من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
الاخبار: الحكومة تدفن رأسها في الرمال الوزراء إلى سوريا بصفتهم الشخصية
كتبت “الاخبار”: كما في كل الملفات السياسية والحياتية والاقتصادية، قررت الحكومة دفن رأسها في الرمال، والاستمرار في قطع العلاقات مع سوريا. قطع للعلاقات يتضمّن تنسيقاً أمنياً وشراءَ للكهرباء ورغبة في المساهمة بإعادة إعمار سوريا… لكن بلا زيارات رسمية للوزراء!
تعيش الحكومة انفصالاً عن الواقع، وعن العوامل التاريخية والجغرافيّة، والمصالح الاقتصادية. الحديث تحديداً عن فريق 14 آذار داخل مجلس الوزراء، المُمثل بتيار المستقبل والقوات اللبنانية، اللذين يُصرّان على التصرف كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال. “ثوار الأرز” يتذرّعون بأكذوبة “النأي بالنفس”، التي لم يلتزموها يوماً، لا حين تدخّلوا بالحرب السورية قبل أي فريق لبناني آخر، دعماً للمقاتلين المعارضين للنظام السوري، ولا حين ساهموا في تشجيع السوريين على النزوح.
لا يُبالون بمئات الكيلومترات المشتركة، وبأنّ سوريا هي المُتنفس الوحيد للبنان، ولا بآلاف العائلات التي تعتاش من جرّاء التبادلات التجارية، ولا بالإرهاب الذي يستبيح أراضي لبنانية وسورية، ومحاربته تتطلّب تعاوناً بين البلدين.
منذ أن تحدّث الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله عن حتمية التنسيق بين الجهات التي تُقارع “داعش” و”النصرة”، وبعد أن كرّر رئيس مجلس النواب نبيه برّي أكثر من مرّة ضرورة ترميم العلاقة مع سوريا، استشعرت قوى 14 آذار وجود نيّة حقيقية لإعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، فاستنفرت لمحاولة التصدّي لذلك.
الحكومة برئاسة سعد الحريري، عيّنت قبل أسبوعين السفير سعد زخيا على رأس بعثتها الدبلوماسية في دمشق. وسيقدّم زخيا، بصفته سفير الجمهورية اللبنانية، أوراق اعتماده إلى الرئيس السوري بشار الأسد. وزير المال علي حسن خليل وقّع، قبل أيام، على قرار صرف اعتمادات ثمناً للكهرباء التي يشتريها لبنان من سوريا. ولكن، حين يُصبح الأمر تلبية دعوات وزراء لنظراء لهم، بغية المشاركة في مؤتمرات مُختصة، وهو أمرٌ روتيني حدث في السنوات القليلة السابقة، تعلو صرخات “الآذاريين” المستنكرة.
تتعامل السلطة اللبنانية مع الحكومة السورية، من منطلق أنّ من “واجبات” الأخيرة أن تُساعدنا اقتصادياً وأمنياً، شرط ألا يعاملها لبنان بالمثل. هكذا، “يجب” أن تكون الأراضي السورية معبراً لبضاعة المزارعين والتجار اللبنانيين، من دون تواصل بين الطرفين، حتى ولو كان عبر زيارة وزير الزراعة أو الصناعة لدمشق. ويُخطط السياسيون والصناعيون لمرحلة إعمار سوريا، التي من المفترض أن يلعب لبنان دوراً أساسياً فيها، مع رفض أن يُشارك وزير الاقتصاد في مؤتمر اقتصادي يُنظم فيها.
