الحرب والربح: صعود الصين خراب السعودية سيف دعنا
والربح: مشتق من الحرب التي لا تنتهي
منذ ارتدت أجسادنا المحراث
منذ الرحلة الأولى إلى صيد الظباء
حتى بزوغ الاشتراكيين في آسيا وإفريقيا
والربح: يحكمنا
يشردنا عن الأدوات والكلمات
يسرق لحمنا ويبيعه .
محمود درويش «بيروت»
«حين تهدد قوة صاعدة باستبدال القوّة المهيمنة فإن الحرب (بينهما) هي النتيجة الأكثر احتمالاً. في ١٢من أصل ١٦حالة تواجهت فيها قوة صاعدة مع القوة المهيمنة (خلال الخمسمئة عام الماضية) كانت النتيجة سفك للدماء».
هذه باختصار فرضية «فخ ثوسيديديس»، التي صاغها غراهام اليسون، مدير مركز بلفر للعلوم والعلاقات الدولية في جامعة هارفارد في سلسلة مقالات (في الـ«فايننشال تايمز» والـ«نيويورك تايمز»، والـ«أتلانتيك» والـ«بوستون غلوب») وتوّجها مؤخراً بكتابه «مقدرين للحرب: هل تستطيع أميركا والصين الإفلات من فخ ثوسيديدس؟»i. الفرضية تستند أساساً إلى رؤية المؤرخ الإغريقي ثوسيديديس وتأريخه للحرب البلوبونيزية بين أثينا واسبرطة: «كان صعود أثينا والرعب الذي أنتجه (هذا الصعود) عند إسبارطة هو ما جعل الحرب بينهما حتمية».
تبدو فرضية «فخ ثوسيديدس» هذه مبهرة حقاً كرؤية جيوسياسية، ولها، في الحقيقة، تأثير كبير لدى أقطاب أساسيين في المؤسسة الحاكمة الأميركية لدرجة أنها اقتبست مراراً مؤخراً في جلسات «لجنة العلاقات الخارجية» في مجلس الشيوخ الأميركي، وردّدها بقناعة مطلقة أعضاء اللجنة أحياناً والعديد من الخبراء (وبعضهم وزراء أو أعضاء سابقون في الحكومة الأميركية) الذين قدموا شهاداتهم أمام اللجنة أحياناً أخرى ـ هذا عدا عن اعتبار البعض لصاحبها، أليسون غراهام، بأنه أحد ألمع الخبراء الاستراتيجيين والمحللين السياسيين الأميركيين. لكن قبول هذه الرؤية في حلقات صنع القرار الأميركي، في الحقيقة، ليس أكثر من تعبير عن الأيديولوجيا التي تحكم رؤيتهم للعالم وجزء من الدعاية التقليدية لإثارة الرعب من خصم جديد في سياق شيطنته أكثر منها تعبير عن جوهر الصراع القائم.
قصة صعود الصين الأخيرة والصراع (وحتى المواجهة المحتملة) مع أميركا هي في الحقيقة أعقد بكثير مما تفترض رواية ورؤية أليسون الأميركية، والأهم، لنا كعرب، أنها ذات علاقة وثيقة بما يحصل (وسيحصل) في المنطقة العربية منذ عام ٢٠١١ على الأقل مع تبني استراتيجية التوجه نحو آسيا – لا يمكن لعاقل الآن إنكار حقيقة الصراعات الدولية الجارية في بلادنا، وهي في الحقيقة أكثر من مجرد صدى للصراع الدولي الأكبر، بل ربما تكون أهم معاركه على الإطلاق طالما أن المواجهة المباشرة لا تزال حتى الآن مؤجلة ويعمل البعض على تفاديها. ما تتجاهله أو تنقصه رواية أليسون السطحية لصعود الصين وأسباب المواجهة الأميركية (المحتملة) هو قراءة اقتصادية ـ سياسية تضع الصراع في سياق تاريخ الرأسمالية وتحديداً دور الحرب والصراع والعنف وعدم الاستقرار في تراكم رأس المال وإعادة إنتاج النظام لنفسه، كون هذه القراءة هي الوحيدة القادرة على تفسير نزعة قوى رأس المال التاريخية لتدمير الإنسان وخلق مناطق وأحزمة موت، مثل ذلك الذي نراه في المنطقة الممتدة من شواطئ لبنان وفلسطين وسوريا حتى أفغانستان، وما قد نراه في شرق آسيا إن تصاعد التوجه للعسكرة (اليابان مثلاً) وهو ما قد يهدّد نموذجها التنموي بمصير عربي (التنمية المعكوسة)، كما يشير علي القادري في كتاب صدر حديثاً. (لهذا، ربما يكون الكتاب الأهم على الإطلاق لفهم الواقع الدولي الراهن وطبيعة الصراع الأميركي الصيني وتحديداً علاقته بما يجري في بلادنا وما يجري في شرق آسيا هو كتاب لينين عن الإمبريالية وليس تأريخ ثوسيديدس للحرب البلوبونيزية (التي يبدو أن أليسون لم يقرأها جيداً ليعرف أن رؤيته للصراع حكمته العواطف كعوامل الخوف والغطرسة والمزايدة وخطاب الشرف).
