إسرائيل تتمسك باستخدام القنابل العنقودية: جدعون ليفي
دولة إسرائيل تريد قتل أكبر عدد من الأبرياء. وهي لا تريد الانتماء بأي شكل من الأشكال إلى الدول المتحضرة. لا توجد طريقة أخرى لفهم النبأ الذي تحدث عنه غيلي كوهين في هآرتس بأن الأجهزة الأمنية والعسكرية قررت تفضيل راجمة إسرائيلية لم يستكمل تطويرها على الراجمة الألمانية، فقط لتجاوز القيود الدولية على القنابل العنقودية. أكثر من مئة دولة وقعت على ميثاق منع استخدام القنابل العنقودية، وإسرائيل كالعادة ليست واحدة منها. فما شأنها بالمواثيق الدولية والقانون الدولي والمؤسسات الدولية ـ كل ذلك شيء مزعج لا لزوم له. وتشاركها في الرفض كالعادة روسيا والباكستان والهند والصين والولايات المتحدة، التي هي الدولة الأكثر سفكا للدماء في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. هذا هو المجتمع الذي تريد إسرائيل أن تكون فيه، هذا هو النادي الذي تنتمي إليه .
القنابل العنقودية هي سلاح فظيع بشكل خاص، قنبلة واحدة تتحول إلى عدد كبير من القنابل، تنتشر على مسافة كبيرة، تقتل وتصيب بلا تمييز، وقد تنفجر بعد إطلاقها بسنوات. وليس مصادفة أن العالم يتحفظ من هذا السلاح التدميري. العالم وليس إسرائيل. نحن، كما هو معروف، حالة خاصة مسموح لنا كل شيء. لماذا؟ لأننا نستطيع. والبرهان على ذلك أننا استخدمنا القنابل العنقودية في حرب لبنان الثانية، والعالم صمت. وفي عام 2002 شاهدت ملعب لكرة القدم في غزة أطلق الجيش الإسرائيلي عليه قنبلة ألحقت الضرر بجميع الأطفال الذين لعبوا فيه. وفي مرة أخرى رأيت آلاف المسامير التي اخترقت جدران المنازل في غزة. لا يصعب تخيل ما الذي يمكن أن تفعله هذه المسامير في جسم الإنسان.
نحن داود مقابل جوليات، أقلية مقابل أغلبية، ضعفاء وعلى حق مقابل أقوياء سيئين، نحارب من أجل وجودنا. لهذا مسموح لنا استخدام القنابل العنقودية وغيرها. نحن نحارب على وجودنا أمام الجيش المتقدم في جمهورية غزة وجيوش الضفة الغربية وسلاح الجو في بلاطة والأسطول في الدهيشة، وبشكل خاص نحن نحارب «الفظاعة» الفلسطينية. لذلك، نحن نحتاج كل سلاح وبأكبر كمية ممكنة من دون أي قيود.
القنبلة العنقودية زرعت الدمار في كوسوفو ولاوس وأفغانستان والعراق. وإسرائيل تريد ذلك أيضا. حقول القتل في الحرب المقبلة ضد الاحتلال، التي ستندلع بالتأكيد، ستشبه الحقول التي كانت في لاوس، وإلا فما حاجتنا للقنابل العنقودية؟ أليس هناك ما يكفي من السلاح المسموح؟ القنابل العنقودية توجه في العادة إلى المناطق المأهولة المكتظة. فهناك يمكنها القتل بشكل ناجع، لهذا يريدها الجيش الإسرائيلي.
في المرة المقبلة عندما تجربون الادعاء بأن العالم كله ضدنا، وأن انتقاد إسرائيل لا ينبع من أفعالها، تذكروا القنابل العنقودية. إسرائيل تقوم بإبعاد نفسها بنفسها عن أسرة الشعوب. وتلتقي مع الدول السيئة، وتدير ظهرها للقرارات الدولية. وبعد ذلك تشتكي من كره العالم لها بدون سبب. في المرة المقبلة التي ستقولون فيها إن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، فكروا بالقنابل العنقودية.
إن فضيحة القنابل العنقودية لا تقل خطورة عن فضيحة الغواصات، لكنها لا تثير أي اهتمام في إسرائيل. الغواصات تعني المال والمشبوهين والشهود الملكيين والاهتمام بها هو أمر مغر. أما القنابل العنقودية فهي تتعلق بحياة الأبرياء وصورة الدولة الأخلاقية، ولا أحد يهتم بذلك. الغواصات تفسد والشعب ضدها، والقنابل العنقودية لا تهم أحدا في إسرائيل. ومن يقف وراء الصفقتين هي المؤسسة الأمنية والعسكرية المتعفنة ـ فساد معين في الغواصات، وفساد من نوع آخر في القنابل العنقودية. ولكن الجهاز العسكري والأمني يمكنه الهدوء: لن تتم محاكمة أحد بسبب استخدام القنابل العنقودية.
هآرتس