لا شيء يُبرّر قطع العلاقات مع سوريا، التي ما زال كُرسيها محفوظاً في الأمم المتحدة، والتي تتقاطر إليها، عبر لبنان تحديداً، وفود عربية وأوروبية… وأميركية أيضاً. ما يجمع لبنان وسوريا، ويُحتّم تواصلاً بين الحكومتين، أكبر بكثير ممّا يجمع لبنان والعراق مثلاً حتى توافق الحكومة على زيارة وزير الدفاع يعقوب الصراف لبغداد ليبحث “التعاون المشترك بين البلدين وسبل تعزيزه وتطويره، ولا سيّما في المجال العسكري”. وإذا كان السبب أنّ الموقف من سوريا “موضوع خلافي”، فالأمر نفسه ينطبق على السعودية، والولايات المتحدة، و…
في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت أمس في السرايا الحكومية، عاد الوزراء لينقسموا بين 8 و14 آذار. دار جدلٌ طويل حول زيارة عددٍ من الوزراء لسوريا، فدافع عنها وزراء حركة أمل، والتيار الوطني الحر، وحزب الله، والحزب السوري القومي الاجتماعي، فيما عارضها تيار المستقبل والقوات اللبنانية. بدأ النقاش بعد سؤال الوزير بيار بو عاصي عن دقة ما يُنشر في وسائل الإعلام حول هذا الموضوع، “ليصمت بعدها من دون أن يُعطي رأيه”. بعد أن أتى الجواب إيجابياً، تحدّث الوزير ملحم رياشي عن ضرورة التزام النأي بالنفس “لأنّ الوضع في سوريا غير واضح، وعلاقتها بالجامعة العربية ما زالت مُلتبسة، والوضع داخل الحكومة ليس أفضل حالاً”. طلب وزير الإعلام عدم إدراج الزيارات في جدول الأعمال، بحجة أنّ القوات لن تقبل تمويل زيارات لسوريا من خزينة الدولة، “وإذا أردتم فلنلجأ إلى التصويت”. أيّد الوزير نهاد المشنوق كلام رياشي، فعلّق الوزير جبران باسيل بأنّه “قدمنا كتاباً إلى مجلس الوزراء حتى يُشارك الوزير رائد خوري في مؤتمر اقتصادي”. ردّ رياشي مصراً على الرفض، “لأنّ هذا الملفّ يُفجر مجلس الوزراء”، عارضاً أن “تتولّى البعثة الدبلوماسية حلّ هذه الأمور بانتظار زمن أفضل، لكون الصراع لا يزال في بداياته”. الختام كان مع كلام الحريري بتذكيره أنّ “هذه الحكومة قرّرت تحييد الملفات الخلافية، والملف السوري يُعتبر أحدها. لذلك أطلب شطب كلّ النقاش من المحضر والتزام سياسة النأي بالنفس”. وبذلك، يكون مجلس الوزراء قد حجب عن الوزراء الذين سيزورون سوريا أي تكليف رسمي، فتصبح زياراتهم لدمشق “زيارات بصفتهم الشخصية… والوزارية، لكن من دون مفاعيل رسمية لها”، بحسب مصادر وزارية.
على صعيد آخر، لم تخل جلسة مجلس الوزراء أمس من “مناوشات” خفيفة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، حول ملفّين. الأول، طلب باسيل من الوزير غسان حاصباني أن يقرن مشروع المُخصصات المالية للمستشفيات بآلية واضحة لتوزيع السقوف المالية. حاول وزير الصحة “زكزكة” باسيل بالقول إنّ السقوف المالية لمستشفى البترون وُزّعت من دون وجود آلية. فردّ باسيل بأنّ “قبل أن تكون موجوداً، في الحكومة السابقة، صدر قرار من مجلس الوزراء يتعلق بمستشفى البترون”. تدخّل الحريري على اعتبار “مش وقتها”. أما الملفّ الثاني، فكان طلب صرف مليونين و700 ألف دولار لدعم الاتحاد اللبناني لكرة السلة الذي يستضيف بطولة كأس آسيا 2017، فأتى الرفض من باسيل، بحجة أنّ “البطولة غير رسمية، وعندئذٍ نكون مضطرين إلى صرف الاعتمادات لاتحادات أخرى”. حمل رياشي راية الموافقة على صرف الأموال. أيدّه الوزيران علي حسن خليل ومحمد فنيش، والرئيس الحريري. النتيجة كانت الموافقة على صرف مليون دولار لاتحاد كرة السلة، وليس لبطولة كأس آسيا، مع اعتراض باسيل وخوري، وتحفظ الوزير محمد كبارة لأسباب تتعلق بالتقشف المالي.