صعود الصين
«الجميع يعرف»، يقول أليسون، «عن صعود الصين، لكن قلة قليلة أدركت (وتدرك) حجم هذا الصعود وتبعاته». ومن قرأ مقالات وكتاب أليسون من الأميركيين الذين لا يزالون تحت سطوة دعاية «أميركا رقم ١» ربما سيصاب بالصدمة أو حتى الذعر للمعطيات التي تتناقض كلياً مع هذه القناعة الساذجة. في آخر هذه المقالات، «أميركا رقم ٢؟ نعم، وتقدم الصين ينمو أكثر»، المنشور في الـ«بوستن غلوب» في ٢٢ أيار الماضي، مثلاً، يذكر أليسون أن من بين «أفضل عشر كليات هندسة (في العالم) يوجد أربعة في الصين وأربعة في الولايات المتحدة. وفي حقول العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، والرياضيات، التي تعتبر مجالات الكفاءة الأساسية التي تشكل قوة الدفع للتقدم في القطاعات الأسرع نمواً في الاقتصادات الحديثة، يتخرج سنوياً من الجامعات الصينية أكثر من أربعة أضعاف عدد الخريجين في الولايات المتحدة (١.٣ مليون مقابل ٣٠٠ ألف). وفي كل عام من فترة إدارة الرئيس أوباما (منذ ٢٠٠٨)، منحت الجامعات الصينية شهادات دكتوراه في تلك المجالات (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، والرياضيات) أكثر مما منحت الجامعات الأميركية مجتمعة».
ما قد يثير الدهشة في صعود الصين (والرعب لدى الأميركيين وأظنه مقصوداً لذاته) هو سرعة صعود الصين اقتصادياً (معدل النمو في الصين اليوم هو ثلاثة أضعاف نظيره في أميركا) وكذلك تجاوُزْ حجم الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي. «فحين أصبح ريغان رئيساً في عام ١٩٨١، كان حجم الاقتصاد الصيني يعادل ١٠٪ فقط من حجم الاقتصاد الأميركي. لكن في عام ٢٠١٤ أكد البنك الدولي احتلال الصين للموقع الأول اقتصادياً على المستوى الكوني. ومع نهاية عام ٢٠١٦ كان الناتج المحلي الإجمالي الصيني (GDP) قد وصل إلى ٢١ تريليون دولار سنوياً بقياس «تعادل القوة الشرائية» (Purchasing Power Parity)، الأكثر اعتماداً لدى الأكاديميين، فيما كان الناتج المحلي الأميركي لذات العام هو ١٨.٥ تريليون دولار. كل ذلك تحقق في فترة قياسية وغير مسبوقة في التاريخ، كما أشار أليسون، وكما أشار من قبله تقرير الاستخبارات الأميركية «ميول عالمية ٢٠٣٠: عوالم بديلة» الصادر في نهاية عام ٢٠١٢. فلقد احتاجت «بريطانيا إلى ١٥٥ عاماً لمضاعفة ناتجها المحلي الفردي حين كان عدد سكانها ٩ ملايين نسمة فقط. واحتاجت أميركا وألمانيا ما بين ٣٠-٦٠ عاماً مع عدة ملايين من السكان. أما الهند والصين فهما تقومان بذلك على نطاق ووتيرة غير مسبوقة: يقومان بذلك بمئة ضعف سكان بريطانيا في عُشْرِ (١٠٪) المدة الزمنية». طبعاً، وعلى ذكر الهند التي يخطأ برأيي من يضعها في ذات الفئة مع الصين لعوامل تاريخية وثقافية مرتبطة بتجربة كل منهما، يجدر القول هنا، كما تشير البيانات التي يستند إليها أليسون في كتابه، إن ما يضيفه معدل النمو للاقتصاد الصيني كل عامين فقط منذ عام ٢٠٠٨ يعادل حجم الاقتصاد الهندي بكامله (وتضيف أيضاً ما يعادل حجم الاقتصاد اليوناني في ١٦ أسبوع و«إسرائيل» في ٢٥ أسبوع فقط) (ص: ٦-٧). =مقارنة أليسون في فصل «صعود الصين» في كتابه «مقدرين للحرب»، بين الولايات المتحدة والصين بين عامي ١٩٨٠ و٢٠١٥ تبدو مذهلة فعلاً. ليس فقط أن الصين تحتل الآن المرتبة الأولى في كل العشرين مؤشر اقتصادي المعتمد للمقارنة بلا استثناء، بل أن سرعة حدوث ذلك أيضاً مذهلة: في ١٩٨٠، مثلاً، كان حجم الصادرات الصينية يساوي ٨٪ فقط من حجم الصادرات الأميركية، لكنها في عام ٢٠١٥ أصبحت ١٥١٪ ، وفي العام نفسه (١٩٨٠) كان حجم الاحتياطي الصيني يساوي ١٦٪ فقط من حجم الاحتياطي الأميركي، أما في عام ٢٠١٥ فلقد أصبح ٣١٤٠٪ (ص:٦). هذا مختصر قصة الصعود الصيني الأميركية والتي كانت في خلفية استراتيجية التوجه نحو آسيا (Asia Pivot) منذ عام ٢٠١١ في عهد أوباما لمواجهة التحدي الصيني (وما سمي بالـ «Asia Pivot» هو موضوع كُتب وقيل عنه الكثير ولا حاجة لاستعادته بالتفصيل هنا).
