أتلانتك: هل تفلح الاتصالات السرية بين واشنطن وبيونغ يانغ؟
انتقدت مجلة أتلانتك الأميركية سياسة إدارة الرئيس دونالد ترمب بشأن كوريا الشمالية بأنها غير محددة المعالم وأنها سيئة في معظمها، ومع ذلك رأت أن البعض في واشنطن يحاولون الإبقاء على جذوة الأمل مضيئة رغم تصاعد التوترات التي يبدو أنها تقترب من نقطة انهيار عنيفة. وأضافت أنه ربما يكون هناك طريقة سلمية للخروج مما يطلق عليه البعض الخبراء “أزمة الصواريخ الكوبية بالحركة البطيئة “.
وأشارت المجلة إلى تقارير برزت الأسبوع الماضي بأن دبلوماسيين أميركيين وكوريين شماليين يعقدون اجتماعات سرية بمدينة نيويورك، وأنها كانت قناة موجودة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية منذ أوائل التسعينيات رغم ما كان يعتريها من مد وجزر.
وأشار كاتب المقال جويل أس ويت، الخبير بمعهد بالمعهد الأميركي الكوري، إلى أنه بعد انتخاب ترمب مباشرة عبر مسؤولون بحكومة كوريا الشمالية، أثناء اجتماع مع مسؤولين أميركيين في جنيف، عن رغبتهم بفتح صفحة جديدة وإحياء “قناة نيويورك” بعد رحيل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، كما أعربوا أيضا عن اهتمامهم ببدء حوار أمني مع الإدارة الجديدة.
واعتبر الكاتب ذلك بمثابة حجر الأساس لاستئناف المفاوضات الرسمية للمرة الأولى منذ “محادثات الاطراف الستة” التي انتهت في عام 2008. وقال إن هذا الأمر لم يكن أخبارا جديدة، لأن مفهوم “المحادثات حول المحادثات” قد نوقش في اجتماعات بين مسؤولين من كوريا الشمالية ومسؤولين أميركيين سابقين في جنيف وبرلين ولندن وأولان باتور في خريف 2013، وأكد أهمية أن المسؤولين كانوا لا يزالون منفتحين للفكرة مع وجود إدارة جديدة.
وألمح ويت إلى أنه رغم استئناف هذه الاتصالات فإن إجراء حوار أمني جاد على أرض الواقع سيكون أكثر تحديا، لأن رأي كوريا الشمالية كان يتمثل في وجوب إجراء مناقشات أولية دون شروط مسبقة كما كان في عهد إدارة أوباما طوال سنواتها.
والتحدي الثاني لإجراء محادثات من خلال قناة اتصال خلفية هو الموافقة على تدابير للحد من التوتر تهدف إلى خلق المناخ السياسي الصحيح الذي من شأنه أن يعطي المفاوضات الرسمية مجالا لالتقاط الأنفاس للمضي قدما.
فقد أشارت كوريا الشمالية إلى أنها يمكن أن توافق على إنهاء مؤقت لتجارب الصواريخ والتجارب النووية المهددة، وهو المطلب الذي أشار إليه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون مرارا لاستئناف المفاوضات.
ويرى الكاتب أن هناك أسبابا تدعو الطرفين إلى إيجاد سبيل للخروج من هذه المواجهة، منها أن كوريا الشمالية تواجه خطرا مباشرا من صدام مسلح مع الولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى تدميرها، وتخفيف حدة التوتر يمكن أن تساعد أيضا في تقليل اعتماد الشمالية على الصين، البلد الذي لا تثق فيه تقريبا بقدر عدم ثقة الولايات المتحدة فيها، من خلال فتح إمكانية إقامة علاقات أفضل مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وعلى المدى الطويل هذا الأمر قد يساعد كوريا الشمالية على تحديث اقتصادها.
وختم الكاتب مقاله بأن معظم الأميركيين قد نسوا أو لم يعرفوا أبدا أن أزمة الصواريخ الكوبية التي جعلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على وشك حرب نووية لم تحل بالتهديدات العلنية أو بلعب لعبة ناجحة من الصقور والحمائم، بل حُلت من خلال دبلوماسية قناة اتصال خلفية هادئة بين روبرت كينيدي شقيق الرئيس والمدعي العام، وبين السفير السوفياتي في واشنطن الذي ابتكر حلا لحفظ ماء الوجه للبلدين. ودعونا نأمل نفس النتيجة السليمة اليوم.