لم تكد تبدأ جلسة الحكومة أمس، حتى غادرها غاضباً الوزير مروان حمادة، “احتجاجاً على تجاوز صلاحيات المجلس والوزراء جماعياً وإفرادياً، وامتناع الرئاستين الأولى والثالثة عن توقيع مرسوم كان أقره مجلس الوزراء، ووقعت بموجبه اتفاقية الهبة المقدمة من البنك الدولي لمختلف قطاعات وزارة التربية، من مناهج عبر المركز التربوي ودعم هيكلية الوزارة البنيوية والبشرية ومساندة مشروع تعليم الأولاد غير اللبنانيين”، كما قال لـ”الأنباء” الإلكترونية. وقد اتهم “إصرار البعض من وزراء ظل وغرف مغلقة على وضع تنفيذ الهبة خارج التراتبية الملحوظة في القوانين”. المعني بكلام حمادة هي الموظفة صونيا خوري، التي كان قد عينها الوزير السابق الياس بو صعب. وعلى الرغم من أنّ الحريري وعد حمادة بالاجتماع لحلّ الموضوع، إلا أنّ وزير التربية أصرّ على الاعتكاف.
البناء: مشاورات عسكرية روسية أميركية حول سورية… والجيش السوري يحسم
موسكو وواشنطن تشكلان وفد المعارضة الجديد… والرياض تحجب رياض البادية
بري: وزراء أمل سيزورون سورية… التنسيق ضرورة… وحرب الناظور سهلة حجاب
كتبت “البناء”: سورية تحثّ الخطى نحو التعافي واستعادة المكانة والدور، وفي المقدّمة استعادة الجغرافيا، حيث الجيش السوري يتقدّم كلّ يوم على جبهات متعدّدة بات صعباً إحصاء الإنجازات فيها، لكن يبقى تسجيل اقتراب حسم البادية تحت سيطرته علامة فارقة لاستعادته ربع المساحة السورية وضمّها إلى الثلثين اللذين يخضعان لسيطرة الدولة، ويكون الباقي جزراً قال الأتراك إنّ ما يسيطرون عليها من جغرافيا سورية تعادل 1 من مساحتها ومثلهم يفعل الأميركيون وضعفهم أو أكثر بقليل يفعل داعش ومثل داعش تفعل النصرة، ويكاد لا يكون الباقي كله الذي لا تسيطر عليه الدولة معادلاً لـ10 من إجمالي مساحتها.
مساعي توسيع مناطق التهدئة وتثبيتها متواصلة بقنوات التواصل الأميركية الروسية التي شهدت مشاورات على مستوى رئيسَي أركان الجيشين الروسي والأميركي، بينما وزيرا الخارجية ريكس تيلرسون وسيرغي لافروف العائدان من مانيلا منصرفان إلى تنفيذ التفاهمات الخاصة بإعادة تركيب وفد معارض موحّد، كمدخل لإنعاش مسار جنيف نحو الحلّ السياسي بعدما رسمت سقوفه بحكومة وحدة وطنية في ظلّ الدستور والرئيس السوريين تمهيداً لدستور جديد توافقي تليه انتخابات رئاسية وبرلمانية، لا ينسجم السير فيها مع الدور المتورّم لجماعة الرياض التفاوضية، فكانت الخطوة الأولى تولي واشنطن الطلب إلى الرياض إبعاد رئيس هيئة التفاوض رياض حجاب عن المشهد السياسي. وهذا ما تبلّغه حجاب في لقائه مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، فكان التمارض والسفر بداعي العلاج وسط كلام عن استقالته واعتزاله العمل السياسي، كما سيكون حال كثيرين من زملائه مع تشكيل الوفد المعارض بصيغته الجديدة، التي قالت مصادر مطلعة على المباحثات الخاصة بين الأطراف المعنية إنها صيغة ستكون بلا رئاسة، وتعتمد المداورة بين أعضائها في تنسيق أعمال الوفد الذي حُسِم من أعضائه، قدري جميل وهيثم المناع وأحمد الجربا وأحمد معاذ الخطيب وخالد المحاميد، ويجري تعاون روسي أميركي لضمّ صالح مسلّم كممثل للجماعات الكردية، وإبقاء مقعد أو مقعدين لجماعة الرياض، ومقعد أو مقعدين للجماعات المسلحة المشاركة في أستانة ومسارات التهدئة.