ملاحظة عن النموذج الصيني
لكن قصة صعود الصين ومعناها وتبعاتها وتبعات الصراع مع أميركا (على المنطقة العربية والجنوب والعالم عموماً)، كما يرويها أليسون تبدو ناقصة وحتى مختلة، ولا يمكن، في الحقيقة، فهمها بعمق إلا بوضعها في سياق التطوّر الرأسمالي منذ القرن التاسع عشر ورؤيتها من خلال آليات استبدال القوة المهيمنة في النظام الرأسمالي العالمي (التي كانت دوماً وأبداً عنيفة ودموية مباشرة أو بالوكالة، وليس في الغالب كما يرى أليسون وليس بدافع العواطف والفخر القومي أو المزايدة السياسية). السردية الأميركية (كما هي عند أليسون) عموماً تأخذ طابعاً لا تاريخياً، وأليسون يعتمد في كتابه على ما يسميه «ميول تاريخية» يستنبطها من مقارنة حالات هي في الحقيقة مختلفة جوهرياً وغير قابلة للمقارنة، فأميركا ليست إسبارطة والصين ليست أثينا، وطبعاً السياق التاريخي الرأسمالي الحالي له ميزاته التي تطبع الصراع القائم بطريقة مختلفة جداً – ويمكن القول كذلك، إن الاتحاد السوفياتي لم يهدّد الهيمنة الأميركية على العالم، اقتصادياً على الأقل، كما تفعل الصين الآن، وبالتالي فإن اعتبارها أحد نماذج المقارنة أيضاً غير دقيق حقاً. لكن سردية أليسون (نعم، حتى في هارفارد يوجد أغبياء أحياناً، كما علق الصديق علي القادري ونحن نتناقش في الكتاب) لصعود الصين سطحية، مسيسة، ويغلب عليها الطابع الدعائي.
مشكلة السعودية هي غياب كيان اقتصادي ذي دافع وزخم ذاتي للنمو والتطور
ربما يكون النمو الاقتصادي الصيني الراهن مثيراً للإعجاب والدهشة حقاً من الناحية الكمية (٨- ١٠٪ سنوياً منذ عام ١٩٨٠)، لكنه، في الحقيقة، لا يمكن أن يقارن بشموليته وطبيعته نوعياً مع المرحلة الاشتراكية السابقة. فمعدل نمو الإنتاج المحلي الحقيقي في الفترة الاشتراكية (١٩٥٢-١٩٧٧) كان مرتفعاً جداً بشكل لافت أيضاً (تقريباً ٦٪)، لكن الفارق أن النمو الاشتراكي ترافق مع أضخم عملية انتشال لعشرات الملايين من البشر من مستنقع الفقر (والفقر المدقع) غير مسبوقة في التاريخ قبلها أو بعدها – ليس المهم النمو فقط، بل التوزيع كذلك. الأهم، أن عملية النمو في الفترة الاشتراكية نوعياً تتجاوز كثيراً النمو الرأسمالي ما بعد ١٩٨٠ إذا أخذنا بعين الاعتبار الأثمان البيئية والاجتماعية الهائلة المرافقة للنمو الرأسمالي الراهن، كما يشير علي القادري في كتابه الأخير «الطوق الوقائي:
قانون واحد يحكم التنمية في شرق آسيا والوطن العربي» الذي يتضمن فصلاً خاصاً فيه نقاش عميق عن صعود الصين (وهذه أيضاً أحد الاستنتاجات القليلة الصحيحة التي ذكرها جورج فريدمان في كتابه «المئة عام القادمة»- فريدمان يتخيل ثورة مليار فلاح صيني فقير، لا يستطيع النموذج الصيني انتشالهم من الفقر، تطيح بالتجربة. لكن عبقري التحليل الجيوسياسي الذي يبهر المحللين السياسيين العرب لا يستطيع لسبب ما أن يستنتج علاقة الفقر والتوزيع اللامتكافئ بالرأسمالية. عدا ذلك، تبدو باقي التوقعات بخصوص الصين بعد تسع سنوات من نشر الكتاب أشبه بنبوءات العرافين منه إلى التقدير الجيوسياسي)ii. لذلك، فإذا كانت هناك قصة تستحق الرواية (ويتم تجاهلها) وتشكل أحد أهم الأحداث في التاريخ الإنساني المعاصر، فهي قصة الاشتراكية الصينية (لكن شيطنة ماو تسي تونغ وتجربته التي أثبتت فاعليتها في الغرب تستخدم بطريقة مشابهة اليوم لشيطنة الرئيس الصيني «شي جين بينغ» الذي يصور كشعبوي صيني مهووس بهيمنة الصين على العالم وهزيمة أميركا، رغم رفضه وحتى استهزائه بفرضية فخ ثوسيديديس الأميركية). لكن هذا لا ينفي حقيقة أن النمو الصيني المتواصل أحدث (ويحدث) هزة في أركان الإمبراطورية الأميركية وأصبح يهدد الهيمنة الأميركية على العالم بجوانبها المختلفة وهذا بيت القصيد، فالهيمنة الإمبريالية هي حجر الزاوية في نظرتهم إلى العالم.
