحيات زائدة في المجال الامني.
دون صلة بالتوقيت المحدد، فان المبادرة بنقل الصلاحيات من الحكومة الى الكابنت صحيحة. سبب واحد ينبع من التغيير في طبيعة الحروب. في الماضي شهدنا حروبا شاملة وقعت بالمتوسط كل عقد من الزمان. كان صحيحا أن يكون القرار في الخروج الى حرب مثل “الايام الستة” يتخذ فقط من الحكومة كلها. اما الواقع اليوم فمختلف. فنحن نجد انفسنا في “حروب صغيرة” مرة كل بضع سنوات، مع احتمال للانجرار الى مواجهات كهذه، كل بضعة اشهر. كل هجوم في سوريا على قوافل تحمل السلام الى حزب الله من شأنه ان يؤدي الى رد عسكري من الطرف الاخر. مطلوبة بالتالي قرارات في احيان قريبة وتحت ضغط زمني اكبر. وليس ممكنا دوما ان ينعقد في الزمن الحقيقي محفل معقد كالحكومة وابقاء ذلك قيد السر.
سبب آخر هو حجم المحفل. في الحكومة يوجد نحو 20 وزيرا. اذا اضفنا الى ذلك نحو 10 اشخاص من رجال الجيش والامن آخرين، فاننا نصل الى محفل لا يسمح بنقاش ناجع. وحتى المحفل الذي يتشكل منه الكابنت كبير بعض الشيء، ولكن لا يزال ممكنا اجراء نقاش فيه. يجب أن نتذكر بان النقاشات في الحرب او في حملة عسكرية كبيرة تستدعي احيانا ان تكون ناجعة وتنتهي في زمن معين الامر الذي لا يمكن ان يضمن اذا كان عدد المشاركين كبيرا جدا.
سبب ثالث هو التمثيل: يضم الكابنت في عضويته كل رؤساء الكتل التي يتشكل منها الائتلاف وكذا الوزراء الهامين. هذا محفل هو بالتعريف لباب الحكومة.
سبب رابع هو الحاجة الى الاختصاص. فأحد مظاهر ضعف حكومات اسرائيل على مدى السنين كان عدم المعرفة الكافية من الوزراء بالمجال العسكري. من الافضل لوزراء مثل وزيري الرفاه او الصحة ان يكرسوا وقتهم لشؤون وزاراتهم بدلا من الزامهم في تخصيص مزيد من الوقت والاهتمام بمجال تكون فيه مساهمتهم في النقاش صغيرة للغاية.
بدلا من نثر المواضيع الامنية الحساسة على مزيد من الوزراء من الافضل تركيزها. من الافضل للكابنت ان يكون ضيقا قدر الامكان، ولكنه معمقا قدر الامكان. معظم النقاشات الهامة لا يجب أن تتم في اثناء الحرب بل بالذات في الايام الهادئة. لنأخذ مثلا لبنان وغزة. بالنسبة للبنان يوجد جدال فيما اذا كانت الاستراتيجية صحيحة هي القتال ضد حزب الله ام ربما في “حرب لبنان الثالثة” ينبغي تعريف دولة لبنان كعدو. هذا النقاش صحيح اجراءه بارتياح الان وليس عندما تكون الصواريخ تسقط. وكما أسلفنا ايضا بالنسبة لغزة: هل السياسة الصحيحة هي المتبعة الان ام ربما صحيح الاعتراف بحكم الامر الواقع بان حماس هي الحكم الشرعي في غزة وبالتالي العمل بالتنسيق معها لاعمار القطاع ومنع المواجهة التالية.
وخلاصة الامر: من الافضل اجراء مناقشات معمقة في محفل صغير من مناقشات سطحية في محفل كبير.
يديعوت