في لبنان، مع افتعال سجال سياسي حول مشاركة وزراء في الحكومة في معرض دمشق الدولي، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري الحاجة الى التنسيق بين لبنان وسورية، سائلاً أمام زواره عن أسباب عدم التنسيق، “طالما انّ هناك تمثيلاً دبلوماسياً متبادلاً بين الدولتين؟”.
وجزم بأهمية التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في معركة الحدود الشرقية لأسباب عدة، “أساسها انّ المناطق التي ستحصل فيها المعارك هي سورية بنسبة 60 في المئة، كما انّ انسحاب مقاتلي “داعش” من هذه المناطق اللبنانية الى الداخل السوري يتطلّب التنسيق مع السلطات السورية”.
واستحضر بري ما حصل إبّان معركة جرود عرسال، عندما نسّق المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع الدولة السورية لإخراج مسلحي “جبهة النصرة” وعائلاتهم الى إدلب، وسأل: “لماذا لا يتمّ التنسيق مع السلطة السورية في معركة الحدود الشرقية؟”. ورأى بري أنّ “المعترضين على التنسيق بين الجيشين ينطبق عليهم القول الحرب بالناظور سهلة”.
كما استند رئيس المجلس النيابي إلى حاجة لبنان لتصدير منتجاته الزراعية الى سورية وعبر أراضيها، قائلاً انّ “المزارعين اللبنانيين يضغطون الآن لمعالجة تصريف المنتجات الزراعية، فكيف لا يكون هناك تواصل مع الدولة السورية؟”. وعندما سُئل بري عن زيارات ممكنة لوزراء حركة أمل الى سورية، قال: “بالطبع إذا أتت دعوات رسمية سورية سيلبّون، كما أيضاً دعوة نظرائهم السوريين، مركزاً دائماً على مصلحة لبنان في ذلك، في وقت تحضّر فيه أيضاً دول غربية لإقامة علاقات وتنسيق مع دمشق”.
الوفد الوزاري إلى سورية بـ “فتوى” حكومية
بعد أن حاز الجيش اللبناني الغطاء الكامل من السلطة السياسية لعمليته العسكرية لتطهير الجرود اللبنانية من الإرهاب، تسود المشهد الداخلي حالة من الترقب قبيل انطلاق الهجوم البري الواسع النطاق الذي يُعِدّ له الجيش على مواقع ومراكز عناصر تنظيم “داعش”.
وجدّد الجيش مساء أمس، القصف الجوي لمواقع “داعش” في جرود رأس بعلبك والقاع بالتزامن مع القصف المدفعي المركز، بعد هدنة دامت 24 ساعة، إفساحاً بالمجال أمام التفاوض الذي يقوده المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مع “التنظيم”، ما يشير الى أن المفاوضات وصلت الى طريق مسدود حتى الآن، وبالتالي المعركة باتت قريبة جداً.
وبانتظار ساعة الصفر لبدء الهجوم البري، لا يزال الخلاف السياسي حول عدد من الملفات المرتبطة بالعلاقة مع سورية على أشدّه، لا سيما لجهة التنسيق مع الجيش السوري وحزب الله في المعركة المتوقعة في الجرود أو في مسألة زيارة الوفد الوزاري المرتقبة الى سورية.