الحرب والربح: كيف نفهم الحرب؟
في ثنايا قصة الصعود الصيني فكرة أساسية وجوهرية (تستعاد منذ فترة في أدبيات المثقفين الجنوبيين) تقوّض جذرياً الأساس الايديولوجي والدعائي للسردية الغربية للهيمنة على العالم، كما تنسف الرؤية الأوروبية المركزية للعالم والتاريخ بالإجمال. فهيمنة أوروبا، ولاحقاً أميركا (أوروبا وأوروبا الجديدة) على العالم في القرون الثلاثة الماضية لا تبدو مع صعود الصين (أو عودة الصين، كما يقول الصينيون) أكثر من انحراف مؤقت في مسار التاريخ الإنساني الذي كان الشرق لآلاف السنين مركزه ومهد حضارته وقوته المهيمنة – يذكر أليسون بكثير من الغيظ (والاستعلائية البيضاء المقيتة) كيف أن الصينيين لا يتحدثون عن صعود ومنافسة، بل عن مجرد استعادة لمكانتهم الطبيعية في قمة العالم – ربما يكون هذا الزعم الصيني مهماً، ليس من ناحية كونه حقيقة تاريخية، أم لا، كما كتب العديد من مؤسسي مدرستي التبعية والنظام العالمي (اندريه غندر فرانك اعتبر الهيمنة الغربية على العالم في كتابه «إعادة التوجيه: الاقتصاد العالمي في العصر الآسيوي»iii مجرد نقطة على شاشة عالم كبير كان، ويصبح، وسيكون آسيوياً)، بل من قبيل أهميته كمركب لسردية جديدة وأيديولوجيا بديلة لعالم جديد يتشكل. وطبعاً هذه الفكرة ليست جديدة بحد ذاتها من ناحية المبدأ لدى دارسي التاريخ الجديين: يذكر المؤرخ العبقري إريك هوبزباوم في «عصر الثورة ١٧٨٩-١٨٤٨» أن عصرنا الحالي بمجمله (كَبُنى سياسية واقتصادية واجتماعية وكأيديولوجيا سائدة وحتى كمفردات جديدة أضيفت للمعاجم أو قديمة أعيدت صياغة معناها) تم التأسيس له وتشكيله فقط في تلك السنوات الحاسمة التي أرخ لها في الجزء الأول من ثلاثيته – أو رباعيته إذا أضفنا «عصر التطرف: القرن العشرين القصير ١٩١٤-١٩٩١» (ناقشته هنا في «الأخبار» سابقاً). لكن صراع الهيمنة في جانب أساسي منه هو في الجوهر صراع وقتال من أجل أسلوب وطريقة حياة وآليات تمويلهما. إنه صراع من أجل استدامة هيمنة وإعادة إنتاج النموذج الغربي الإمبريالي والحفاظ على آليات تدفق الثروة والفائض للغرب من كلّ أركان الأرض. هكذا بالضبط يمكن فهم أهمية ووظيفة الحرب والصراعات وأحزمة الموت وعدم الاستقرار الذي يشهده العالم (وتحديداً الوطن العربي). ولهذا، فإن كان كتاب لينين عن الإمبريالية هو الكتاب الأهم فعلاً لفهم طبيعة الصراع الدائر في العالم فإن قانون القيمة عند ماركس هو الآلية التي تكشف جوهر الصراع، لأن كل عالم اجتماع أو مؤرخ أو حتى عالم اقتصاد أو سياسة جدي يعرف أنه لا يوجد حقاً نظرية اجتماعية جدية إلا إذا كانت مبنية على نظرية القيمة (الفصل الأول من رأس المال ج١ لوحده يعادل في قيمته المعرفية برأيي الكثير مما ينشر كل يوم، إلا إذا افترضنا أن ترهات ما بعد الحداثة نظرية عظيمة وأن فوكو ودريدا منظرين ثوريين كما يفترض عرب نظرية «ما بعد الاستعمار»). لهذا بالضبط لا يمكن إدراك حقيقة ما يجري في العالم والآليات التي تحكم وتضبط عملياته وتحولاته استناداً إلى سردية أليسون الأميركية وبدون الاستناد لرؤية اقتصادية – سياسية.
لهذا أيضاً، كلما قرأنا عن الحرب أكثر نكتشف أن الخبراء العسكريين، وبدرجة أكبر الجنود والأفراد الأكثر قرباً من ساحة المعركة، هم في الحقيقة أقل من يفهم معنى ووظيفة الحرب والدمار والقتل في السياق الكبير للتاريخ، برغم إدراكهم للجانب التقني للسلاح ومعرفتهم الأكبر بإدارة ساحات المعارك. فدورة الحرب هي دورة اقتصادية -اجتماعية أساساً لا تفسرها أدبيات تاريخ الحروب ولا العلم العسكري المتخصص الذي لا يعمل إلا على تشييء مفهوم الحرب (رغم متعة قراءتها أحياناً)iv. لهذا السبب بالضبط يمكن ملاحظة نزعة تاريخية متميزة في تطور الرأسمالية نحو تدمير الإنسان وتدمير المجتمعات وربما العالم لاحقاً، فالقتل في الحروب لا يولد الربح وتراكم رأس المال فقط، بل ويعمل على تغطية العجز (الكبير أحياناً) الناتج من عمليات الاستهلاك غير العسكرية، أو أن الحرب في حالة الاقتصاد الرأسمالي تساهم في تسديد العجز الناتج عن أزمة الاقتصاد غير العسكري (المدني).
صحيح أن الحرب والإنتاج العسكري بحد ذاته لا ينتج شيئاً (أو لا ينتج شيئاً مفيداً، ويمكن للبشرية العيش والاستمرار دونه، بل إن فرص العيش والاستمرار أكبر دونه). لكن العسكرة والحروب تعمل باستمرار على إعادة جدولة قانون القيمة أو إعادة جدولة العلاقة مع القيمة باستمرار عبر سحق قيمة الإنسان الجنوبي تحديداً وقيمة قوة عمله – باختصار: لهذا يتم تبادل سلع الدول القوية بأضعاف قيمتها الحقيقية، وتبادلها بأضعاف وأحياناً عشرات أضعاف قيمة السلع المنتجة في دول الجنوب (هكذا أصبح الشمال غنياً والجنوب فقيراً). هذا أحد الأسباب التي دفعت بالرأسمالية العالمية لتحويل مجتمعات الجنوب (والوطن العربي تحديداً وحتى العالم حين يكون ذلك ضرورياً) لحقل رماية مفتوح خلال القرون الثلاثة الماضية (ناقشت هذه النقطة سابقاً هنا في الأخبار). فالقيمة تتحدد وتتقلب استناداً إلى القوة، ولهذا، وهكذا، يحصل الاستغلال – باختصار، مرة أخرى: علاقات السوق والتبادل هي بجوهرها علاقات طبقية وعلاقات قوة وهو ما يفسر كون السعر دائماً أعلى كثيراً في حالة سلع دول الشمال (أو أقل كثيراً في حالة دول الجنوب) من القيمة الحقيقية للسلعة.
حتمية الحرب: الإمبريالية كعلاقة سوسيولوجية
ما يميز النص اللينيني عن الإمبريالية هو المدخل السوسيولوجي (البنيوي لحدّ ما) الذي يتجاوز قصور النظرة الاقتصادية البحتة والمجتزئة التي حكمت رؤية روزا لوكسبورغ، التي رأت فقط أهمية الأسواق والأرباح وتدفق رأس المال والفائض بالنسبة إلى الإمبريالية، فيما رأى لينين أن رأس المال يسعى أساساً لتأكيد وتمكين حكم رأس المال وسيادة وإعادة إنتاج العلاقات الرأسمالية حتى ولو كان ذلك على حساب الربح أحياناً (يمكن لرأس المال أن يضحي بالربح وحتى تقبل خسارة اقتصادية باهظة من أجل إعادة إنتاج العلاقات الرأسمالية). رؤية لينين هذه تضيء على الجانب «العقلاني» في رأس المال التي ربما تكون أحد أهم أسباب عدم اندثاره حتى الآن وقدرته المستمرة على إعادة إنتاج العلاقات الرأسمالية.
ونص لينين، كذلك، يتجاوز بهذه الرؤية فرضية أهم منظري الاشتراكية الألمانية حينها، كارل كاوتسكي، عن «الإمبريالية العليا» حيث يمكن أن تحلّ الصراعات الإمبريالية بالتشارك وبتوحد العالم الإمبريالي الأول لاقتسام الغنائم والتشارك في اقتسام العالم بالتراضي. رؤية كاوتسكي في الحقيقة تغفل الحقيقة الجوهرية التي أدركها لينين بعمق عن رأس المال القائم على المنافسة والتضارب والصراع لا المشاركة والتقاسم. فرأس المال يسير بمعدل وتيرة أرباح قائمة على حساب رأس المال الآخر أصلاً، والتضارب وعدم القسمة ورفض المشاركة هي جزء من طبيعة رأس المال البنيوية وجزء من نسيجه الذي يعمل في سياق التنافس كذلك على سحق الطبقة العاملة (وهذه قضية أخرى مهمة في سياق آخر).