وقد حضرت هذه الملفات من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الذي انعقد أمس في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري، ولم يخرج المجلس بموقفٍ موحد وحاسم بشأنها، واستهلّ رئيس الحكومة الجلسة بالتأكيد “على أهمية النأي بالنفس كسياسة عامة لحكومة استعادة الثقة وعدم توريط لبنان في صراع المحاور”، كما شدّد على “قرار مجلس الوزراء إعطاء الأمر للجيش لاتخاذ ما يلزم، وفي الوقت الذي يراه مناسباً لحسم معركة جرود القاع ضد الإرهاب”.
ونقلت مصادر وزارية عن الرئيس الحريري قوله في الجلسة إن “ذهاب بعض الوزراء الى سورية موضع خلاف بين مكونات الحكومة، لكن يعود لكل وزير المشاركة بقرار شخصي، وليس بتكليف رسمي من مجلس الوزراء”، الأمر الذي فسّرته مصادر أخرى بأنه فتوى حكومية للوزراء بالذهاب الى سورية”، وسجلت مشادة كلامية في هذا السياق بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الإعلام ملحم رياشي، حيث رفض وزراء “القوات” وتيار “المستقبل” صدور قرار وزاري يسمح لأي من الوزراء بالذهاب الى سورية، حيث رد باسيل بأن هناك علاقات بين البلدين ولدينا سفير في سورية وسفير سوري في لبنان وبالتالي الزيارات طبيعية بينهما”.
وقالت مصادر “البناء” إن “الوفد الوزاري الذي سيزور سورية يتألف من وزراء المال علي حسن خليل والاقتصاد رائد خوري والصناعة حسين الحاج حسن والزراعة غازي زعيتر، بناءً على دعوة رسمية تلقوها من نظرائهم السوريين للمشاركة في معرض دمشق الدولي”. وأشارت المصادر الى أن “قرار المشاركة كان قد تمّ التوافق عليه بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري في جلسة بعبدا الأسبوع الماضي وإن إعلان الوزير الحاج حسن مشاركته لم يكن تجاوزاً أو خرقاً لقرار الحكومة بل لوجود تنسيق مسبق بين الرئيسين حول الأمر”.
الديار: عندما قال الحريري انا محكوم بالإعدام
كتبت “الديار”: بالتزامن مع تحضيرات الجيش اللبناني لشن هجوم حاسم على مواقع “داعش” في جرود القاع وراس بعلبك، بدت الحكومة خلال جلستها أمس مبعثرة الصفوف ومتعثرة الخطوات، بدل ان تواكب مهمة الجيش وهي متماسكة ومتجانسة.
وفيما المستجدات الميدانية في الداخل السوري تدفع أكثر فأكثر نحو تثبيت جذور النظام برئاسة بشار الاسد على وقع الانتصارات المتنقلة، وفيما العديد من العواصم الغربية والاقليمية المعروفة بعدائها للرئيس السوري توقفت عن المطالبة المتكررة بتنحيه وراحت تتعامل ببراغماتية مع الوقائع المستجدة… في هذا الوقت بالذات يبدو البعض في الداخل ملكيا أكثر من الملك، متجاهلا التحولات ورافضا التكيف معها، اقله بالحد الادنى الذي يخدم مصالح لبنان المباشرة.
ويعكس التجاذب الحاصل حول الزيارة المرتقبة لعدد من الوزراء الى دمشق قريبا حجم “الخواء السياسي” والمراهقة في بعض المواقف، وكأن مصير النظام وشرعيته يتوقفان على تفاصيل لبنانية من هذا النوع. والمفارقة ان رافضي منح تلك الزيارة اي صفة رسمية ينطلقون في موقفهم من ضرورة عدم مساهمة الحكومة في اعطاء شرعية للنظام السوري، في حين ان هناك سفيرا معتمدا لسوريا في بيروت وسفيرا للبنان في دمشق عيّنه مجلس الوزراء ذاته قبل فترة وجيزة، فهل يمكن للنظام ان يكتسب شرعية أوضح واكبر من هذه؟
اكثر من ذلك، ليس مفهوما كيف “يغص” البعض بزيارة وزارية تقنية الى دمشق، متجاهلا في الوقت ذاته ان لبنان يستجر الكهرباء من سوريا، وان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم يتواصل باسم الدولة اللبنانية مع القيادة السورية للتنسيق في ملفات امنية، وآخرها ملف ترحيل ارهابيي النصرة وعائلاتهم في مقابل الافراج عن أسرى المقاومة، علما ان هذه المهمة تحديدا حظيت الى جانب دعم رئيس الجمهورية بغطاء رئيس الحكومة سعد الحريري.