بعد قرن من المناظرة الشهيرة ينصف التاريخ رؤية لينين العبقرية، فلا يبدو اليوم أن الرأسمالية خاضت حربين عالميتين داميتين ومدمرتين من أجل الأرباح والمكاسب المباشرة حقاً. المنحى السوسيولوجي (العلاقات المؤسسية وإعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية القائمة من أجل إعادة إنتاج نظام رأس المال) يفسر النزعة التاريخية للرأسمالية للتدمير والموت والخراب وحتى الخسارة الباهظة اقتصادياً حين يتطلب الأمر ذلك. هذا يعني أولاً أن الدعوة الصينية للمحاصصة واقتسام العالم لن تجد أذناً صاغية في واشنطن، فالإمبريالية الأميركية تقتل وتدمر وتنشر الخراب من أجل الهيمنة أولاً وليس الربح والمكاسب فقط. ولأن الإمبريالية علاقة سوسيولوجية بأولوية سياسية، فهذا ما يجب أن يدفع دائماً لتوقع الأسوأ من رأس المال، فالحرب عملية سياسية أساساً وأولاً وأخيراً. ويعني ثانياً، أنه في السياق الكبير للصراع والتضارب الإمبريالي على الهيمنة، ربما تكون التضحية بالسعودية أو غيرها (وفق السيناريو الممكن الذي تفترضه هذه المحاولة) ثمناً بخساً ستدفعه الإمبريالية الأميركية بطيب خاطر للإضرار بالصين، ولو قليلاً.
السعودية: سيناريو الخراب
لو كنت طالباً مبتدئاً في العلاقات الدولية فستتعلم أساسيات منهجية بناء السيناريو، كون تركيب/ بناء السيناريو وأيضاً ما يسمى «ألعاب» أو «تمارين الحروب» والصراعات أصبحت منذ زمن أدوات معتمدة لإسناد صانعي القرار وراسمي السياسات (برغم أي نقد أو نقص لهذه المنهجية)v. وتركيب السيناريو ببساطة هو محاولة لتوصيف التبعات الافتراضية المتعددة الممكنة للأحداث والتي قد تقود بشكل معقول أو منطقي الحالة تحت الدراسة. أو كما يعرفها بيتر شوارتز في «فن النظرة بعيدة المدى» بأنه «مجموعة قصص للحالة التي يمكن أن يكون عليها العالم غداً، والتي تجعلنا نُقَدِّرْ ونتأقلم مع العوامل المتغيرة في ظروفنا» (ص: ٣)vi. باختصار، يمكن التفكير بمنهجية السيناريو مثل بناء سيناريو أي فيلم (ومن هنا أصلاً جاءت فكرة منهجية السيناريو) اعتماداً على مفاهيم ومركبات أساسية تؤخذ بعين الاعتبار مثل «القوى الفاعلة أو المؤثرة»، «العناصر الموجودة أو المحددة سلفا»، «الشكوك الحرجة»، و«العقدة»، الخ.
في قصة الصعود الصيني فكرة جوهرية تقوّض الأساس الدعائي للسردية الغربية للهيمنة على العالم
وفكرة بناء السيناريو، طبعاً، ليست جديدة، ولكن أهميتها تزداد في حالة الحروب وتفاقم الصراعات. ففي صياغة الحروب وصياغة التدخل والصراع هناك ما يسمى حساب المخاطر ـ سيناريوهات واحتمالات متعددة ومختلفة لا يمكن أن تغيب عن العقل الإمبراطوري (الذي يرى الآن في الصين قضية الأمن القومي والتحدي الأول والأهم). أحد السيناريوهات المحتملة الذي لا يجب تجاهله وبالتالي الاستعداد لتبعاته المستقبلية (من ضمن سيناريوهات متعددة) سيقود مع تصاعد الصراع الصيني الأميركي لخراب السعودية. هذا السيناريو يفترض أنه في أعقاب فشل تدمير إيران (الذي كان الإضرار بالصين أحد أسبابه) لعوامل داخلية إيرانية (وجود كينونة اقتصادية وبرجوازية محلية منتجة ساهمت في منعة إيران) ودولية (صعود روسيا والصين اللتين ساهمتا في الحؤول دون ذلك) ربما يكون البديل الثاني والأسهل والأكثر ربحاً هو استهداف السعودية – في أحد السيناريوهات الممكن تركيبها ربما يبدو هذا حتى خياراً أكثر عقلانية من وجهة نظر إمبراطورية كونه قد يؤذي الصين (ولاحقاً إيران) بشدة. فالصين هي الدولة الوحيدة تقريباً من بين كل الدول الصناعية التي ازداد وسيزداد طلبها على النفط وهو ما يعني أن أمن الطاقة واستقرار سوق النفط (ليس المهم السعر لوحده) هي نقطة ضعف الصين الأهم، أو كعب أخيل الصيني. والسعودية ليست مجرد دولة منتجة للنفط، بل هي «بيضة القبان» في سوق النفط (يمكنها زيادة إنتاجها إن اقتضت حاجة السوق بسرعة ما بين ٢-٤ ملايين برميل إضافي يومياً) وأي عدم استقرار فيها سينتج بالضرورة عدم استقرار في سوق النفط يضر بالصين ولا يضر بأميركا. ولو فكرنا بمنطق الحسابات والبيانات والأرقام البسيطة، فإنه لا يبدو أن السياسة الأميركية تجاه السعودية تستبعد هذا الاحتمال على الإطلاق. على العكس، فكل السياسات الأميركية الراهنة تجاه السعودية لا تفعل أكثر من زيادة احتمال هذا السيناريو وجعله أكثر واقعية كل يوم.