وإذا كانت دول بعيدة قد أعادت مد الخطوط مع دمشق، سواء من فوق الطاولة او تحتها، فكيف يمكن للبنان المتاخم لسوريا ان يقفز فوق حقائق التاريخ والجغرافيا، وقبلها ان يقفز فوق مصلحته المباشرة التي لا تحتمل ترف المكابرة السياسية، لا سيما في مثل هذه المرحلة الحساسة.
ولعل أخطر انواع المكابرة هي تلك التي تتعلق بعمل الجيش اللبناني الذي يستعد لتحرير جرود القاع وراس بعلبك من “داعش”، وهذه عملية تتطلب وفق كبار الضباط في المؤسسة العسكرية تنسيقا معينا مع الجيش السوري على الجبهة الاخرى، فهل يجوز امام مثل هذا الاستحقاق الوطني ان ترتفع أصوات بعض المنظرين السياسيين لتعترض على تنسيق حيوي يحتاج اليه الجيش لينتصر على “داعش” بأقل كلفة وأقصر وقت.
وليس معروفا أيضا اين تكمن الحكمة في رفض التواصل مع دمشق، بينما يوجد على ارض لبنان أكثر من مليون ونصف مليون نازح، تتطلب عودتهم الكلية او الجزئية، تنسيقا مع الحكومة السورية التي يفترض ان تكون معنية بالمشاركة في تحمل مسؤولية معالجة هذه القضية.
والى جانب ما سبق، تبرز تفاصيل أخرى تتصل بحاجات حيوية للناس، إذ ان السوق السورية تشكل ملاذا للعديد من المنتوجات الزراعية اللبنانية، وقد بادرت سوريا قبل مدة الى شراء كميات كبيرة من محصول الموز اللبناني بعدما ضاقت امامه الاسواق العربية، الامر الذي يؤشر الى اهمية بقاء العلاقة والحدود بين الدولتين منتظمة.
ثم ان الاتفاقيات التي تنظم العلاقة اللبنانية – السورية بموجب معاهدة التعاون الموقعة بينهما لا تزال في الخدمة بمعزل عن تفاوت المواقف من مضامينها، والحرص على دولة القانون والمؤسسات يُحتم احترام هذه الحقيقة والعمل بمقتضاها ما دامت سارية المفعول، اما من يعارض استمرار تلك الاتفاقيات فما عليه سوى السعي الى اسقاطها دستوريا، وعندئذ فقط تصبح غير ملزمة.