حين انخفض سعر البترول بين عامي ١٩٨١-٢٠٠٢، يقول علي القادري في «تفكيك الاشتراكية العربية»، لم تستطع السعودية الحفاظ على مستوى المعيشة السابق (انخفض معدل الدخل السنوي الفردي من ١٨ ألف دولار عام ١٩٨١ إلى ٨ آلاف عام ٢٠٠٠). ومع نهاية التسعينيات، كانت السعودية قد استدانت حوالى ٢٠٠ مليار دولار على شكل ديون قصيرة الأمد وبنسبة فائدة عالية جداً (ص: ١١). لهذا أصبحت نسبة من عاش على أو تحت خط الفقر في عام ٢٠٠٣ حوالى ربع السكان (٢٥٪) كما أشار أحد التقارير. لكن ارتفاع أسعار البترول مجدداً عام ٢٠٠٣ أعاد إلى الاقتصاد السعودي بعض توازنه وأنقذ النظام من معضلته (وهو ما أشار إليه أمير قطر السابق في التسجيل المسرب لمكالمته مع القذافي: «هي قضية وقت. هو لولا ارتفاع أسعار النفط اللي حصل خلال السبع سنوات الماضية، اقسم بالله ما في شي اسمه السعودية» – طبعاً نسي ابن آل ثاني أن حريقاً في السعودية قد تكون قطر بعضاً من حطبه). لكن هذا الارتفاع حدث هذه المرة في ظروف مختلفة. فبسبب السياسة النيوليبرالية المعتمدة (والتي يعتقد ابن سلمان في رؤيته أنها الخلاص) ازداد نفوذ القطاع الخاص وتم توجيه مزيد من المصادر باتجاهه وبعيداً عن السكان والفقراء الذين صُدم العالم بمشاهدة مستوى وطريقة حياتهم على الهواء أثناء زيارة الملك عبدالله لحي الشميسي في الرياض. لهذا بالضبط، سوف يكون تأثير الانخفاض الكبير في أسعار النفط الذي بدأ في نهاية عام ٢٠١٤ وانخفض بمقدار ٦٠٪ مختلفاً جداً (ولا يبدو حتى اللحظة أن هناك أفقاً أو إمكانية لعودته إلى أكثر من ٦٠ دولاراً خلال العامين القادمين حسب توقعات الخبراء).
بسبب الانخفاض الكبير الأول (١٩٨١-٢٠٠٣)، توقع طاقم التحليل الاقتصادي لمنطقة غرب آسيا التابع للأمم المتحدة في ثلاثة تقارير (٢٠٠٣، ٢٠٠٥، ٢٠٠٨) انهيار إقليمي وحذروا من احتمال عملية انتقال عنيف بسبب تصاعد اللاتوازن بين النمو الاقتصادي من جهة ومتطلبات التحولات الديمغرافية/ السكانية – طبعاً كان هذا التوقع لكل المنطقة ولكنه شمل بوضوح الدول المصدرة للبترول كذلكvii. لكن البيانات الآن تشير إلى أن عائدات النفط السعودي في عام ٢٠١٧ (وبرغم كونها أعلى قليلاً مما كانت عليه في العامين السابقين) ستكون نصف (٥٠٪) ما كانت عليه عام ٢٠١٣ حين شكلت عائدات النفط ٩٠٪ من دخل الدولة، حسب تقرير لـ«بلومبيرغ» . يضاف إلى كل هذا ثلاث سنوات من الديون قصيرة الأمد عالية الفوائد التي جعلت السعودية فعلاً كالبقرة تحلبها البنوك الغربية بلا رحمة حتى الموت. ثم جاء ترامب في أوج الأزمة لينهب ما يقارب الـ ٥٠٠ مليار دولار – في حالات أخرى، ينبغي توقع مساعدة الحليف لا دفعه نحو الهاوية.