النهار: حلفاء النظام يلعبون بنار التطبيع القسري
كتبت “النهار”: قد تكون مجريات جلسة مجلس الوزراء امس شكلت الاختبار الاكثر حساسية لمصير الحكومة منذ تأليفها اذا قيست بمستوى التوتر الذي حصل على خلفية المحاولة الاكثر تقدما لاحياء علاقات “التطبيع” قسراً مع النظام السوري. واذا كانت مسألة احياء العلاقات بين لبنان الرسمي والحكومي والنظام السوري شكلت الوجه الاكثر خطورة لجهة اندفاع حلفاء النظام في لبنان الى فرض توظيف سياسي من شأنه ان يهز ركائز الحكومة بل التسوية السياسية كلا التي جاءت بالشركة الحكومية القائمة عقب انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، فان الوجه الآخر للالتباسات الحكومية الذي فجره الانسحاب الغاضب لوزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة من الجلسة كشف كذلك الامعان في تجاوز الاعراف والاصول والصلاحيات الوزارية نفسها الامر الذي يثير أكثر من الريبة حيال مجريات تزامن هذين التطورين السلبيين. كان مفترضا عقب انعقاد اجتماع المجلس الاعلى للدفاع أول من أمس ومنحه الجيش السلطة الكاملة لاستنساب التوقيت والخطط للشروع في معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع ان تستكمل الحكومة مناخ التحصين السياسي بمزيد من التهدئة السياسية وبمنح الجيش ما يحتاج اليه من غطاءات وقدرات مختلفة. لكن ما جرى رسم شكوكاً واسعة لجهة افتعال لغم كاد يطيح الاستقرار الحكومي لترتسم عبر الجلسة تساؤلات عما يراد لازمة احياء العلاقات مع النظام السوري ان تحدثه في لبنان وأي مصلحة لحلفاء النظام في تبديد ما يتوقع من مكاسب أمنية وعسكرية وسياسية ومعنوية خالصة للبنان متى نجح جيشه في تحرير الجرود؟
المستقبل: جعجع يرفض إغراق لبنان لتعويم النظام لا حكومة ولا اقتصاد في سوريا
كتبت “المستقبل”: من ملف النازحين مروراً بمعركة الجرود وصولاً إلى الزيارات الوزارية.. تعددت المحاولات وهدفها واحد: فك عزلة نظام بشار الأسد والسعي إلى تسخير “الرئة اللبنانية” لإعادة إنعاش نظامه المخنوق عربياً وإقليمياً ودولياً. فبعد استخدام “حزب الله” معاناة النازحين في بازار التسويق لفكرة التنسيق مع النظام الذين هربوا من بطشه لإعادتهم إلى حضنه، وما تلا ذلك من استخدام معركة الجرود كمطيّة للنفاذ تحت غبارها نحو جادة التنسيق العسكري اللبناني مع جيش النظام السوري، ها هي محاولة يائسة جديدة يقودها الحزب لتطويع لبنان الرسمي وزجّه في عملية تطبيع مفتعلة مع الأسد تحت لواء “الزيارات الوزارية” إلى دمشق، لكن وكما سابقاتها من المحاولات التي اصطدمت من جهة بتمسك الحكومة الصلب بالقنوات الأممية والقوانين الدولية في عودة النازحين، ومن جهة أخرى برفض الجيش اللبناني أي تنسيق مع الجيش السوري و”حزب الله” في عملية تحرير الجرود اللبنانية وسط تأكيد المجلس الأعلى للدفاع التزام لبنان الرسمي “التحالف الدولي ضد الإرهاب”، سرعان ما لاقت المحاولة الجديدة موقفاً حازماً من الحكومة اللبنانية أجهضها ووضعها في مهب الحراك الوزاري الشخصي بلا أي غطاء أو تكليف حكومي.
اللواء: بوادر مواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية … وهبة التربية تفجّر أزمة
مجلس الوزراء تجاوز قطوع زيارات دمشق.. ومنع صادر من الكلام
كتبت “اللواء”: ليست بريئة على الإطلاق محاولات إثارة المسائل الخلافية داخل اجتماعات مجلس الوزراء، والتي من شأنها توسيع الشرخ الحكومي وتعميق الانقسام بين مكوناتها، رغم ان الجميع يسلم بوجود التناقضات داخلها منذ لحظة تشكيلها، حتى بات يُطلق عليها “حكومة الزواج بالاكراه”.
وإذا كان من حق كل مكون حكومي ان يطرح ما يريد من ملفات ورؤى سياسية، إلا ان اللافت مؤخراً كان في توقيت طرح هذه المسائل قبل وأثناء انطلاق معارك تحرير الجرود في السلسلة الشرقية، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقة مع النظام السوري، تارة عبر وجوب قيام تنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية لإعادة النازحين السوريين، وتارة بضرورة التنسيق بين الجيشين لخوض معركة تحرير جرود القاع ورأس بعلبك، وصولاً إلى مسألة زيارات الوزراء للعاصمة السورية، رغم ان الجميع يعرف ان هذه الزيارات قائمة وتتم بدواع شخصية، وسبق للوزير السابق سجعان قزي أن كشف بأن أكثر من 7 وزراء في حكومة “استعادة الثقة” يزورون دمشق اسبوعياً.