خاتمة: الامتحانُ المَكْرَهْ لا المَنْشَطْ
مشكلة السعودية الأساسية هي غياب كينونة اقتصادية – كيان اقتصادي – سياسي – اجتماعي ذو دافع وزخم ذاتي للنمو والتطور. فلا يوجد حقاً قطاع صناعي أو زراعي أو خدماتي أو حتى كفاءات علمية ذات معنى حقيقي يمكن الركون إليها في حالة الأزمة ولو جزئياً (عشرات/ مئات رسائل الدكتوراه في الشريعة عن كفر «الروافض» لن تنتج رغيف خبز واحد حين يجدّ الجد). الاقتصاد بمجمله تقريباً قائم على ريع النفط. وفيما عائدات النفط تتراجع بشكل كبير، تدخل السعودية في حروب طويلة ومكلفة جداً (مباشرة وبالوكالة) في كل المنطقة، فيما الدين ذو الفوائد العالية يتزايد وما كان من مدخرات يمكن الركون إليها وضعتها مملكة الخير كلها تقريباً بتصرف الرجل البرتقالي ـ لكل مسؤول سعودي يهمه وطنه وناسه: دعك من خرافات الرؤية وتمسيح الجوخ. احسبها بالورقة والقلم فقط وتخيل الحال بعد خمس سنين. ماذا تستنتج؟
العامل الأخير هو رؤية المخلص ابن سلمان الذي دفع الملايين مقابل استشارة غبية تتلخص بكلمة واحدة: الخصخصة. نسي من صاغ له هذه الرؤية أن يربط بين الخصخصة وتسارع تزايد الفجوة الحتمي بين الفقراء والأغنياء في الداخل وتصاعد الغضب الذي يعقب ذلك عادة. لكن، يبدو أن ابن سلمان بشخصه ورؤيته هو رجل مرحلة الخراب بامتياز، ويمكن الرهان أنه لن يدخل التاريخ أفضل مما دخله أبوعبدالله الصغير، آخر ملوك غرناطة (يحكى أن الإسبان هم من سماه «الصغير»، فيما سماه أهل غرناطة بـ «الزغابي»، أي «المشؤوم»).
في أوج الحرب العالمية في وعلى سوريا، ظل أهلنا هناك ينتجون غالبية احتياجاتهم الغذائية. أما في السعودية التي تشتري أغلب ما تحتاج من الخارج، فيمكن تخيل (وأقول ذلك بكل الألم كعربي يحب أهلنا في الجزيرة العربية بحق) أن تبعات انتقال عدم الاستقرار للجزيرة سيكون مختلفاً جداً. ربما يضر الصين فعلاً، كما قد ترغب إمبراطورية اليانكي. لكن، في غياب الكيان الاقتصادي والإنتاجي المحلي الحقيقي يصبح الاستنتاج منطقياً: أي هزة عنيفة في مضارب آل سعود لن تبقي حجراً على حجر.
ملاحظة: هذه المحاولة هي اختصار لنقاش مطول مع الصديق علي القادري في بعض الكتب التي تناقش المنطقة. أي سوء تقدير أو تعبير أو استنتاج هو مسؤوليتي وحدي.
الهوامش
i- Allison, Graham. 2017. Destined for War: Can America and China Escape Thucydides’s Trap? NY: Houghton Mifflin Harcourt Publishing Company.
ii- George Friedman. 2009. The Next 100 Years: A Forecast for the 21st Century. NY: Doubleday.
iii- Andre Gunder Frank. 1998. ReOrient: Global Economy in the Asian Age. Berkeley: University of California Press.
iv- على سبيل المثال : Stephen Biddle. 2004. Military Power: Explaining Victory and Defeat in Modern Battle. Princeton: Princeton University Press; Ian Morris. 2017. The Age of Modern Warfare (Stratfor Worldview).
v- للمهتم يمكن الاطلاع على أحد أوائل الأعمال الخاصة ببناء السيناريو(Herman Kahn. 1962. Thinking about the Unthinkable. New York: Horizon Press). أو
مراجعة مختصرة مفيدة لأدبيات بناء السيناريو: Dong-ho Han. Scenario Construction and Its implications for International Relations. The Korean Journal of International Studies, Vol. 9, No. 1 (June 2011), 39-65
vi- Peter Schwartz. 1991. The Art of the Long View. New York: Currency Doubleday.
vii- تقارير الايسكوا
UN (2003). Analysis of Performances and Assessment of Growth and Productivity in the ESCWA
Region (New York: United Nations).
—(2005) Survey of Economic and Social Developments in the ESCWA Region 2004–2005
(New York: United Nations).
—(2008). Survey of Economic and Social Developments in the ESCWA Region 2007–2008 (New York: United Nations).
* كاتب عربي