الجمهورية: توجُّه رئاسي لحوار حول السلسلة والإنقسام الداخلي يتجدَّد حول سوريا
كتبت “الجمهورية”: يبدو انّ الوضع الحكومي مقبل على مزيد من الهشاشة في ظل الجو السياسي الذي انقلب على نفسه في مقاربة العلاقة بين لبنان وسوريا، وتلك نتيجة طبيعية للمناخ الداخلي العام الذي ظهّر على سطح المشهد السياسي اصطفافين متباينين بشكل حاد، يذهب أحدهما في اتجاه تطبيع العلاقة مع سوريا، ويتصدره فريق الثامن من آذار، فيما يذهب الثاني في الاتجاه المعاكس. وتبدو جلية هنا الاصوات الاعتراضية التي ارتفعت من قبل فريق 14 آذار رفضاً لهذا التطبيع، وذهبت الى حد وضع مصير الحكومة على المحك فيما لو سلك هذا التطبيع المسار الذي يُرسم له من قبل الفريق الآخر. يأتي ذلك، في وقت تبقى جرود رأس بعلبك والقاع محط الانظار الداخلية، في ظل الاستعدادات التي يقوم بها الجيش لخوض معركة الفصل ضد المجموعات الارهابية المتمركزة في تلك الجرود، والتي اتبعها أمس، بقصف مدفعي عنيف على فترات متقطعة، لمواقع تنظيم “داعش”، تواكبت في فترة بعد الظهر بغارات جوية شنّها الطيران المروحي التابع للجيش على مواقع الارهابيين، محققة إصابات مباشرة. فيما برز في أجواء معركة الجرود المرتقبة، دعم اميركي متجدد للجيش حيث علمت “الجمهورية” انّ الولايات المتحدة أرسلت الى الجيش خمسين مدرعة عسكرية من نوع “برادلي”، ستتسلّمها المؤسسة العسكرية اليوم.
الواضح انّ الزيارة المرتقبة لوزير حركة “أمل” غازي زعيتر ووزير “حزب الله” حسين الحاج حسن الى دمشق، فرزت الحكومة بين جبهتين متواجهتين، تصرّ الاولى على الزيارة مهما كلف الامر، فيما اعتبرتها الثانية خطوة استفزازية تنطوي على تعمّد خلق ارباك سياسي في الداخل عبر تعمّد رمي ملف خلافي شديد الحساسية في وجه شريحة واسعة من اللبنانيين.
واذا كان المتحمسون لإعادة تطبيع العلاقة مع سوريا يقولون انّ ثمة اسباباً توجب ذلك، وخصوصاً على الصعيد الامني والحرب على المجموعات الارهابية في الجرود، وكذلك على الصعيد الاقتصادي لِما تشكّله سوريا من باب لتبادل المنتجات، او لعبور المنتجات اللبنانية في اتجاه الخارج، بالاضافة الى الجغرافيا والتاريخ المشترك، فإنّ صفّاً كبيراً جداً من المعترضين، مُرتاب من هذه الخطوة، ويطرح تساؤلات سرّ استحضار او بالاحرى افتعال هذه الزيارة في هذا التوقيت بالذات؟ وما هو مغزاها؟ وماذا يراد منها؟ وإلامَ تؤسس؟ واي فائدة تُرجى منها؟
ويبدو انّ هذه المسألة قد دخلت في دائرة التفاعل، بدليل انّ الاصطفافين مصرّان كلّ على موقفه، ويتبدّى ذلك في تأكيد حلفاء سوريا بأنهم مصممون على الذهاب الى تطبيع العلاقة مع سوريا، وعلى ما يقول مرجع سياسي لـ”الجمهورية”: سوريا ليست دولة عدوة، كل الدول عم تحكي مع بعضها، وهذا لمصلحة لبنان”.